يغيب عن وعي كثير من التنفيذيين والقادة أن مهمتهم ومسؤوليتهم بالدرجة الأولي التي تقع علي عاتقهم هى رسم وصناعة الأبعاد الأربعة لمنظماتهم ومنشآتهم وهي:
** إدارة العلامة التجارية وتطويرها .
** صناعة بيئة ومناخ العمل المثالية.
** تشكيل الصورة الذهنية للمنشأة.
** صياغة ثقافة المنظمة.
وحيث أنني رأيت أن يكون بعدا الصورة الذهنية وثقافة المنظمة هما محور نقاشنا اليوم لذا سأقصر حديثي عليهما ..
ومن أبرز المنظمات في العالم العربي التي صاغت وصنعت ثقافة خاصة بها كانتا شركتي أرامكو والخطوط السعودية .. وكان ذلك منذ ستينيات القرن الماضي.
في أرامكو .. شاهدت ثقافة المنظمة من خلال مفاهيم السلامة وأنظمتها وتطبيقاتها الحازمة والدقيقة .. على مستوى العمل والحياة الشخصية للعاملين .. بل انتقل ذلك التأثير إلى المجتمع بأسره .. ورأيت تطبيق مفهوم النظام والطوابير في الكفتريات ومواقف الحافلات والبقالات وعند مداخل العاملين إلى حقول آبار البترول ومكاتب الأعمال .. ورأيت بروتوكولات النظافة والصيانة في جميع مناحي الحياة .. وشاهدت أن ثقافة النوم والصحو المبكر مطلبان أساسيان لجودة الحياة والصحة العامة .. وغيره الكثير.
وفي الخطوط السعودية .. كانت ثقافة الثواني والدقائق وحسابات النشاط والمسافات والزمن هي ثقافة طاغية على عقول وسلوك العاملين فيها .. نظرا لأهمية إقلاع الطائرات في مواعيدها .. وتحديد أعداد العاملين المطلوبين لأداء المهام الوظيفية وفق تنقلاتهم وأماكنهم ما بين الأجهزة المختلفة والمطار والطائرات.
وشاهدت أيضا في الخطوط السعودية ..أن معايير وثقافة المجتمع تغيرت بقبول أداء الكثير من الوظائف التي كانت تعتبر أعمالا دونية مثل تنظيف مكان العمل .. وتقديم خدمات الضيافة إلى ركاب السعودية .. وأداء أعمال السكرتارية الإدارية .. وتحميل وتفريغ أمتعة الركاب والشحنات من وإلى الطائرات .. والعمل في ورش الصيانة وأيضا كان لفرض الزي الرسمي تأثير قوي علي تغيير الصورة الذهنية عن العاملين .. حيث تتطلب صناعة النقل الجوي أمورا متعددة لا مساومة فيها .. أهمها .. ثقافة الجودة والرقي والإتقان والسلوك الحضاري للعاملين.
هذه ملامح سريعة مختصرة عن ثقافة المنظمة والصورة الذهنية التي تود أن تعكسها علي المجتمع .. والإعجاز في الأمر أن كلتا الشركتين حولتا الكثير من تلك المفاهيم الفردية إلى قيم مجتمعية .. كي تتواءم مع متطلبات الصناعة والعصر الذي نعيشه.
كل ذلك يمكن تحقيقه عن طريق رسم صورة واضحة المعالم عن مفهوم ثقافة المنظمة من قبل القادة والمدراء أولا .. حيث هم القدوة والمحرك الرئيسي للتحول بل يجب أن يكون لديهم القناعة بأن ممارسات وسلوكيات واخلاقيات العمل هي مهارات مكتسبة وليست سمات فطرية نولد بها ونمارسها في حياتنا كما اتفق.
ويدعم هذا التوجه قيم العمل المكتوبة وبرامج التدريب والتطوير الموجهة والتي يجب أن تتعامل مع تحديات ومفاهيم جديدة غير مسبوقة عن ثقافة المنظمة أفرزتها جائحة كورونا وكان من نتاجها ممارسة الأعمال من خلال الفضاءات الافتراضية.