جدة ـ ياسر بن يوسف
أكد عميد كلية العمارة والتخطيط المكلف بجامعة الملك عبد العزيز وأستاذ العمارة واستراتيجيات التصميم الحضري الدكتور عادل بخيت الزهراني أن مشروع نيوم يسعى إلى تطبيق مفهوم القوى العاملة للاقتصاد الجديد الذي يعتمد على استقطاب الكفاءات والمهارات البشرية العالية للتفرغ للابتكار وإدارة القرارات وقيادة المنشآت بينما المهام المتكررة والشاقة سيتولاها عدد هائل من الروبوتات والتي قد يتجاوز عددها تعداد السكان، مما قد يجعل إجمالي الناتج المحلي للفرد في المنطقة هو الأعلى في العالم. وأضاف في تصريح لـ(البلاد) أن هذه الصورة سوف تحدث نقلة نوعية في تاريخ التقدم البشري ، لافتا إلى انه عندما نتحدث عن مشروع The Line فنحن نتحدث عن حزمة من الآليات منها سباق المستقبل في التقنية ، سباق ما بعد المدن الرقمية في الخدمات اللوجستية ،سباق ما بعد التحدي اللوجستي الذي يواجه الوضع الطبيعي الجديد للمدن الذكية العالمية المصنفة ، وسباق بعد ما يسمى بمجتمعات المعرفة والابتكار.
واستطرد بقوله سأبدأ الحديث عن أهمية منظومة الاقتصاد المعرفي في عصرنا الحالي – وهي المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي إذ توظف فيها المعرفة والتقنية في تقديم مُنتجات وخدمات نوعية مبتكرة، يتم تسويقها لتحقيق طفرات على مقياس الانتعاش الاقتصادي. فالاقتصاد المعرفي يعمل على تحويل المعرفة إلى ثروة أقوى من الموارد الطبيعية. صنفها العلماء الى أربع اركان أساسية هي موارد التحول الاقتصادي: (1) الابتكار وربط مؤسسات التعليم بالمؤسسات الصناعية. (2) البنية التحتية وتطويع المعارف للاحتياجات المحلية. (3) حوكمة الأسس الاقتصادية لزيادة الإنتاجية والنمو. (4) التعليم لتنمية الإنتاجية التنافسية الاقتصادية. ونورد في هذا السياق مثال شركة «أبل»، خير مثال على أهمية الاقتصاد المعرفي التي تخطت أسهمها في سوق المال الامريكية كبرى شركات العالم في مجالات النفط والغاز والعقارات والادوية لتثبت هنا فعالية وقوة ثروة الاقتصاد المعرفي. وعن أهمية تطبيق الاقتصاد المعرفي والمدن الذكية في دعم الناتج الوطني قال واتخاذ ذا لاين نموذجا لذلك قال:
اتجاهات اعتماد صناعة المدن على الاقتصاد المعرفي – فقد اثبتت العديد من الدراسات من خلال الأرقام المذكورة أن العديد من الدول أدركت أن النمو الاقتصادي يجب ان يرتكز على الاقتصاد المعرفي وشهد العالم نجاح العديد من الدول في استخدام مناطق التقنية ومدن المعرفة والمدن الذكية وحققت هذه الدول زيادة كبيرة في الناتج الإجمالي الوطني. ولقد زادت الفجوة المعرفية بين الدول المتقدمة والدول النامية بدرجة كبيرة حتى أصبحت الدول المتقدمة الان تنتج 90 % من الناتج المعرفي في العالم ويسكنها 10 % فقط من سكان العالم بينما 90 % من سكان العالم يساهمون فقط بحوالي 10 % من الإنتاج المعرفي في العالم مما تقتضي الضرورة ان تتوجه الدول النامية نحو الاقتصاد المعرفي.
وعن أهمية الاقتصاد المعرفي للمملكة والخروج من دائرة الاقتصاد المعتمد على النفط قال: يعتمد اقتصاد المملكة العربية السعودية بدرجة على الموارد الطبيعية مثل البترول والمعادن حيث يلعب النفط دوراً كبيراً في دخل المملكة حيث يعتمد الاقتصاد على النفط بنسبة 67 % وهي احدى الصادرات الرئيسية للمملكة كما تركز المملكة على صناعة البتروكيماويات حيث تشكل الصناعات البتروكيماوية 88 % من اجمالي الصناعات في المملكة، و10 % صناعات تحويلية و2 % صناعات تقنية مما يجعل من الضروري أن تتوجه المملكة نحو التوسع في انشاء المدن التقنية والمعرفية لتنويع الاقتصاد والخروج من دائرة الاقتصاد المعتمد على النفط، وستكون مدينة “ذا لاين”، مستدامة وصديقة للبيئة وجاذبة للمبدعين ورواد الأعمال والمستثمرين. وتقع هذه المدينة في منطقة نيوم الاقتصادية شمال غرب المملكة، وتشكِّل جزءًا مهمًّا من أعمال التطوير المكثفة الجارية في نيوم. ويُعد هذا المشروع أحد المشروعات العملاقة ضمن المحفظة الاستثمارية المتنوعة لصندوق الاستثمارات العامة.
