كتب : محمد الجهني
بالجملة زجت دول متقدمة بمواطنيها في السجون لمجرد المطالبة بتخفيض مستوى المعيشة المرتفعة وتعرض المحتجون لانتهاكات بدت واضحة على الوجوه وبلغت حد امتناع المنصات المرئية من عرض تفاصيلها لشناعة المناظر جراء تعذيب مقرون بالإهانة وتلك ردود فعل مستمرة دامية مستنكرة لا تتوافق مع حجم الجرم الا أن العالم يموج بأنظمة وقوانين تضمن حفظ حقوق الاكثرية وتكبح جماح الحريات المنفلتة انطلاقا من ايمان راسخ بأن حدود حرية الفرد رهن حفظ سلامة وحرية الاخرين اذ لا تجوز المناداة بمكافأة مجرم واغفال حقوق الضحايا، خاصة اذا كفل النظام للجميع حق التقاضي وركز المجتمع على وأد الفتن ومحاصرة الخارجين على نسق الانسجام العام في اطار نظام الحماية الجماعية فالجريمة بالفعل لا تختلف مخرجاتها عن جرائم القول والفتن.
الأمن النموذجي
أمام تلك الحقائق المشهودة عالميا والمنقولة ملامحها على الهواء مباشرة جاز لنا التذكير بأن الأمن السعودي لم يكن بحمدالله في يوم من الايام جهازا لوأد الحريات ولم يركن الى منطق البارود على الاطلاق فعندما نستعرض مثلا قول الله جل وعلا ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) نجد هذا المعنى متجسدا في آلية عمل اجهزة الامن مثلما تجسد في تعاملات المملكة العربية السعودية بشكل واضح وجلي، اذ لا نذكر ولا يذكر غيرنا أن المملكة أخذت والدا بجريرة ابنه ولا ابنا بجريرة أبيه ولا أخا بما فعل أخوه رغم بشاعة الجرم في كثير من الأحيان ، ورغم التعاطف و التحريض والغوغائيات ومحاولات زعزعة الأمن في الداخل وتشويه الصورة في الخارج والأفعال البغيضة المشينة ، فعوائل بائعي الهوية المنحرفين عن جادة الصواب البعيدين كل البعد عن المبادئ ينعمون بدفء لا مثيل له ، بل أن الدولة وفقا لسياستها الحكيمة تعاملت معهم بحنان المشفق ورحمة الوالد وعطف المتألم فتحملت المسئولية واحتضنت الأسر، ولهذا لم يشعروا مطلقا بانعكاسات الأعمال المشينة لأقاربهم على حياتهم الخاصة أو العامة والأمثلة كثيرة جدا ولا مجال لحصرها ذلك أن التسامح ركيزة من ركائز مجتمع المملكة السوي وان العقاب الحتمي جزاء للمخالف دون سواه لأهداف سامية تكفل السلامة والرفاهية فمعظم خبراء أجهزة الأمن في دول تراكمت لديها الخبرة في مجال الخدمة الأمنية منذ مئات السنين أجمعوا على الإشارة علانية إلى كفاءة جهاز الأمن السعودي في إدارة الأزمات المتوالية التي عصفت بالمنطقة على اعتبار أن المملكة العربية السعودية واقعة جغرافيا ضمن منطقة ملتهبة عاشت أحداثا جساما فكانت تلك الأحداث أو بعض منها كفيلة بإعلان حالات الطوارئ أو حظر التجول على أقل تقدير ، لكن هذا الأمر لم يحدث مطلقا . إذ لم تقيد أو تختزل أو تصادر الحريات ولم يتعرض الثبات الأمني لأي نوع من الاهتزاز ولم يتم السعي إلى فرض أي شروط أمنية معيقة على الإطلاق ففي غمرة تساقط الصواريخ على العاصمة السعودية وأجزاء متفرقة من المنطقة الشرقية إبان أزمة الخليج الثالثة المسبوقة بأزمتين عاصفتين ، كانت الحياة تسير بطبيعتها وظل الأمن مستتبا والأوضاع مستقرة و إيقاع الحياة ظل كالمعتاد لم يهتز يوما ولم يضطرب حتى في أصعب اللحظات وأكثرها تأزما ومناطق المملكة الحدودية الجنوبية ظلت متوقدة بالحياة لم تلتفت لكل ما يجري من باب الثقة بالقدرات ، والنتيجة نفسها تكررت أثناء وبعد الحملات التي شنتها الأجهزة الأمنية على الإرهاب والإرهابيين في أعقاب محاولات بائسة و فاشلة لاختراق قدرة تلك الأجهزة المتيقظة لهكذا وضع حتى باءت كل المحاولات بخيبة أمل كبيرة متوقعة ليظل الأمن حاضرا في كل الحالات شامخا شموخ الوطن بل وصل الامر حاليا لتحقيق مكتسبات استباقية وأدت احلام المتربصين شرا بوطن لا يعرف قيمته سوى من جرب الحياة خارجه.
