البلاد – مها العوداة – ياسر بن يوسف . مرعي عسيري . حمود الزهراني
أكد عدد من مسؤولي وخبراء الاقتصاد أن استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة، التي أعلنها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس إدارة الصندوق، أمس الأول، تمثل مستقبل المملكة، وتهدف لتحفيز الاقتصاد السعودي، بما يرتقي من مرحلة توفير الوظائف بمئات الآلاف إلى مرحلة رفع جودة الحياة.
وشددوا على أن أبرز ما ورد في الاستراتيجية يركز على انعاش القطاع الخاص، مما يضع الصندوق كحاضنة استراتيجية لهذا القطاع بما يعزز مكانته ويقوده إلى انطلاقة جديدة، ليساهم في عجلة الإنتاج ويعمل على استقطاب الآلاف من الشباب والكوادر الوطنية، ويرتقي بسوق المنتجات ليس للاستهلاك الداخلي بل لاستثمارات عملاقة بشراكات دولية ترتقي للمنافسة في الخارج.
أكد رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة بمجلس الشورى فيصل الفاضل لـ “البلاد” أن الاستراتيجية الجديدة للصندوق السيادي للمملكة للأعوام 2021-2025 خطوة مباركة وغير مستغربة في هذا العهد من قيادة واعية لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي وفق طموحات رؤية 2030. وشدد على أهمية دور الصندوق الريادي في التنمية الاقتصادية والفوائد المرجوة من زيادة رأس مال الصندوق. وقال” المشاريع الضخمة والأرقام تبشر بالخير الكبير للمملكة، وما خطط له سينعكس إيجابا على البطالة من خلال توفير الوظائف وكذلك تنويع مصادر الدخل ومشاريع الاقتصاد الوطني”.
تغيرت الصورة.. من منطقة استهلاكية لسوق استثماري
ووصف المستشار الاقتصادي والنفطي الدولي د.محمد الصبان لـ “البلاد”، الاستراتيجية الجديدة لصندوق الاستثمارات العامة، رغم التحديات الماثلة في العالم، بأنها تمثل الانطلاقة الحقيقية لتحفيز الاقتصاد المحلي وتحقيق التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن ما حققه الصندوق حتى الآن عائد جيد جدا في ظل الظروف الحالية وظروف الاقتصاد العالمي، مبينا أنه مع الانتعاش التدريجي له وانتعاش أسعار النفط في النصف الثاني من العام الحالي، ستكون هناك فرص متزايدة للصندوق للاستثمار الداخلي ودفع الاقتصاد السعودي للانتعاش. وقال جاءت الاستراتيجية واضحة وشفافة تبين أهميته ودوره في تعزيز برامج الرؤية 2030 واهتمام الحكومة السعودية بهذا الصندوق كونه الذراع الأساسي لتمويل مختلف البرامج الاستثمارية.
وأضاف “كانت مفاجأة سارة أن يصل رأس مال الصندوق إلى 7.5 ترليون ريال بحلول 2030 وهو ما يمكنه بمزيد من التوسع في الاستثمار، فضلا عن الزيادة السنوية في استثمارات الصندوق محليا والذي سيكون له دور كبير في إشراك القطاع الخاص وتحفيز الاقتصاد المحلي لتحقيق تنمية مستدامة”.
وأشار إلى أن أبرز ما جاء في الاستراتيجية يركز على إرساء مبدأ التزام الاستثمارات القادمة بأن يكون المحتوى المحلي- العمالة السعودية، والمواد الأولية، وتصنيع المواد داخل المملكة- بما لا يقل عن 60%، وهي نقاط مهمة جديرة بالاهتمام خاصة وأن الاستثمارات الخارجية السابقة كانت تتعامل مع المملكة كأسواق وليست استثمار.
