جدة – رانيا الوجيه – عبدالهادي المالكي – تصوير – خالد مرضاح
تستعيد عنوان قصة الروائي الأشهر عبده خال (ليس هناك ما يبهج) حينما تشاهد أطلال منطقة قصر خزام وآثار حدائقه الغناء وما طالته من إهمال، فعلى الرغم من الشهرة التاريخية لهذا المنطقة الكائن جنوب محافظة جدة، إلا أن مرافقه وحدائقه تحولت إلى بقايا إثر ماتعرض له من تشويه، الأمر الذي أحاله إلى مجمع للمخلفات والنفايات، وفي السنين الخوالي كانت المنطقة جنة وارفة الظلال يقصد حدائقها أهالي جدة للتمتع بجماليات البساتين والخضرة والمسبح والنوافير التي توقفت عن الضخ، كما كان الموقع مساحة ترفيهية لاهالي جدة قاطبة لما يتمتع به من بساتين وحدائق تسر الناظرين ولكنه في الراهن أصبح أثرا بعد عين ومجرد اطلال.
عدسة « البلاد » تجولت داخل المنطقة ورصدت الحال الذي أصبحت عليه، وسجلت مطالبات الجيران والمهتمين والسكان القدامي الذين شهدوا بساتين القصر وحدائقه فأكدوا ضرورة إعادة تأهيله وحمايته من السقوط كمعلم تاريخي من معالم جدة، لافتين إلى أنه بالرغم من مضي قرابة اثني عشر عاما من بداية الإزالة لموقع خزام إلا انه حتى تاريخه لايزال على نفس الوضع حيث لم يتم التطوير.
المسن محمد المنتشري والذي كان كان يسكن جوار القصر، وارتحل لحي آخر منذ سنوات طويلة قال وهو يستعيد مشاهد القصر في السنين الخوالي: أيعقل أن يتحول قصر بهذه القيمة الأثرية إلى هذا الوضع، داعيا إلى ضرورة أعادة ترميم القصر لأنه احد المعالم التاريخية.
وقال سعيد عزات (83) عاما من سكان حي النزلة: قبل 40 عاما كان مسبح وحديقة خزام المكان الوحيد لأغلب أهالي مدينة جدة وخاصة في جنوبها حيث كانوا يخرجون الى هذا المكان للاستجمام وينطلق ابناؤهم في الملاهي والمسبح والبعض يأتي بدراجات أبنائه ليلعبوا بها بين أروقة المتنزه حيث انه كان المتنفس الوحيد الموجود هنا وكانت ينتشر باعة البليلة و”الفصفص” الا اننا افتقدنا تلك الأيام الحلوة وزالت بزوال الموقع ولم يعد هناك متنفس قريب من منازلنا.
من جهته قال أحمد عبد الرحيم من السكان المجاورين للمتنزه بداية ارتيادي لمنتزه خزام من قبل ملعب الصبان وكان في بداية افتتاحه عبارة عن مدن العاب صغيرة ومنتزه لأهالي مدينة جدة بحكم انه متنفس إلى جانب البحر بعد ذلك تم تطويره واضافة أماكن للعوائل وعقب ذلك تم استحداث مقاهٍ بعد ذلك تم اغلاقها وتم تدشينها من ناحية الشارع العام وأطلق عليها مركاز العمدة ومن ثم تم انشاء مسبح خزام الشهير حيث كانت بدايته لصغار السن ثم تم تطويره وأصبح متنفسا للشباب وكبار السن وكان في مركاز العمدة تقام فعاليات أيام العيدين واليوم الوطني.
ويضيف بقوله : لقد عشنا أياما جميلة في هذا الموقع والذي أتمنى ان يعود كما كان لأننا أصبحنا نضطر للذهاب الى أماكن بعيدة لنرفه عن أبنائنا وعوائلنا، وأصبحنا الآن ندفع اضعافا مضاعفة عما كنا ندفعه في منتزه خزام ومتوفر جميع الخدمات بالإضافة الى أن المسبح كان فيه اهتمام بالنظافة والتنظيم في عمليات السباحة حيث كان الزائر يترك ابنه وهو مطمئن.
وقال داوود الشريف ذكريات حديقة ومسبح خزام تمتد لأكثر من 30 عاما عندما كنت اذهب انا وأخي مع بعض طلاب المدارس الى مسبح خزام حيث كان المسؤول عن المسبح يستقبل طلاب تحفيظ القرآن ويعلمونهم السباحة وبعد يقومون بعمل عشاء لهم بالإضافة الى ان كان هناك جلسات وكنا نجتمع فيها لعمل مسابقات للطلاب. لذا انا أتمنى من أمانة جدة إعادة المسبح والمنتزه مثل ما كان عليه فقد كان في يوم من اليوم رئة جدة وخاصة الاحياء المجاورة له لان كان هناك فائدة كبيرة من ذلك المسبح حيث استفاد منه كثير من الشباب في تعلم السباحة وكذلك عودة الملاهي لتكون متنفسا لأهالي حي النزلتين.