الحرية الشخصية تتوقف على أبواب مصلحة وحرية المجتمع
السفر الآمن تحت ضوء القمر من متع التنزه للرجال والنساء في المملكة
مخاطر الابتزاز ظاهرة متفشية في الشوارع الخلفية لعواصم عالمية
الثقة المطلقة
كل هذه الأحداث على ضخامتها مرت دون أن تؤثر على حياة الناس رغم أن جزءاً منها فقط كان كفيلا لاختلاق برامج ومشاريع تحسب في قائمة الأعمال الوقائية التي قد لا تكون الحاجة ملحة اليها ، إضافة لما قد تسببه من مضايقة للمواطن والمقيم والزائر على حد سواء ، لكن هؤلاء جميعا لم يلحظوا شيئا مما قد يحدث في كثير من دول العالم في حالات أقل خطرا ، ذلك أن المنظومة الأمنية السعودية بنيت على أسس راسخة ومتينة قوامها الثقة المطلقة بالمواطن من جهة وبالأنظمة والقائمين على تنفيذ خطط إستراتيجية مستنبطة من الشريعة الإسلامية السمحة من جهة أخرى، ومن أهم ركائزها الأساسية بالطبع العمل بحكمة الواثق المقتدر والمخطط النابه والحريص على مصالح الآخرين الساعي لإشراكهم حقا في برامج الحماية.
في العالم كل العالم قوانين ونظم تحكم علاقات المجتمع من باب الحفاظ على مستوى استقرار متوازن يكفل حقوق الجميع، والحرية الشخصية تصبح وبالاً كارثياً اذا اغفلت حقوق المتضررين المحتملين لعمل فردي طائش يتوكأ على افراط باستخدام حق مدعوم بتعويل خارجي لدوافع تدميرية في مواقف لا تخلف الدمار والارباك فقط بل تؤدي الى نسف الامن والاستقرار ونشر الاضطراب والفوضى ولهذا فعلت فرنسا بحق اصحاب القبعات الصفراء كما بررت وفعلت جميع دول العالم قوانينها وانظمتها في وجه الحجج الواهية لتوطيد الاستقرار وحماية الامن القومي من شرور الطيش والانفلات وتساقطت اجساد مواطنين ينتمون لأكثر الدول تقدما بل للأكثر حديثا عن حقوق الانسان برصاص الشرطة لمجرد حركة انفعالية لا ارادية في كثير من الاحيان وظل الامن السعودي متحليا بالحكمة واخلاقيات الاسلام فلم يكن في يوم من الايام جهازا لوأد الحريات ولم يركن الى منطق البارود.