ويرى أن ما حققه الصندوق إلى الآن عائد جيد جدا في ظل الظروف الحالية وظروف الاقتصاد العالمي ومع الانتعاش التدريجي له وانتعاش أسعار النفط في النصف الثاني من العام الحالي ستكون هناك فرص متزايدة للصندوق للاستثمار الداخلي ودفع الاقتصاد السعودي للانتعاش. وأضاف “صندوق الاستثمارات هو المحرك الرئيس لبرامج رؤية 2030 والتي لابد من الإسراع في تطبيقها في ظل التحدي العالمي نحو تقليص اعتماد العالم على النفط والغاز في الفترة القادمة”.
السعودية تخطط لجودة الحياة
أكد الدكتور عبد الله بن احمد المغلوث عضو الجمعية السعودية للاقتصاد، أن صندوق الاستثمارات العامة يمثل الركيزة الأساسية لرؤية 2030، ويعد خارطة الطريق لمستقبل السعودية الواعدة بشبابها وبجيلها، والحريصة على عقد تحالفات وشراكات مع كيانات دولية عملاقة. وأشار إلى أن رؤية 2030 الطموحة بنيت على أساس متجدد ومرن قابل للتكيف، مع الاحتفاظ بمقوماته وقوته، مرتكزة على أسس قوية في اقتصاد متين.
وشدد على أن ما طرحه سمو ولي العهد من استراتيجية لا يعد خطة طموحة فحسب، بل مسار واضح بأهداف محددة ورؤية واضحة لا لبس فيها، إذ بنيت على أرقام وتحقيق مستهدفات وفق خطة زمنية بعينها، على مساري الخطة الخمسية والخطة العشرية. وأوضح المغلوث أن العالم الآن في مرحلة كيف يعيش، لكن السعودية بانطلاقتها الواعدة تعمل على توفير جودة الحياة، بما يلبي طموح القيادة الرشيدة ويعزز رفاهية المواطنين وتوفير البيئة المناسبة لأبنائهم والأجيال القادمة.
أثر مباشر على 80 % من مستهدفات استثمارات الصندوق
وقال رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية، عبدالحكيم بن حمد العمار الخالدي، أن الاستراتيجية المُعتمدة سوف يكون لها أثر إيجابي مباشر على مختلف قطاعات الاقتصاد المحلي، الذي يُشكل ما نسبته 80% من مُستهدفات استثمارات الصندوق المُقبلة.
وأكد الخالدي، أن تركيـز الاستراتيجية على العديد من القطاعات الحيوية محليًا، وضخ نحو 150 مليار سنويًا على الأقل في الاقتصاد المحلي حتـى عام2025م، يدفع إلى رفع نسبة المحتوى المحلي، ويدعم مستهدفات تنويع إيرادات الدخل الوطني، ويُمكّن القطاع الخاص ويُعزز من فرصه ودوره في مسيرة النمو والتنمية.
ولفت إلى أن الصندوق منذ أن ترأسه سموّ ولي العهد وهو يخطو خطوات نوعية نحو تطوير قدراته الاستراتيجية الاستثمارية، حتى أصبح يُدير محفظة استثمارية يمكن وصفها بأنها استثمارات رفيعة المستوى تضع الصندوق في بؤرة الاهتمام العالمي وترسخ من مكانته الاقتصادية عالميًا.
شراكة القطاع الخاص تعزيز للاقتصاد الواعد
وأشاد الدكتور عبدالله بن سعد الأحمري الخبير العقاري، بما تحقق من منجزات سابقة للصندوق والتي بلغت خلال الـ 5 سنوات الماضية (بدءا من عام 2015 التي انطلق فيها) بمبلغ 570 مليار ريال، رغم التحديات التي مر بها العالم، خصوصا أزمة كورونا خلال العام الماضي، والتي عطلت العالم بأسره. وأشار إلى أنه يحق للسعوديين أن يفخروا بقيادة حكيمة وإرادة صلبة ممثلة في ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، نجحت في مضاعفة أصول الصندوق في وقت وجيز بمعدل ثلاث مرات تقريباً، وصولا إلى 1.5 تريليون ريال. وتطرق الأحمري لما تضمنته الاستراتيجية من شراكة مع القطاع الخاص، مبينا أنها تعمل على تعزيز قوة هذا القطاع بما يمثله من أهمية في الاقتصاد السعودي، وبما يضعه على مسار واضح يحقق له النجاحات المرجوة.
