أجمل ما في التاريخ قديمه وحديثه تسجيل اللحظة وإن اختلفت معاييرها تجذب السامع والناظر معا، لجزء من الدقيقة ولكنه يحمل بين ثناياه الكثير مما يمكنه دخول المعترك الفاعل في شتى ميادين الحياة.. هكذا رسمت صورة لقاء القادة الأشقاء، ملوك وأمراء وممثلي دول مجلس التعاون الخليجي، في مستهل عامهم الميلادي الجديد 2021م .. تلك النظرة التي أطلت على الجميع إبان مؤتمر القمة الواحد والأربعين، في أجواء سادتها المودة واللحمة لما يربط هؤلاء القادة، ومن الطبيعي أن تأتي القمة في موعدها المنتظر، حالها كحال بقية المؤتمرات السابقة، لحظة منتظرة اشترك فيها الجميع، على أرض مطار مدينة العلا التاريخية، بكل صدق ومشاعر ودفء اللقاء.
وأجمع الحاضرون على حرارة اللقاء، بين ضيوف المملكة، وبين مستقبلهم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، نائبا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله .. الواقف بشموخ العربي الأصيل في استقبال ذلك الجمع من القادة الخليجيين وممثليهم، كأنه القائل: (نوّرت المملكة) .. وقاد ولي العهد القمة الخليجية باقتدار ونجاح مرحبا بالجميع، في أجواء تردد فيها الكثير من عبارات الكرم والرجولة التي يتمتع بها سموه شخصيا .. وبعيدا عن المبالغات فقد أضافت تلك الأجواء في أرض المطار، وفي قاعة اجتماعات القمة، انطباعات جيّاشة مما سهَّل نجاح أعمالها.
فالمشهد بأبعاده الزمانية والمكانية، انصب حول جمع الكلمة وصدق النوايا الحسنة، وإذابة كل ما كان يعتقد إنه خلاف بين شقيقين أو أكثر وفق ما كان عالقا في ذاكرة البعض .
الا ان مستقبل الأيام القادمة ينبئ بما هو أجمل في مرحلة تعد من أهم المراحل التاريخية لمستقبل دول الخليج والأمة العربية ، بعد أن مهدت قمة العُلا بتضافر جهود الاشقاء لهذه المرحلة ، تحسبا لتحديات كادت أن تعصف بأوتاد البيت الخليجي ، لكن عزيمة سلمان بن عبد العزيز ربّ البيت الخليجي وحكيم العرب ، أبا بعمق فكره ، إلا أن يشد من إزر أبنائه واشقائه حكام الخليج بعد أن رسم لهم طريق النجاح.
سجلت قمة العلا التاريخية، أن دول الخليج مع بقية الدول العربية الشقيقة، أكثر تقاربا وأن اختلفت المفاهيم لدى البعض، وأن الجميع أمام مرحلة تاريخية تتطلب المزيد من وحدة الكلمة، وتوحيد المواقف السياسية، في مواجهة حزم من التحديات الصعبة، أثقل من الجبال الراسيات والمساحات الخضراء في بلاد الرافدين، التي أنتجت تمور نخيل العراق، وبُنْ ورمان اليمن، وكرز وتفاح سوريا، وخيرات حوض دلتا النيل، وسلة الغذاء العربي في السودان، وهو ما يؤكد قدرة الاستثمارات الخليجية والعربية، لإعادة عجلة التنمية وجودة الإنتاج الزراعي، تحت مظلة الاقتصاد العربي الموحد، بديلا لطاقة النفط وأسواقه المتذبذبة، وتحقيق فرص عمل كريمة للشباب العربي، وحمايتهم من الانخراط في عصابات الجرائم والإرهاب، ومعالجة حالات الفقر وذل السؤال، وأن ما يشعر به الشباب في دول المغرب العربي، هو ذلك الإحساس الصادق لدى شباب الخليج.