وأنا أكتب هذا المقال تذكرت الطارة والمنسج .. تلك الأدوات التي نستعملها في نسج وتطريز القماش والرسم عليه بالإبرة والخيوط الملونة.قماشة المنظمات تغيرت تركيبتها .. وأصبحت خيوطا من ذهب وفضة وحرير ملون .. وتشكل برسمها ومكوناتها الإستراتيجية والتكنولوجيا والنظم والإجراءات والمناخ وثقافة المنظمة.
هذه الأدوات أصبحت في غاية الأهمية بالنسبة للمدراء وقادة المنظمات والمنشآت .. بواستطها يستطيعون أن ينتجوا قطعة القماش التي ترسم مستقبل شركاتهم ومنظماتهم من حيث الرؤية والغرض والرسالة والإستراتيجية والأهداف .. ووضع الخطط من خلال عمل جماعي وفريق متناغم .. حيث أن المتغيرات والتحولات أصبحت تلزم القادة على إشراك جميع العاملين في نسج هذه القماشة .. التي تعني المستقبل وتقودها إلي النجاح .. لقد ولي الزمن الذي يستقل وينفرد الرئيس في صنع هذه الخيوط وإنتاج القماشة بمفرده.
عادة ما ينغمس المدراء وموظفوهم في التعامل مع النشاطات والعمليات اليومية .. ويغيب عن وعيهم الالتفات إلى تحقيق الرغبة الملحة والجامحة لدي المدراء والموظفين في المشاركة الفعالة في صنع رؤية وإستراتيجية منظمتهم .. حيث أثبتت الدراسات أن الموظفين يصبحون أكثر إنتاجية ونشاطا وتفاعلا وقناعة إذا ما شاركوا القيادة العليا في صنع توجهات منظمتهم.
والسبيل إلى تحقيق ذلك الهدف .. هو عقد لقاءات المراجعة الإدارية أو ما أسميه أنا .. بالخلوة الإدارية .. وذلك بمشاركة جميع القيادات وإختيار ممثلين عن موظفي الإدارات .. للمشاركة في إحداثيات الخلوة الإدارية .. التي يجب أن تعقد بعيدا عن مقرات الشركة ومكاتبها .. واختيار المكان بعناية ودراسة دقيقة .. مما يتيح للمجتمعين الهدوء والراحة والاسترخاء وأن يكون ذا طبيعة خلابة ومحفزا للأفكار المبدعة والمبتكرة من عقول أعضاء الفريق .. إلى جانب اختيار مرشد وقائد للفريق من خارج إداريي الشركة .. شريطة أن يكون مؤهلا ولديه رخصة تشهد له بذلك.
أما اليوم حيث يصعب اللقاء المباشر بين البشر في الخلوة الإدارية .. نظرا لمتطلبات وشروط التباعد الاجتماعي وفي ظروف الغلق لمجريات الحياة .. والاكتفاء بممارسة الأعمال عن بعد .. لذلك يجب أن تصمم ندوات الخلوة الإدارية .. على ان تعقد أيضا عن بعد .. عبر تطبيقات التواصل المرئي .. وأن يتخللها بعض النشاطات والتمارين الجماعية وذلك بتوظيف أدوات وأجهزة الواقع الإفتراضي المعزز .. وتوظيف منتجات الطابعة ثلاثية الأبعاد وبعض الأدوات والرسومات والتركيبات التي تشكل في مجموعها عمل الفريق الواحد.
لا شك أن الخلوات الإدارية التي تعقد عن بعد .. تشكل تحديا كبيرا للمنظمات ولكن يمكنها من تحقيق الأهداف .. وخصوصا أن جميع المنظمات والشركات يجب أن تعيد ترتيب أوضاعها من جديد وذلك بإعادة إنتاج ورسم قماشة المنظمة بناءً على مقتضيات الواقع الجديد لما بعد زمن الكورونا.