وقال صلاح النجيدي كان شباب الحي باستمرار يرتادون المسبح وتخرج منه سباحون مهرة لأنه يشمل جميع الاعمار حيث يأتي الطفل ويسبح حتى يكبر وهو يتعلم السباحة فيه كانت حديقة خزام تعتبر لسكان الحي مثل “الشاليه” المصغر حيث كان يشتمل كذلك على مشتل زراعي.
لقد كان العوائل في الحارات يذهبون الى هذا المكان ويتجمعون والصغار ينتشرون بين الملاهي والشجيرات التي كانت تغطي المكان.
وقد كانت صورة بوابته على العملة الورقية السعودية، وتحول القصر فيما بعد إلى متحف تحت مسمى متحف جدة الإقليمي.
وروت هادية شمس إحدى خريجات مدارس دار الحنان منذ 40 عاما بقولها: أذكر أن البيوت كانت بسيطة جدا حول منطقة قصر خزام، وكانت مدرسة دار الحنان على شارع عام وليست داخل الحواري قريبة من قصر خزام، وكانت حدائق القصر بمثابة موقع يرتاده سكان عروس البحر الاحمر.
كما تستذكر خريجة دار الحنان منذ بداية المدرسة التشكيلية اعتدال عطيوي بقولها: عندما كنا طالبات في دار الحنان كنا نعبر بجوار بساتين القصر والتي كانت ملاذا للباحثين عن الهدوء واتصور أنه يجب استثمار الموقع واعادة تأهيله كما كان في السنين الخوالي.
وتضيف: من الذكريات الجميلة التي لا تنسى تواجد الموسيقار الكبير طارق عبدالحكيم ـــ رحمه الله ـــ حيث كان يتواجد باستمرار ويحيي أجمل الليالي في هذا الموقع التاريخي.
ولكن للأسف افتقدنا تلك اللحظات الجميلة بعد ان أصبح أرضا جرداء لا يوجد به سوى البرج، فأملنا في الله سبحانه ثم في الجهات المسؤولة لإعادة ذكرياتنا الى ابنائنا بعودة الموقع مثل ما كان وأفضل.
رئيس لجنة الاستثمار بغرفة مكة المكرمة وعضو مجلس الغرف السعودية وعضو مجلس إدارة غرفة مكة المكرمة ، شاكر عساف الحارثي يعلق بقوله: تعتبر منطقة خزام بجدة منطقة تاريخية بها موروث مهم جدا في المملكة العربية السعودية، كما أن منطقة خزام تعتبر معلما تاريخيا يجب أن تحفظ لأبنائنا والأجيال القادمة حتى يروا ماذا صنع قادة هذه البلاد من أجل تطويرها والعمل على السعي قدما ودائما لتحقيق كل ما يصبو اليه ، ولا شك أن دولتنا الرشيدة منذ أن أسسها جلالة الملك المغفور له عبدالعزيز ال سعود وأبناؤه البررة من بعده، لهم بصمات عديدة في الكثير من مناطق المملكة وقصر خزام أحد الموروثات التاريخية للمملكة. وبالتالي يجب المحافظة عليه ليكون الوجهة الحضارية لزوار المملكة ومدينة جدة، كذلك برج خزام هو امتداد لتاريخ جدة، والمقترح الذي اراه من وجهة نظر استثمارية لابد أن يكون هناك احياء وتطوير المنطقة لتكون منطقة خاصة بالاستعراضات الخاصة باليوم الوطني والأعياد السنوية، وأيضا يكون هناك جزء من الفعاليات والألعاب النارية ويتم استثمارها على هذا النحو، حتى تصبح فيما بعد معلماً يفد إليه الجميع من مناطق المملكة ومن السائحين من الخارجين للإطلاع والتعرف على تاريخ هذا الصرح العظيم.
تحفة معارية
يذكر أن وزارة الثقافة سبق وأن أعلنت عن ترميم برج خزام في مدينة جدة، الذي يعدّ أحد المعالم التاريخية في عروس البحر الأحمر. وجاء الإعلان عبر «تويتر»، إذ كتب برج خزام تحفة معمارية، قريباً سنُعيد إحياءَهُ بالثّقافة والفنون، شكراً لتعاون وزير التجارة والاستثمار، ووزير الشؤون البلدية والقروية المكلف ماجد القصبي وأمانة جدة”.