متابعات

المغيسلة من حي مختنق إلى مساحات رحبة

 المدينة المنورة – محمد قاسم

تواصل أمانة منطقة المدينة المنورة برامجها لتحسين المشهد الحضري وإزالة مظاهر التشوه البصري وفق خطط تشغيلية تُسهم بها الإدارات والبلديات التابعة لأمانة المنطقة، وذلك ضمن مبادرة أنسنة المدينة التي تهدف لتعزيز البعد الإنساني في الأحياء المستهدفة من قبل أمانة المنطقة وباقي شركاء التنمية بتعزيز الأنشطة الثقافية وظروف الحياة الصحية وتحسين الحالة التعليمية والاجتماعية لسكان الحي، ومعالجة التشوهات البصرية في المباني السكنية.
وبدأت أمانة المدينة المنورة بالعمل على أنسنة حي المغيسلة وتطويره عمرانياً وبيئياً واقتصادياً، حيث تم استحداث مجموعة من الفرص والمواقع الاستثمارية في الحي، بالإضافة إلى استحداث ثماني مبادرات لدعم التنمية الاقتصادية بالحي تهدف إلى تطوير مناخ الأعمال والتعريف بالحي ودعمه كمركز جذب سياحي وتجاري في المدينة المنورة.

ويهدف برنامج أنسنة المدينة المنورة إلى تأهيل الأحياء السكنية القديمة لتكون صديقة للإنسان، وهو ما سيسهم في إحداث نقلة نوعية حقيقية ذات بعد إنساني في مدينة المصطفى – صلى الله عليه وسلم-، وقد تم اختيار حي المغيسلة ليكون ضمن الأحياء المستهدفة في مبادرة أنسنة المدينة، إذ يعتبر أحد الأحياء العشوائية المجاورة للمسجد النبوي الشريف. ويضم الحي مجموعة من المرافق الحكومية الهامة كإمارة المنطقة والأمانة، بالإضافة إلى المعالم الأثرية الموجودة داخل الحي حيث يحتوي على ما يقارب 70 معلما تاريخيا ودينيا.
وقد أعدت أمانة المنطقة خطة متكاملة ضمن برنامج التنمية الاجتماعية لتأهيل الحي والتي تهدف إلى تحقيق حياة معيشية أفضل، حيث تهدف التنمية لتحقيق هدف الصحة العامة للجميع عن طريق تحسين نوعية الحياة وتقديم الرعاية الاجتماعية وتنمية مهارات الشباب.


” البلاد ” تجولت في شوارع حي المغيسلة حيث أوضح فؤاد المغامسي الباحث والمهتم بتاريخ المدينة المنورة أن منطقة المغيسلة هي في بني دينار جنوب غرب المسجد النبوي على مسافة كيلومتر ونصف تقريباً, كانت حتى بداية القرن الرابع عشر الهجري تعتبر خارج السور الخارجي حتى تم انشاء محطة سكة حديد الحجاز مطلع القرن الماضي تم اعادة بناء بوابة السور الخارجي من جهته الغربية والتي تعرف باب العنبرية, في هذه الفترة تم انشاء باب صغير من الجهة الغربية خلف مسجد العنبرية من جهته الجنوبية عرف باسم باب “المغيسلة “مبنى من الحجر والطين, ويقع قرب برج عرف أيضاً ببرج المغيسلة, الذي هو ضمن امتداد السور الخارجي ويلتحم هذا البرج بالسور من جهة الغرب بأعمدة ودعامات باب المغيسلة ويلتحم هذا الباب من الجهة الأخرى بسور المدينة الملتحم بباب العنبرية.
وإستطرد أن مساحة حي المغيسلة تبلغ 1.400.000م2 وتحتوي على 3307 مبان ويبلغ عدد سكان الحي 26.277 نسمة، ويرجع مسمى المغيسلة إلى المزارع التي كانت موجودة ضمن نطاق الحي.

وتعتبر المغيسلة من المناطق التي لها ارتباط بتاريخ المدينة المنورة خاصة مسجدها الذي يعد من المعالم التاريخية المرتبطة بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم والذي يقع بمنطقة المغيسلة, والمعرف باسم مسجد بني دينار بن النجار من الخزرج ، قال ابن شبة عن عبدالله بن عقبة ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان كثيرا ما يصلي في مسجد بني دينار عند الغسالين وروى ابن زبالة عن أيوب بن صالح الديناري ” أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه تزوج امرأة من بني دينار فاشتكى ” أي مرض ” فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعوده هناك فكلموه أن يصلي لهم في مكان يصلون فيه فصلى النبي صلى الله عليه عليه وسلم في المسجد الذي ببني دينار عند الغسالين ) .
ومنزلهم كما قال ابن زبالة بدارهم التي خلف بطحان أي في الضفة الغربية مما يلي الحرة , وذكر أيضاً أن المسجد كان يغسل فيه وهو اليوم داخل حديقة تسمى المغيسلة .