كما أنها ستوفر 380 ألف فرصة عمل، وستُدار مجتمعاتها بالاعتماد الكامل على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتسهيل عملية التواصل مع الإنسان بطريقة تمكنها من التوقّع والتفاعل بقدرات غير مسبوقة، مما يوفر وقت السكان والشركات.” وحول التقنيات التي ستتوفر في المدينة قال: مدينة “ذا لاين” ستكون بمثابة معيار ثوري في الابتكار والتقنية ومثال نموذجي في سباق نظم المدن البيـئية لدمج اعلى مستويات التقنية المستقبلية مع الطبيعة التي وهبها الله لبني البشر وصناعة حركة الحياة داخل المدن كجزء من صناعة نظام بيئي واجتماعي وثقافي واقتصادي. وفي سؤال عن آليات جودة الحياة في ذا لاين قال: مدينة “ذا لاين” ستكون نموذجاً لما ينبغي أن تكون عليه المدن الحضرية، حيث سيكون فيها الإنسان محورا رئيسيا، وهو ما يعزز جودة الحياة، ويضمن الوصول إلى كافة المرافق والخدمات الأساسية، بما في ذلك المراكز الطبية، والمدارس، ومرافق الترفيه، إضافة إلى المساحات الخضراء التي لا تتباعد بعضها عن بعض اكثر من 5 دقائق سيرًا على الأقدام. وستُجعل فيها حلول المواصلات فائقة السرعة لضمان تنقل أسهل، إذ من المتوقع ألا تستغرق أبعد رحلة في “ذا لاين” أكثر من 20 دقيقة فقط، وهو ما سيوفر معيشة قائمة على التوازن بين بيئة أعمال حاضنة للابتكار، وجودة حياة استثنائية للسكان.
وفيما يتعلق بالبديل عن الشوارع والسيارات في ذا لاين قال: كما هو واضح من الاسم نفسه، ستقع المدينة في “نمط خطي” على طول محور طولي متوقع بطول 170 كم يعرف باسم “العمود الفقري”. وسيتم ربط هذا المحور الخطي بوسائل النقل العامة السريعة الذكية بما في ذلك المترو وخدمات الشحن (كلها تحت الأرض وغير مرئية) على أساس الذكاء الاصطناعي الذي سيحل محل المركبات. لن تستغرق الرحلة القصوى في ٢٠ دقيقة ويمكنك وأن تجد كل ما تحتاجه من حولك في حياتك اليومية خلال 5 دقائق سيرًا على الأقدام. وعن مواصفات الابنية وماذا تحتوي من تسهيلات قال: ستكون مدينة نظيفة خالية من الكربون، وستكون معظم البنية التحتية غير مرئية تماما (تحت الأرض) أسميها “استراتيجية الصفر”. سُيتم بناء المدينة مع الطبيعة وهنا أستوقف حديثي وأقول “مرحبا بالمستقبل”. كل شيء سيكون على مسافة 5 دقائق سيرا على الأقدام.
وحول مواصفات وإمكانيات مطار ذا لاين وما الذي يميزه عن مطارات العالم قال: الوصف يشير إلى أن المدينة ستكون مرتبطة بمطارات المملكة الرئيسية مع هايبرلوب لذلك، يمكن الوصول إليها في غضون 30-40 دقيقة من المطارات في أي مكان آخر.
100 % العمل بالطاقة المتجددة
في ذا لاين سيتم تشغيل “ذا لاين” بالطاقة المتجدّدة بنسبة 100 %، باستخدام مولدات الكهرباء المعتمدة على الشمس والرياح والهيدروجين، ليخلق مجتمعات مستقبلية نظيفة وخالية من التلوّث، جاء ذلك في تغريدة على موقع نيوم في تويتر ، لافتة إلى أن عوامل مثل التغيّر المناخي وتناقص موارد الوقود التقليدي وتزايد البصمة الكربونية تفرض على العالم اتخاذ تغييرات جذرية. وتخيّل مجتمعات مستقبلية تعتمد الطاقة النظيفة مصدراً أساسياً ووحيداً لها.