ذكريات

الحاجة قائمة لشركات تصدر صحفاً ورقية وإلكترونية وإذاعات

حاورته – مها العواودة

عبدالعزيز خوجه شاعر ووزير وسفير قال ذات يوم إن عصر الصحف انتهى، ثم عاد هنا ليقول إن الحاجة قائمة لشركات مساهمة مغلقة تصدر صحفا ورقية وإلكترونية واذاعات وسينما تقوم على أنقاض المؤسسات الصحفية.. فتح قلبه (للبلاد) بعفوية معهودة وتحدث عن محطات العمل ونالت الجوانب الثقافية في شخصيته نصيبا كبيرا نجم عن حب عظيم.

الشاعر أبقى
• سألناه في البدء عن أقرب محطات العمل في مجال الوزارة والدبلوماسية قياسا لملكة الشعر فقال:
** أنا مجموعة من هذه الأشياء، الوظائف والمناصب تأتي وتذهب، ولقد تعلمت واستفدت منها بلا شك بل وساعدت في تكوين شخصيتي تاركة أثراً فيها، لكن الشعر ولد معي وعاش معي، كل هذه المناصب ترابطت مع بعضها البعض وكونت شخصيتي، دراستي وعملي وموهبتي كلها روافد صبت في تكوين الشخصية، لكن الموهبة الموجودة عند عبد العزيز الإنسان هي الشعر، فأصبحت الشخص – الشاعر – الموجود في كل هذه المناصب وكانت القاعدة العميقة من التجربة حتى تكونت أنا.

لكل بلد نكهته
• التنقل في عدة دول كسفير للمملكة.. أي الدول عشت وتعايشت وتكيفت معها؟
* الذهاب كسفير لأية دولة، لا يكون بصورة شخصية وإنما مسؤولية لأداء مهمة محددة وكبيرة، وليس للسياحة، فأنا أمثل مليكي وبلادي الكبيرة .
وكل بلد أذهب إليها أعيش فيها بثقافتي وأتعلم منها، وأتعايش مع شعبها ومثقفيها ومفكريها وأدبائها وأنهل من تاريخها وثقافتها وحضارتها الشيء الكثير.. أن تعيش في مكان قرأت عنه يعني تجربة أكثر ثراءً ومعرفة.. كل بلد عملت فيه سفيراً له نكهته وظروفه الخاصة، فكانت تجربتي الأولى كسفير في تركيا تعلمت من هذه التجربة الشيء الكثير في الثقافة والسياسة، وعندما ذهبت للاتحاد السوفيتي كأول سفير للمملكة في موسكو، كانت مهمة كبيرة جدا وتجربة مثرية وجديدة تعلمت منها الكثير قرأت خلالها الادب الروسي ولعباقرته والرواية والشعر والموسيقى ووجدت نفسي في هذا المناخ، كانت نقلة نوعية وتجربة كبيرة عشتها وتفاعلت معها، وكأول سفير سعودي كان لها دلالة كبيرة في نفسي.

النهاية المحتومة
• في تجربتك السوفيتية عايشت رياح البيرسترويكا هل رأيته التغيير الأنسب لهذه الدولة؟
** كانت نهاية محتومة للنظام الشيوعي في ذلك الوقت .. البيرسترويكا كانت بداية الطريق لإنهاء الاتحاد السوفيتي والمفهوم الشيوعي، بعد ذلك كان من السهل تفكك الاتحاد السوفيتي.. والعالم كان يراقب بحذر هذا التحول .. انهيار كيان عملاق في مدة بسيطة حدث كبير وكان متوقعا لان الانسان لا يجب ان يبقى نسخة واحدة ولا أن يوجه كآلة.. طبيعي جدا انهيار الفكر نفسه والآن روسيا كبيرة جدا وكل الدول التي تحررت أصبحت دولا كبيرة لها كيانها.

الشاعر في لبنان والمغرب
• في محطتكم السياسية كسفير لم يخمد الشاعر في شخصيتك في أي الدول؟
** الثورة الشعرية تكون حسب المناخ الشعري وحسب الظروف، ففي لبنان والمغرب كانت لي تجربة شعرية كثيفة حيث كتبت أهم قصيدة “أسفار الرؤيا” في المغرب الذي أتاح لي هذه الفرصة نتيجة الجو الادبي والثقافي والإنساني في المغرب وكذلك لبنان من خلال مصادفة أدباء وشعراء يتحدثون نفس اللغة وتعيش نفس المناخ فيحصل تلاقح ثقافي وفكري كبير جدا ، لكن وجود الفكر والمفكرين العرب الذين يتكلمون نفس اللغة يتيح لك فرصة أكبر لتجربة أكبر ومعرفة أعمق، فحينها الإنسان يغوص في نفس اللغة والمفاهيم، تجربتي الشعرية في لبنان والمغرب ثرية وأشعر فيها أكثر في هذين البلدين.

