جدة – البلاد
مع الثورة الصناعية الرابعة استجدت مراحل جديدة لتطور الانتاج والخدمات والتجارة الاليكترونية ، أو مايعرف بالاقتصاد الرقمي، الذي يمهد بشكل متسارع لعصر “الذكاء الاصطناعي وآفاق الجيل الخامس وانترنت الأشياء ، وما يتبع ذلك من تقدم ليس فقط في نسق حياة الإنسان وتنوع الوظائف الجديدة ، بل في بوصلة الاستثمارات ومفهوم مدن المستقبل التي بدأت ملامحه على الجغرافيا السعودية ، من خلال بنية تحتية تواصل تطورها ، وانطلاقة مشروع ” ذا لاين ” التي رعاها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في قلب نيوم ، بكل تفاصيلها لمستقبل التنمية المستدامة.
خلال رئاستها الناجحة والناجزة لمجموعة العشرين الأكبر اقتصادا ، واستضافتها لقمتين تاريخيتين افتراضيا ، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، حفظه الله ، لتجاوز تداعيات جائحة كورونا ، حرصت المملكة على بلورة أفكار العالم حول مستقبل الاقتصاد ، وذلك من خلال تنظيمها للقمة العالمية الأولى للذكاء الاصطناعي في نوفمبر الماضي ، برعاية ولي العهد، تحت شعار «الذكاء الاصطناعي لخير البشرية» ، وشارك فيها افتراضيا صناع القرار والخبراء والمختصون من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الشركات التقنية الرائدة والمستثمرون ، لتصبح هذه القمة في نسختها الأولى ، منصة عالمية لاستكشاف آفاق الذكاء الاصطناعي لبناء مستقبل الاقتصاد والبشر.
هذه الرؤية حددها وأكد عليها سموه في افتتاح القمة بقوله: “نسعى لأن نصبح ملتقى رئيسياً للعالم، للشرق والغرب، نحتضن الذكاء الاصطناعي ونسخّر قدراته معاً ونطلق إمكاناته لخير الإنسانية جمعاء”. وبهذا جاءت الدعوة صادقة وهادفة لكل الحالمين في العالم للانضمام للمملكة التي تسعى لأن تكون مركزا وحاضنة للذكاء الاصطناعي لمواكبة التحديات المستقبلية ، لاسيما وأن القمة تزامنت مع جائحة كورونا التي كشفت عن أهمية دعم التحول الرقمي في مختلف المجالات الصناعية والإنتاجية وتفعيل قدرة الشعوب.
استراتيجية متقدمة
هكذا تجلت الأهداف واضحة في رعاية سموه للقمة العالمية ، بما يعكس اهتمام القيادة بدفع التقدم وحصاد إيجابياته بدرجة كبيرة ، باعتباره أحد أهم ركائز التحول للاقتصاد المستدام وتحقيق رؤية 2030 ، كما حرصت المملكة على تحقيق استراتيجية عالمية قادرة على الاستفادة من الإمكانات المتعددة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وفي هذا الاتجاه حرصت المملكة على ترجمة مخرجات القمة العالمية للذكاء الاصطناعي عمليا ، من خلال ثلاث مذكرات تعاون مع كبرى الشركات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي:
– الأولى بين المركز الوطني للذكاء الاصطناعي السعودي وشركة هواوي الصينية، بهدف تطوير إمكانات الذكاء الاصطناعي المحلية، بدعم برامج تدريب المهندسين والطلاب السعوديين المتخصصين وتوطين الحلول التقنية المحلية في هذا المجال.
– الثانية: بين الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) وشركة «علي بابا للحوسبة السحابية»، تهدف إلى تأسيس شراكة استراتيجية لقيادة الابتكار في المدن الذكية في المملكة باستخدام أحدث التقنيات، بما يمكنها من الاستجابة بفاعلية أكبر لاحتياجات ورغبات السكان للارتقاء بجودة الحياة وتعزيز الأمن والسلامة في مختلف القطاعات.
– الثالثة: مذكرة تفاهم بين (سدايا) والاتحاد الدولي للاتصالات، لحشد الموارد وتوفير الدعم للجهات الرسمية لتبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، واعتمادها لتلبية مختلف متطلباتها الاقتصادية، ودعم الشركات الناشئة والحاضنات الجديدة والناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي.
إنجازات ومؤشرات قوية
للمؤشرات التنافسية الدولية أهمية متزايدة في رصد قوائم ترتيب الدول في حركة التطور العالمي ، وفي هذا السياق سجلت المركز الأول عربيًا، والمركز 22 عالميًا في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي، مقارنة بالمركز 29 عالميًا من العام قبل الماضي، كما نالت المركز الثاني عالميًا في معيار الاستراتيجية الحكومية، والمركز التاسع عالميًا في معيار البيئة التشغيلية ، وذلك وفق تقرير مؤشر تورتويس انتليجينس، الذى يقيس أكثر من 143 مقياسًا لمستوى الاستثمار والابتكار وتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر عدة معايير كقوة البنية التحتية والبيئة التشغيلية والأبحاث والتطوير وغيرها.
من حيث اقتصاديات الذكاء الاصطناعي حققت المملكة وفورات وإيرادات بلغت 43 مليار ريال في عام 2019، وهي مؤشر قوي لفرص كبيرة ينتظرها الاقتصاد الوطني بدخول الذكاء الاصطناعي والبيانات كخيار اقتصاد مبني على المعرفة ، وتواصل تقدمها في هذا المجال خاصة مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية ، التي تدعم تحقيق التحول الوطني لاقتصاد المستقبل وجعل السعودية مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي ، وذلك بحسب عبد الله شرف الغامدي، رئيس هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” الذي قال :” حتى 2030 ستستمر المملكة أكثر من 75 مليار ريال في الذكاء الصناعي ، وسيكون موقعنا بين أول 15 أمة عالمية في هذا المجال، وتدريب أكثر من 20 ألف من المتخصصين والخبراء، وسيكون هناك 300 شركة بيانات وذكاء اصطناعي ناشئة، وجذب 20 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر والمحلي في الذكاء الاصطناعي.