الانسان قبل المال
نعود الى حق الدول بممارسة قوانين ارتضتها ترمي لاستتباب الامن وفرض الاستقرار وحماية الآمنين المطمئنين لنشير الى أن المملكة العربية السعودية التي اثبتت – والجائحة في اوجها – قدرة فائقة على حماية الارواح باحترافية عالية كانت مضربا للأمثال بعد ان ارخصت المال للحفاظ على صحة الانسان ولازالت مبادراتها مستمرة لردم تداعيات ازمة كورونا العالمية هي نفس المملكة الساعية نحو الرقي والتقدم بالإصلاحات اللامحدودة حتى باتت على مشارف الصفوف الاولى عالميا منطلقة من قواعد راسخة ونظم ثابته وسيادة لا تهتز ولن تنجح مهرجانات المزايدات على حرية مكفولة وحقوق مصانة يعيشها القاطنون في وطن بحجم قارة حتى بات السفر بين مناطقها المترامية وقراها المتناثرة عبر الطرق السريعة المقفرة احيانا تحت ضوء القمر جزءاً من متعة التنزه للرجال والسيدات على حد سواء دون ان يتعرضوا لأدنى كدر ودون ادنى خشية من ظهور مسلح او خاطف او مبتز كما يجري حاليا في الشوارع والميادين الخلفية لعواصم عالمية شنفت آذاننا بالحقوق لحاجة في نفس يعقوب باتت مكشوفة على نهج “كلام حق لتحقيق الباطل” ولنا حق التساؤل العارض عن تلك الحظوة التي ميزت المواطن السعودي العالق في شتى بقاع الارض ابان عاصفة المستجد في ظل رعاية دولة لم تكتف بالتمهيد للعودة بل سارعت لتوفير سكن النجوم الخمس للجميع قبل ان تطلق جسورا جوية في مرحلة الاياب تلاها توفير سكن يليق بالمواطن خلال فترة العزل ، أوليست مبادرة الدولة بدعم رواتب موظفي القطاع الخاص ابان الازمة وحتى تاريخه جزءا من تعظيم حقوق الانسان ؟ ثم هل يمكن شطب كل الجهود المبذولة في سبيل تأمين العلاج واللقاح مجانا للمواطن والمقيم ومخالف نظام الاقامة من قوائم الحقوق الانسانية ؟ ببساطة هل يمكن اسقاط الدعم المليوني الكبير لمنسوبي الصحة ضحايا كورونا من قوائم تلك الحقوق ؟ مئات المبادرات الانسانية شكلت انموذجا لصيانة كرامة الانسان منطلقة من وطن متفرد عزز المفهوم الحقيقي لحقوق الانسان وجسده بأبهى الصور فعلا لا قولا، وطن يعلي كلمة الله ويحكم بمقتضى الشريعة عبر محاكم مستقلة بانظمة منضبطة ودوائر متعاقبة بما في ذلك حقوق الاستئناف المتكرر وهو الامر الذي دفع بالكثير من المقبوض عليهم خارج المملكة للمناداة بالاحتكام للمحاكم السعودية دون سواها ولمن يعرف الاسلام الحق لا بد من التذكير بالآية الكريمة ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”
لا رضوخ للإملاءات
لم ترضخ المملكة العربية السعودية على امتداد عمرها المديد للإملاءات ولا تلتفت لما دون مصلحة المواطن والمقيم على ارضها وصيانة الامن والاستقرار وحماية حياة الانسان من العبث والعابثين وعلى صخرة الوعي المتجذر دحرت المتربصين فتساقط اعداؤها الواحد تلو الآخر وبقيت شامخة واحة من واحات الاستقرار في منطقة تموج سخونة والحكمة اقتضت ان تمقت المملكة التدخل في شؤون الغير على نحو مفاهيم معلومة المقصد لدى ذلك الغير جلها شر محض بان عواره واضحى في مرمى وعي ابناء الخليج قاطبة على اعتبار دول الخليج في دائرة الاهتمام المشترك لقادة دول منظومة تعي المخاطر المحدقة وتعمل جاهدة لتجاوز التحديات واستمرار الرخاء والتنمية عبر استراتيجيات تكتنز حكمة واقتدارا يرعاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ويتابع تحقيقها ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان. بقي ان نؤكد بأن محاولات تعطيل مسيرة النماء والرقي لدول وشعوب الخليج العربي لن تتوقف وان مصير تلك المحاولات ليس افضل من مصير سابقاتها فالشموخ عنوان لمرحلة مستمرة شاء من شاء وابى من ابى.