بعد الفصل الدراسي القادم ستستعد الجامعات السعودية لاستقبال آلاف الطلبات من خرّيجي وخرّيجات الثانوية العامة الذين سيبحثون عن مقعد جامعي وسط أزمة قبول ترتفع حدّتها من عام إلى آخر في ظل ارتفاع عدد الخرّيجين ووسط شروط اختبار القدرات والنسبة الموزونة والتحصيلي، وتزاحم أعداد كبيرة على بوّابات قبول الجامعات الأمر الذي سيوجد لدينا عدة عوائق وعراقيل تتعلق بالقبول فنجد أن الطلاب والطالبات يتخرّجون بنسب عالية في الثانوية العامة قد تصل إلى 99%، ومع ذلك لا يُقبل بسبب حصوله على درجة في اختبار القدرات أو التحصيلي والنسبة الموزونة تضيع على المتقدم أو المتقدمة جهد سنوات قضوها في فصول الدراسة والتحصيل.
وفي واقع الحال فإن الجامعات ترفض قبول الآلاف من الطلبة الحاصلين على الامتياز في المُعدّل بسبب انخفاض المُعدّلات الخاصة بالإختبارات الأخرى التي باتت تُشكّل معايير أساسية للقبول وسط تجاهل للمُعدّل الرئيسي الخاص بشهادة التخرُّج، وهي التي يمضي فيها الطالب سنوات لنيلها ما بين مرحلة وأخرى فيما لا تزال هنالك مشكلة أزلية تتعلق بوجود تخصُّصات لا توافق ولا توائم سوق العمل، ولا تزال الجامعات تقبل المتخرّجين فيها بمقاعد متفاوتة في القبول سنوياً، ممّا يتسبّب في ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل ويؤثر على الاقتصاد من خلال مصاريف الجامعات وأيضاً وجود خلل في ربط الدراسة الجامعية بمتطلّبات سوق العمل وضروريات المهن التي تحتاج إلى أعداد سنوية من الخرّيجين في ظل عدم وجود دراسات احترافية في هذا الجانب ترصد المشكلة وتضع الحلول ووسط تباعد وفجوة كبرى بين التعليم العالي ووزارة العمل والتنمية الإجتماعية ووزارة الخدمة المدنية.
في وقت لم تعد مسألة التعطل متعلقة بأقسام معروفة مثل الأقسام النظرية أو العلمية بل أن الأمر تجاوز ذلك إلى ارتفاع نسبة الباحثين عن الفرص برغم جهود وزارة الموارد البشرية للحد من ذلك من عام إلى آخر فعلى سبيل المثال في مجال طب الأسنان والهندسة وغيرها رغم أنها تخصُّصات تحتاج إلى جهود مضنية ومضاعفة لنيلها إلا أن الخرّيج يصطدم بالواقع في ظل ندرة الوظائف وانعدامها، مما يدفع العديد من الخرّيجين والخرّيجات إلى قبول وظائف بمزايا دون مستواهم أو الالتحاق بوظائف مؤقتة خارج تخصُّصهم ولا تزال الظاهرة مستمرة في ظل تعثُّر الحلول وتباعد الرؤى بين الجهات المعنية التي يجب أن تدرس هذا الملف بعناية تامة والخروج بتوصيات تخدم العملية التعليمية وتنعكس بالإيجابية المستمرة على مستقبل طلابنا وطالباتنا.
وختاماً.. أقترح إعادة هيكلة اختبارات القبول في الجامعات كالقدرات والنسبة الموزونة أو إلغائها، وإيجاد حل بديل لقبول أبنائنا وبناتنا في الجامعات والكلّيات السعودية حسب ميولهم في التخصُّصات التي تتماشى مع قدراتهم. فلو تم إلغاء اختبار القدرات والنسبة الموزونة والذي كان يدر على الجهة المشغّلة مبالغ طائلة يفوق مليارات الريالات. والاقتراح بأن يتم إعداد مشروع بديل تحت مسمّى ” تشخيص الميول” يُشخّص فيه الطالب ميوله العلمي سواءً للقسم الأدبي أو العلمي ومن بعدها يدخل الطالب المسار العلمي الذي يتماشى مع ميوله الأدبي أو العملي أثناء بدايته في دراسة المرحلة الثانوية. وهذا سيُسهّلُ على الوزارة معرفة التخصُّصات المطلوبة في الجامعات والكلّيات وبإمكان تطبيق المشروع ليتوازى مع احتياجات سوق العمل.
اليوم آلية القبول بالجامعات صادرت أحلام الكثير وسيظل ذلك في حالة عدم إيجاد حلول سريعة وبدائل مستمرة لتوفير بيئة مناسبة ومحفّزة للقبول مع أهمية أن توضع خطط متواصلة لوقف الأقسام عديمة الجدوى الوظيفية والتركيز على الكلّيات التقنية والمهنية والدورات الحرفية وكل أنواع التخصُّصات المرتبطة باحتياج الوطن في الأعوام المقبلة توافقاً مع رؤية السعودية ٢٠٣٠ والتي تهدف إلى التطوير والتجديد والابتكار في كل الاتجاهات.
Loay.altayar@nco.sa