ورأى السمهودي حجرا في المسجد عليه كتابة كوفية تنطق بما لفظه ( مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم )
وقد بنى صاحب المغسلة هناك مسجدا وجعل الحجر فيه ، وذكر السيد العباسي ان مساحته تبلغ شتى اذرع طولا وعرضا وهو مربع . مسجد بني دينار بن النجار من الخزرج روى ابن شبة عن يحيى بن النضر الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في مسجد بني دينار، وعن عبد الله بن عقبة بن عبد الملك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيرا ما يصلّي في مسجد بني دينار عند الغسالين.
وروى ابن زبالة عن أيوب بن صالح الديناري أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه تزوّج امرأة منهم فاشتكى، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فكلّموه أن يصلي لهم في مكان يصلون فيه، فصلى في المسجد الذي ببني دينار عند الغسالين.


وتقدم في المنازل عن المطري أن دارهم بين دار بني جديلة التي عند بيرحاء وبين دار بني معاوية أهل مسجد الإجابة، وأن ابن زبالة صرح بخلافه، حيث قال: نزلوا دارهم التي خلف بطحان الذي في شقه الغربي مما يلي الحرة.
ويؤيده ما سيأتي في الخندق، أنهم خندقوا من مسجد القبلتين إلى دار ابن أبي الجنوب بالحرة، وذلك لأن منازلهم في تلك الجهة، ولأن ابن زبالة قال: إن بني سواد من بني سلمة نزلوا عن مسجد القبلتين إلى أرض ابن عبيد الديناري، وسيأتي أن نقب بني دينار هو طريق العقيق بالحرة الغربية، وبه السقيا كما قال الواقدي، فإنما كانوا بالحرة الغربية، وقد سمى الأسدي مسجدهم بمسجد الغسالين؛ لما تقدم من أنه كان عند الغسالين.
وفي غربي وادي بطحان بالحرة موضع يعرف اليوم بالمغسلة، قال المجد: كان يغسل فيها، قال: وهي اليوم حديقة كثيرة النخيل من أقرب الحدائق إلى المدينة، انتهى. فلعل ذلك في موضع منازلهم.

وقد رأيت هناك حجرا عليه كتابة كوفية فيها ما لفظه: مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعنده آثار يظهر أنها من آثار المسجد، وقد بنى صاحب المغسلة هناك مسجدّا في تلك الآثار، وجعل الحجر فيه.
كما أن منطقة المغيسلة اشتهرت بأحد أبراجها والذي عرف بإسم “برج المغيسلة ” يعتبر من أبراج التنظيم الإداري والحماية القديمة وقد مر بهذا البرج الكثير من التغيرات من القرن الثالث عشر الهجري التاسع عشر الميلادي والبرج يقع في الجنوب الغربي من الداخل من جهة باب العنبرية على مسافة ثلاثة وستين متراً من دوار العنبرية الآن.
وقد ظل هذ البرج رغم تهدم الأسوار وانفراش المنطقة المحيطة حوله بالمباني والسكان حتى بغيت أجزائه إلى عام 1409هـ/1989م وتمت ازالته بالكامل.

وتحظى الآن منطقة المغيسلة أو حي المغيسلة باهتمام وعناية للحفاظ عليها كأحد المواقع التاريخية من خلال برنامج أنسنة المواقع التاريخية بالمدينة المنورة الذي دشنه أمير منطقة المدينة المنورة صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن سلمان حفظه الله, والتي سبقت وعنيت بالكثير من الأماكن والأحياء والمواقع التاريخية التي تقع ضمن الأحياء السكانية مما أخرجتها بحلة تعطي للزائرين تقاربا وجدانيا من حيث المكان وربطه بالتطور البصري من خلال جمال التصاميم التي اعتمدها مشروع الأنسنة على المباني القديمة .
وقال محمد بن حسن حاشدي احد سكان حارة العنبرية أو المغيسلة أو الغسالة كما كانت تسمى سابقا، حي من أقرب الأحياء للحرم النبوي الشريف بل كانت بوابة من أهم بوابات المدينة ما كان يسمى “باب العنبرية ” ويوجد بها الكثير من الأماكن الأثرية مثل بئر السقيا ومسجد المالحة ومسجد العنبرية ومحطة القطار القديمة كذلك زامنت العنبرية دخول واحتفل اهل بالملك عبدالعزيز رحمه الله. وأضاف بقوله حي المغيسلة عشنا وترعرعنا فيه وتذوقنا فيه طعم الجيرة والأخوة، أهل الحي أسرة واحدة تربطهم الكثير من العلاقات والمواقف التي لا تنسى سواء حزن أو فرح ، استمتعنا كثيرا بصوت الحرم النبوي وكنا منزلا لكل من أراد الصلاة في الحرم لقربنا منه، الحي له عبق ونكهة لا تنسى والآن مع البدء بمشروع ساحة الملك عبدالعزير سيكون له أهمية كبيرة وسيكون وجهة للكثير من أهل وزوار المدينة المنورة لما كان له من اهتمام خاص من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة المدينة المنورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *