المدينة المنورة ـ محمد قاسم
أكد عدد من أهالي حي سيد الشهداء بالمدينة المنورة، أن المشاريع التطويرية التي يشهدها الحي خلال الفترة الحالية تهدف لترقيته وتحسين مستواه، من خلال تهيئة البنية التحتية والمرافق الموجودة فيه، بالإضافة إلى عمليات تطوير وتأهيل واجهات المباني المطلة على الميدان، ما يسهم في الارتقاء بالحي بيئياً وتحسن الرؤية البصرية، لافتين إلى أن أهمية تأهيل وتطوير الأحياء القديمة في المدينة المنورة تهدف إلى تحويلها لمشاريع تنموية حضارية، تُحسن الأوضاع السكنية والخدمية كافة مع الحفاظ على مكانتها التاريخية والنسيج الاجتماعي المتماسك فيها، مؤخرا قامت هيئة تطوير المنطقة وأمانة المدينة بتأهيل أكثر من 5000 مبنى سكني في منطقة سيد الشهداء بنسبة إنجاز بلغت 80 %، تشمل أحياء طريق المطار وتلعة الهبوب، بالإضافة إلى الأحياء الواقعة على سفح جبل أُحد, وصولاً إلى ميدان سيد الشهداء ، والذي يرتبط بذاكرة المسلمين كونه يقع في منطقة شهدت غزوة أحد، وفيها مُقبرة سيد الشهداء بالإضافة إلى قربه من جبل أحد وجبل الرُماة، وتطويره هذا الحي يعد تجربة تتميز عن التجارب العالمية المُماثلة بإبقاء السكان في منازلهم وتحسين البيئة الخارجية والمرورية والخدمية لهم، مع مراعاة تطبيق أعلى معايير الأمن والسلامة.
سجل تاريخي
عبد الرازق سليمان العوفي أحد سكان الحي أوضح بقوله: وجدت منطقة حي سيد الشهداء بالمدينة المنورة اهتماماً بالغاً من قبل الدولة لما تحمله هذه البقعة من سجل تاريخي حافل بتفاصيل التاريخ والحضارات المختلفة والتي تميزها عن كثير من الأحياء والبقع الأخرى.
كما تحمل هذه المنطقة عنواناً بارزاً من أعظم عناوين التاريخ الإسلامي والتي تتمثل في موقعة أحد ، مما جعل زيارة المنطقة مطلباً لكافة الشعوب الإسلامية حيث جبل الرماة وموقع الواقعة ومقبرة الشهداء والجامع الذي بني على طراز معماري متقدم.
كذلك الحي السكاني الواقع بين تلك الأماكن وبين جبل أحد تسكنه العديد من الأسر والذين ساهموا كثيراً في الربط الثقافي بين مرتادي موقع غزوة أحد من الزوار والمعتمرين من جميع أنحاء العالم وبين أبناء المدينة المنورة مما أبرز الدور الفكري والحضاري لدى سكان تلك البقعة .
لذلك يتميز سكان منطقة شهداء أحد بحضارة فكرية متنوعة بحسب تنوع زائري ذلك المكان من جميع فئات مسلمي الكرة الأرضية ما جعل المقر يزخر بتبادل الثقافات والمعارف ، ومن يقف على ذلك المكان سيجد من يتحدث بعدد من لغات العالم.
وأضاف بقوله : قضيت في تلك الأروقة والأزقة فترة طويلة ولا أزال أزور هذا المكان بشكل يومي لما فيه من بساطة ممزوجة بالأخوة والتراحم والتقارب،حيث يشعر فيها الجميع بمشاعر الآخرين، ويقتربون من زوار الحي ويبادلونهم العطايا والهدايا، ولا يتأخرون في إجابة من سألهم عن تاريخ المنطقة وأثرها.
وأضاف أن هيئة تطوير المدينة وأمانة المنطقة حولت المظهر الخارجي للحي والأبنية فيه إلى طراز معماري يحاكي التاريخ بألوانه وديكوراته، ومن زار طرفاً من الحي في هذا الوقت يستلهم التاريخ والحضارة مما يراه من أبنية ومشاهد وتلاحم وتقارب وتعاطف.
مسجد الشهداء
ومن جانبه أوضح الدكتور عبدالعزيز بن عبد الرحمن الرفاعي إن حي سيد الشهداء من الأحياء التاريخية التي تستشعر فيها الإنسان بعمق الماضي والروحانية، سيما أنه الحي الذي وقعت فيه غزوة أحد الشهيرة في السنة الثالثة من الهجرة وفي هذا الحي يقع جبل أحد المبارك الذي أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه جبل يحبنا ونحبه وجاء في بعض الروايات أنه جبل من جبال الجنة. وفي هذا الحي يوجد جبل الرماة الشهير الذي وقف عليه خمسون راميا من الصحابة أثناء غزوة أحد وفي هذا الحي دفن حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم وسيد الشهداء الذي ينسب الحي له وأيضا دفن في هذا الحي شهداء أحد الذين كان يزورهم النبي صلى الله عليه وسلم بين فينة وأخرى ، وفي هذا الحي يوجد وادي قناة الشهير أحد أهم أودية المدينة والمذكور في السيرة النبوية ويوجد الحي يوجد شعب الجرار الذي انحاز إليه النبي صلى الله عليه وسلم في آخر معركة أحد وهو مذكور في كتب المؤرخين .
ويوجد مسجد شهداء أحد وقد بُني حديثا بأجمل بناء وأحدث طراز فكان تحفة معمارية وتصميما هندسيا رائعا تعلوه قبة جميلة ومئذنتان طويلتان فكان هذا المسجد هو أكبر مسجد بالمدينة المنورة بعد المسجد النبوي الشريف حيث شيد على مساحة 54 ألف متر مربع.
ويتسع مسجد “سيد الشهداء لـ 15 ألف مصلٍ ووفرت في محيطه مجمل الخدمات والمرافق المساندة، كما يوجد الحي يوجد مسجد الفسح الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جمعا دون قصر وهو جالس بسبب الجراح التي أثخنته في غزوة أحد. وتوجد المهاريس التي غسل منها النبي صلى الله عليه وسلم الدماء التي أصابته في غزوة أحد و المهاريس هي النقر التي تكون في الجبل ويجتمع فيها الماء أثناء هطول الأمطار إذاً هذا الحي مليئ بالمعالم المرتبطة بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو جدير بالاهتمام والعناية ،كذلك يوجد في حي سيد الشهداء كثير البساتين والمزارع والتي تنتج أفضل أنواع الرطب والتمور، وبعض الآبار التاريخية. وأضاف الدكتور الرفاعي أسكن هذا الحي منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاما ولنا فيه ذكريات وعشت فيه طفولتي ونشأت بين أحضانه
وكان الوالد رحمه الله في غاية الفرح والإنبساط في السكن في هذا الحي لأن هذا الحي فيه روحانية عجيبة فهو من الأحياء التاريخية ، كما كان الوالد ــ رحمه الله ــ عندما يسأله أصدقاؤه لماذا اخترت السكن في هذا الحي يققول لهم لأن هذا الحي فيه جبل أحد وهو جبل من جبال الجنة وأنا أرجو كما جاورنا هذا الجبل في الدنيا أن نجاوره في الآخرة في الجنة. وفي الراهن أصبح هذا الحي من الأحياء التي طبق فيها مشروع أنسنة المدن وذلك بجعل المكان صديقا للبيئة وصديقا للإنسان، ويعيش أبناء وأهل هذا الحي فيما بينهم في نسيج اجتماعي جميل وتآلف طيب، فأغلب أهل هذا الحي من البادية الذين يتميزون بالصفات العربية الأصيلة مثل الكرم والمساعدة وبذل المعروف والترحيب بالضيف. وهناك عادة جميلة لبعض أبناء هذا الحي وهو التزاور فيما بينهم بشكل دوري فكل يوم يكون الاجتماع وشرب القهوة عند أحدهم وتداول أطراف الحديث والسؤال عن أحوال بعضهم والذي تكون عليه النوبة يجعل بابه مفتوحا وهو إشارة إلى الترحيب ودخول الضيف مباشرة إلى المجلس سواء كان من أهل الدورية أو غيرهم.
معالم تاريخية
من جهته قال فؤاد المغامسي الباحث بمركز بحوث ودراسات المدينة المنورة بقوله تشهد المدينة المنورة اهتماما ملحوظا بالمواضع التاريخية ومن أهمها منطقة سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وهذه المنطقة التاريخية تضم فيها عددا من المعالم التاريخية متنوعة وأشهر معالمها جبل أحد الذي سميت الغزوة به والذي قال عنه النبي “جبل يحبنا ونحبه” وقد خاطب صلى الله عليه وسلم جبل وقال ” أثبت أحد” وفي رواية ” إهدأ أحد” وفي رواية ” أسكن أحد”، كما تضم منطقة سيد الشهداء جبل عينين والذي اشتهر باسم “جبل الرماة” والذي كان على ذراه الرماة وحدثت القصة كما في السيرة، وأيضا وادي قناة أحد أشهر أودية المدينة والذي ينتهي في منطقة مجمع الأسيال وقد سماه “قناة” تُبّع اليماني عندما زار المدينة قبل الاسلام، وأيضاً هناك المهاريس، والحصون والقلاع والنقوش والكتابات التي على جبل أحد.
فمنطقة سيد الشهداء تضم أيضاً مقبرة الصحابة رضوان الله عليهم الذين استشهدوا في غزوة أحد، وتحظى هذه المنطقة التاريخية باهتمام الجهات الرسمية فكان مسجد وجامع سيد الشهداء الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وأما الدور المحيطة وساحات الميدان فهو محط اهتمام أمير منطقة المدينة المنورة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان الذي أخضع المنطقة لبرنامج أنسنة المدينة المنورة ويعمل هذا المشروع الرائد في ابراز جماليات العمارة الإسلامية.
وجهة سياحية لزوار المدينة
تعتبر هذه المنطقة وجهة سياحية لكل زوار المدينة المنورة التي تحمل في وجدانهم قصص المكان في سيرة نبي هذه الأمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما تعتبر منطقة اقتصادية فيكثر فيها الباعة الذين لهم وجود في هذا المكان على مر التاريخ كما ذكرهم الرحالة في اللذين زاروا المدينة في القرون الماضية.
وقال الدكتور/صلاح سليمان الردادي رئيس مجلس إدارة جمعية سكر بالمدينه رئيس اللجنة الزراعية بغرفة المدينة المنورة ومدير عام فرع وزارة الثقافة والإعلام سابقا ان حي الشهداء والمعروف سابقا سيدنا حمزة فهو من أحياء المدينة المنورة القديمة التي لها مكانة تاريخية منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عندما وقعت معركة أحد بين المسلمين وكفار قريش في السنه ٣من الهجرة كما أن لها مكانة دينية في نفوس زوار المدينة المنورة من الحجاج والمعتمرين ويحرصون كل الحرص على زيارة شهداء أحد اقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ولعلي أتحدث باختصار شديد عن التطور الحضاري الذي شهده الحي خلال الخمسين سنة الماضية حيث تعلمت ودرست في مدارسها مدرسة حمزة بن عبد المطلب وكان لا يتجاوز عدد السكان 500 مواطن وكنا نعرف بعضنا البعض ويجمعنا مسجد الحي والمناسبات الاجتماعية التي تقام وخاصة في الأعياد والأعراس وكان هناك تعاون وتكاتف بين السكان ويعيشون كأسرة اسرة واحدة وقد شهد الحي نقلة نوعية خلال السنوات الاخيرة بعد أنسنة الحي بناءً على المبادرة التي اطلقها صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة وتم تطبيقها في بعض الأحياء الأخرى بعد أن أثبتت نجاحها للأحياء القديمة في المنطقة.