مسافة واحدة
• في تجربتك اللبنانية كسفير كانت بيروت بؤرة نزاعات ولم يكن هناك قرار واحد، كيف عايشت هذه الظروف؟
* السفير عادة لا يتدخل في الشؤون الداخلية ونحاول أن نكون على مسافة واحدة من الطوائف خصوصا في لبنان، لأن هذه طبيعة التركيبة اللبنانية، هذه هي الفسيفساء اللبنانية ويجب التعامل مع هذه اللوحة بكاملها ويكون بحذر وعلى مسافة واحدة من الجميع.

• ذكرت في كتابك “التجربة” أن لبنان في التسعينات تعاظم فيه نفوذ حزب الله لماذا حدث ذلك وأين كانت الدولة أمام تمدد هذا النفوذ؟
** الحزب للأسف الشديد هو ممر نفوذ لدولة لها أطماعها التوسعية وهذه المشكلة الحقيقية في التعامل مع الحزب، الذي يمثل ولاية الفقيه، وهذه المشكلة الكبيرة في لبنان، الحزب حاكم عسكري لإيران في لبنان، رفع شعار المقاومة وهي بالواقع خدعت كثيراً من الناس، هذه مشكلة لبنان الحقيقية.
ضغوطات الحزب على الأطراف السياسية الآن تأخذ البلد من سيء إلى أسوء سياسيا واقتصاديا.

هذا هو الجاني
• تعرضت خلال تواجدك في بيروت لثلاث محاولات اغتيال من هم الجناة ؟ ولماذا؟
**الظروف والأمور المختلطة في لبنان هي وراء تلك العمليات.

انطلاقة الإعلام الجديد
• في تجربتك كوزير للثقافة والإعلام ما هو أبرز ما تحقق في هذه الفترة ومدى رضاك عن التجربة؟
** بدأت كوزير للثقافة والإعلام عام ٢٠٠٩ وتحقق الكثير من الإنجازات، أصبحت هناك هيئات، هيئة الإذاعة والتلفزيون وهيئة المرئي والمسموع والوكالة أصبحت هيئة للأنباء، وظهور الكثير من القنوات الفضائية المهمة مثل قناة القرآن الكريم والسنة النبوية وغيرها، فضلاً عن تجربة الصحف الالكترونية بمختلف أنواعها .. أشياء كثيرة تحققت بفضل الله فضلا عن حرية التعبير في الرأي، فترة عملي كوزير للثقافة والإعلام كانت انطلاقة للإعلام الجديد والتواصل الاجتماعي.

المشوار طويل
*هل حققتم كل تطلعاتكم في الوزارة اذ كنت أيضا وكيلاً للوزارة ولديك الكثير من المشاريع؟
** لقد بذلت كل جهدي لتحقيق تطلعاتي وأعطيت الكثير في تلك الفترة، لكن لا يمكن للإنسان أن يحقق كل شيء فالمشوار طويل وكل واحد في هذا الدرب يؤدي دوره ويأتي من بعده ليكمل المشوار وهذه طبيعة الحياة، فضلا عن ضرورة مجاراة التطورات السريعة والمتغيرات.
كما أن البنية التحتية لوزارة الإعلام بدون شك تمت في الوقت الذي كنت فيه وزيرا للثقافة والإعلام.

إنجاز عظيم
• الان كمتابع للحراك الثقافي والإعلامي كيف ترى ثمار فصل وزارة الثقافة عن وزارة الإعلام؟
** هذه من الإنجازات المهمة جدا التي أكرم الله بها المملكة في عهد الملك سلمان وولي العهد الامير محمد بن سلمان -يحفظهما الله – حيث تم تحرير وزارة الثقافة وأصبحت وزارة منفصلة ومستقلة، وهي منطلقة انطلاقة جبارة وقوية ولها آفاق واسعة، وأرى أنه من الطبيعي أن يكون لبلد بحجم المملكة وزارة ثقافة مستقلة فأرضها غنية وثرية بالثقافة والتراث والحضارة الإنسانية، كل شبر من بلدنا عليها حضارات متراكمة، الوزارة ترعى منطلقات كل ذلك.


الآن الوزارة يقودها وزير شاب طموح هو سمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، وهو منطلق انطلاقة قوية مشرفة، وجميل أن نرى ما يجري على أرض بلادنا مهد الحضارات. فصل الوزارتين عاد بالنفع والفائدة على الوزارتين، الإعلام فكر مختلف، والثقافة عمل تراكمي مختلف ليس له علاقة بالتغيرات، الإعلام سريع ومتحرك وله توجهاته. لكل وزارة عالمها وطموحها وافاقها التي ينطلق فيها بحرية أكبر بدون قيود وحدود وبدون ارتباط وعرقلة، كل واحد ينطلق بعالمه وآفاقه الخاصة به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *