نرتبط ارتباطا وثيقا بعلاقات وطيدة وصداقة أبدية مع الطبيعة، حين كانت حياتنا ببساطتها المتعارف عليها وهوائها النقي ومياه آبارها العذبة، ونجوم سمائها في صحاري المملكة، وتلك الأغاني والمواويل والحادي لسراة الليل، وقوافل الجمال والشهامة والأنفة التي كان يتصف بها رجال المملكة، من البادية في الصحاري والفيافي وكثبان الرمال، وفي حياة الحاضرة داخل المدن السعودية إلى أواخر الستينات الميلادية، قبل عهد الطفرة وحراكها السريع، وبعد أن أصبحت الواقعية سيدة الزمان والمكان، وشاهدة على معطيات العصر وتجمع بين أصالة الماضي وانبهار الحاضر، وواكب هذه المرحلة الإعلام السعودي، بتميز وعقلانية وخطاب إعلامي حقق أهدافه ليس على النطاق المحلي، وإنما نقل إنجازات المملكة ليراها العالم الخارجي،
واستقبل وفوداً إعلامية رسمية تمثل دولها، في عدد من المؤتمرات وكذلك المشاركة في تغطية المناسبات الدينية والوطنية، وهذه من مكاسب المرحلة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بارك الله في عمره المديد بإذنه تعالى، القائد الملهم الحازم الجاد رجل التاريخ والثقافة والعلاقات الدولية، ليس من باب الإطراء لأنه أبعد ما يكون عن هذا النفس القصير جدا، والذي لا يتناسب مع أخلاق الكبار.
وفي أطروحاتنا الصحفية وآراء كبار كتاب الرأي، كانت المطالبة بإنشاء مدن جديدة، خارج الحالية المزدحمة الكبيرة بغرض التخفيف عن كاهل المدن الكبيرة، لسهولة تخطيط المدن الحديثة، وإيجاد بنية تحتية محفزة للشباب للانتقال اليها والسكن بها، بتكلفة أقل مع توفر بنية المدن الكبيرة وزمن قياسي في إيصال الخدمات اللازمة، من اتصالات ومواصلات وخدمات لوجستية، وأنفاق وقطارات ومطارات صغيرة، وحركة تنموية تتفاعل مع رتم الحياة، لكن مجمل تلك الطموحات لم يتحقق منها إلاّ القليل، لأسباب يطول شرحها وهناك من خبراء الاجتماع وتخطيط المدن، من هُم أقدر على تناول وتحليل تلك القضايا التي تعتبر أكثر إلحاحا من غيرها، وتحقق بيئة أكثر نقاء بعيدة عن التلوث البيئي، باستخدام الطاقة الشمسية والحدائق العامة وأماكن الترفيه الملائمة.
لكنني اليوم أكثر تفاؤلا برؤية ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، رجل المرحلة بلا منازع ولا رياء، وبفكر وحماس وبعد نظر وواقع ينشده ممن لمس فيهم من فريق عمله وتحت إدارته وإشرافه المباشر، فالمشروع الحضاري الذي أطلقه سموه الكريم الأسبوع الماضي، كرئيس لمجلس إدارة شركة نيوم، مشروع مدينة (ذا لاين)، شمال غربي المملكة، يعد نموذجاً لما يمكن أن تكون عليه المجتمعات الحضرية مستقبلاً، ومخططاً يكفل إيجاد التوازن للتعايش مع الطبيعة، ويقيم معها علاقة أبدية متبادلة، تحقق العديد من طموحات الطاقة الشابة الحالمة بمستقبل أكثر حيوية، ويشكل نموذجا لعدد من المدن الحديثة السعودية بمعايير عالمية، وليدة الحاضر ببصمة الأمير الشاب محمد بن سلمان، تتناسب مع تطلعات وآفاق أجيال الحاضر والمستقبل.