البلاد – مها العواودة، رضا سلامة
بينما يتجه الرئيس اللبناني ميشال عون، إلى استحضار المجلس الأعلى للدفاع إلى المشهد السياسي ليكون بمثابة حكومة عسكرية، في محاولة للالتفاف على المطالب الداخلية والخارجية بسرعة تشكيل حكومة إنقاذ، أكد مستشار رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، الدكتور مصطفى علوش لـ”البلاد”، أن رئيس الجمهورية ميشال عون لا يريد لسعد الحريري أن يكون رئيسا لحكومة الإنقاد، مبينا أن كل المحاولات التي يقوم بها من خلال إحياء المجلس الأعلى للدفاع وغيرها هي محاولات للتغطية على الفراغ الحكومي القائم، ومع تخريب ما تبقى من الدولة اللبنانية في محاولة للإبقاء على صهره، رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في المشهد السياسي. وأشار إلى أن لبنان في عنق الزجاجة وتمضي لإنهيار كبير، فالأفق مغلق تماما أمام انفراجة لتشكيل الحكومة المنتظرة، موضحًا أن عون يقوم عمليًا بخطوات جادة لتوريث باسيل في ظل غياب الخيارات أمام ولادة الحكومة وإن كلفه الأمر تدمير كل الدولة اللبنانية، داعيا القوى السيادية والوطنية للتحرك أمام صلف ومعاندة رئيس الجمهورية وإسقاط ورقة التوت وتعريته سياسيًا.
وقال علوش، إن من أبرز الخيارات أمام رئيس الحكومة المكلف الآن في ظل تعنت عون، أن يقوم بطرح الأمور بصراحة ووضوح للرأي العام من أجل الضغط على رئاسة الجمهورية، أو الاعتذار، وهو خيار مستبعد؛ لأنه لن يغير في المعادلة شيئا، وستبقى الأمور تسير في اتجاه الانهيار الكبير مع وجود السلطة القائمة عون والثنائي “حزب الله وأمل”.
وتأتي محاولة عون بإحياء مجلس الدفاع، تكرارًا لتجربة سابقة أقدم عليها قبل أكثر من 30 عامًا، عندما شكل حكومة عسكرية برئاسته في نهاية عهد رئيس الجمهورية آنذاك أمين الجميل عام 1988، لاتخاذها جسرًا للعبور إلى رئاسة الجمهورية. ومع استخدام الأداة نفسها في الوقت الراهن إلا أن الهدف مختلف هذه المرة، إذ يرمي عون إلى إنقاذ وريثه السياسي وصهره جبران باسيل، لعله يستعيد طموحاته الرئاسية التي ستتراجع مع إصرار رئيس الحكومة المكلف على تغييبه من التشكيلة الحكومية المقترحة، الأمر الذي يطوي صفحته السياسية، خاصة في ظل سخط شعبي على أدائه خلال الفترة الماضية، وتحميله جزءًا غير يسير من المسؤولية عن الانهيار السياسي والاقتصادي الذي تعانيه البلاد. وترأس عون مؤخرا، عدة اجتماعات للمجلس الأعلى للدفاع كبديل عن حكومة تصريف الأعمال، التي امتنع رئيسها حسان دياب عن القيام بالخطوات المطلوبة لإعادة تعويمها، لقطع الطريق على الجهود الرامية إلى تهيئة الأجواء لإنجاح مهمة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، غير أن توصيات مجلس الدفاع لم تقدم أو تؤخر في وقف التدهور الاقتصادي والمالي والصحي، ما يؤكد أنها اجتماعات شكلية وتوصياتها معدة سلفًا من الفريق المعاون لرئيس الجمهورية، ويتم اعتمادها من دون أي تعديل، كما أنها لا تلقى استجابة من الشارع أو اهتمام من المجتمع الدولي.
ويراهن عون على وضع رئيس الوزراء المُكلف بين خيارين: الاعتذار عن التأليف أو الخضوع لشروطه لإنقاذ باسيل، لكن تظل ورقة خروج الحريري عن صمته ومصارحة اللبنانيين بحقيقة عرقلة الرئيس والصهر لولادة الحكومة حاسمة في الإجهاز على طموحات الثنائي، خصوصا وأن المصارحة باتت غير مستبعدة في ظل ارتفاع منسوب المخاوف حيال إغراق البلد في المجهول، مع حالة التعنت في ملف التأليف. ومثلما أخطأ عون خلال رئاسته الحكومة العسكرية، قبل أكثر من 3 عقود، في تقديره للظروف الإقليمية والدولية المحيطة بلبنان في تلك الفترة، مما أدى لخروجه من المشهد ولجوئه إلى السفارة الفرنسية ومن ثم المنفى الاختياري في باريس، تسير تقديراته على المنوال ذاته في 2021، إذ أن المجتمع الدولي يلفظ فكرة الإدارة العسكرية أو المستترة برداء عسكري، بينما لا يعوض مجلس الدفاع، داخليا، حكومة فاعلة تمتلك السلطة التنفيذية لإدارة الملفات المفتوحة الحرجة وبالغة الحساسية.