منذ زمن ليس ببعيد والجميع يسمع ويرى التقدم الذي حظيت به محافظة خليص – والتي تُعد من أهم المحافظات بمنطقة مكة المكرمة – في عدد من المجالات الاستثمارية والاقتصادية، والجوانب الثقافية، والكثير من الوقفات التاريخية، كدليل قاطع أن وراء ذلك حراكا اجتماعيا ثقافيا..
فقد نظم وإلى وقت قريب عدد من المحاضرات، من المؤرخين والأكاديميين لإبراز تاريخ المحافظة، باعتبارها (درب الأنبياء)، وبها العديد من الشواهد والموروثات التاريخية، التي ترتقى للحديث عنها ، ونبش الماضي لتجديد ذاكرة الأجيال.. والمتابع لهذا الحراك لا يرمي الكلام جزافا، من الثناء والمديح والإطراء فقط، وإنما هو الواقع بعينه في صورته الذهنية، التي تراها العين وتسمعها الأذن وتبهر الأنظار، متى ما حلَّ بها زائر أو ساكن أو مسؤول، جاء ليقف ويتابع ويُقَيِّمْ التجربة والإنجاز الحضاري الذي عاشته المحافظة ماضيا وتمسكت به حاضرا، وينتظره أعيان مجتمعها، وشبابها من الأجيال الطموحة، بعد أن وفقهم الله في الحصول، على أعلى درجاتهم العلمية، في الطب والهندسة والطيران، والدراسات البحثية والعلمية، يقف إلى جانبهم رجال التربية والتعليم، تشجيعا وتحفيزا، وكذا أساتذة الجامعات، بمختلف التخصصات، فكانت تلك التجربة الثرية، فكرا ومنهجا، كحق من حقوقهم الوطنية، لترسخ في أذهان من عاش وترعرع، ونشأ على أرضها، وإن غادرها ليؤدي واجبه الوطني بإخلاص، في القطاع الأمني أو المدني، ومن شرف أن يكون في الصفوف الأمامية ، للدفاع عن حمى وقدسية بلاده، مضحيا بالنفس والنفيس، باذلا روحه فداء لوطنه، فكانت المحصلة الإيجابية لبناء الإنسان، وتميزه بغرس روح الانتماء الوطني.
وفي زيارة سابقة لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة المكرمة، تخللتها ورشة عمل تمت إدارتها بطريقة نموذجية، تحت مسمى (المشاركة المجتمعية) في ثلاث محافظات (خليص ورابغ والكامل)، في حوار فكري ومداخلات تنم عن محتوى الورشة، وأهدافها وأبعادها الزمانية والمكانية، اتسمت بالصراحة أمام رجل دولة ومفكر وأديب وحاكم، بحجم الأمير خالد الفيصل، الذي ظل مستمعا لذلك الحوار والطرح الهادف، طيلة زمن الورشة، ومديرها يتنقل في طرح تساؤلاته، لعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام في المحافظات الثلاث، وهُم يتحدثون بكل أريحية وثقة، بأن تساؤلاتهم ستجد إجابة شافية، ودعما معنويا وإداريا من أمير المنطقة، إلى أن حان وقت حديث الأمير، ببلاغة الأديب، وذكاء الأمير، وحرص المؤتمن الجدير.
لتكون مفاتيح التنمية ومستقبل الوطن، ما تحمله أهداف ومضامين وطموح، مهندس رؤية المملكة 2030، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين، القائد الذي تسبقه أفكاره وقراءته لتحقيق آمال الأجيال .. ولاشك أن النجاح والتنمية التي تعيشها محافظة خليص، وسر ذلك الحراك المستمر والعمل الدؤوب، كان وراءه الاختيار الموفق للإداري الواعي، الذي ساهم في صناعة ذلك الإنجاز، فمحافظ خليص السابق، الدكتور فيصل بن غازي الحازمي، الذي انتقل ليواصل نجاحه في محافظة الليث، وتم تكريمه أواخر الأسبوع الماضي، من قبل أعيان وأهالي المحافظة، دليل على إنجازاته بالرغم من كوني لم التق به، وإنما كنت متابعا ومتسائلا من بعض الأصدقاء والزملاء، من رجال المحافظة عن سر ذلك الانسجام.