الكفاءات الشابة عززت قوة الصندوق
ولفت المهندس خالد سعيد باشويعر عضو المجلس القطاعي للتطوير العمراني ورئيس لجنة الإسكان في غرفة جدة ونائب رئيس لجنة التطوير سابقاً، إلى أن الأرقام تدل على قوة الصندوق، وتكشف حجم الابتكار والإلهام الذي تعمل به القيادة الشابة وفق أعلى معايير النجاح العالمية. وقال “أحد أسرار نجاح الصندوق تتمثل في الكفاءات البشرية المميزة التي يرتكز عليها، وقال: “برهن الصندوق على انه يسخر طاقات المملكة في اغتنام الفرص الواعدة، ويعمل على رسم مستقبل مزدهر وأكثر اشراقاً للاقتصاد السعودي”.
وأشار باشويعر إلى أن الصندوق رفع عوائد المساهمين إلى 8% خلال العامين الماضيين (2018/2020)، فيما كانت لا تزيد عن 3% خلال عامي (2016/2018)، فيما بلغت قيمة الاستثمارات المحلية للصندوق 311 مليار ريال، وشكلت الاستثمارات العالمية 20% من محفظة الصندوق.
محاور لبناء قطاعات جديدة
ويرى الاقتصادي سيف الله محمد شربتلي، أن ما أعلنه سمو ولي العهد من استراتيجية عملاقة لصندوق الاستثمارات العامة، أهم وأعظم الأخبار المنعشة للاقتصاد السعودي في بداية العام الجديد 2021. وأشار إلى أن الاستراتيجية بنيت على أساس قوي ومتدرج وصولا إلى أصول تتجاوز الـ 7.5 ترليون ريال، ومحاورها تقود نحو ريادة اقتصادية سعودية للمنطقة، حيث يشدد على اطلاق قطاعات جديدة، وبناء شراكات اقتصادية وتوطين التقنيات والمعرفة، مثلما شملت غاياته رسم ملامح المستقبل من خلال الابتكار، وانتقاء الفرص وتعظيم الاستثمار للحفاظ على تراث المملكة وتحقيق ازدهارها، والتطلع لآفاق الريادة في جميع المجالات، عبر تسخير جهوده لإعادة رسم القطاعات، ودفع عجلة الإبداع، وتحقيق التحول الاقتصادي في المملكة.
استثمار مبني على الابتكار
وأوضح الدكتور حسن أحمد طالع آل طالع عميد معهد البحوث والدراسات الاستراتيجية بجامعة الملك خالد، أن ولي العهد ركز على الرؤى الثاقبة لمعنى الاستثمار المبنى على رؤية جديدة تعزز الابتكار. وقال تحتاج المملكة إلى الفكر الاقتصادي الذي ينتهجه الصندوق والمبني على الابتكار والابداع هو ما نحتاجه في هذا العصر لتصبح المملكة رائدة في مجال استشراف اقتصاد المستقبل وبالتالي نهضة المملكة وريادتها التي تقود لارتقاء العالم.
5 محاور و3 ركائز للصندوق السيادي
وتشير خبيرة الاقتصاد د. نوف الغامدي، إلى أن استراتيجية الصندوق التي أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان تتضمن 5 محاور رئيسية هي إطلاق قطاعات واعدة، تمكين القطاع الخاص، تنمية محفظة الصندوق محليا ودوليا، تحقيق استدامة الاستثمار بفعالية على المدى الطويل، الشراكات، توطين التقنيات، المعرفة. ”
وبينت أن الصندوق السيادي السعودي يعتمد على 3 أمور رئيسية عند تنفيذ خطة العمل ومتابعة الأداء، وفقاً لإطار عملي منهجي تركز على الحوكمة، ومتابعة وإعداد تقارير الأداء، ومتابعة وتحديث الخطة.