البلاد – رضا سلامة
تستجدي تركيا إسرائيل لتعزيز العلاقات الثنائية، وفي سبيل ذلك قدمت إغراءات عديدة تتضمن شراء المزيد من أسلحة تل أبيب والشراكة في مجال الصناعات العسكرية، واستيراد النفط والغاز وتمريره إلى سوق الاتحاد الأوروبي، ما يكشف زيف الشعارات الأردوغانية المناوئة لإسرائيل، لكسب تأييد الداخل واستعطاف العرب والمسلمين، وللتغطية على عمق العلاقات الاستراتيجية والعسكرية والتجارية بين البلدين.
وفضح مستشار الرئيس التركي للشؤون الخارجية، مسعود كاسين، نوايا تركيا للتقرب من إسرائيل قائلاً: “إذا خطت إسرائيل خطوة واحدة، فربما يمكن أن تتخذ تركيا خطوتين وإذا رأينا ضوءًا أخضر ستفتح تركيا السفارة مرة أخرى ونعيد سفيرنا، وربما في مارس يمكننا استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مرة أخرى. لم لا”، ما يشير إلى أن عداء أردوغان مع إسرائيل ماهو إلا مجرد شعارات زائفة.
ويرى مختصون في الشؤون التركية الإسرائيلية، أن تقرب أنقرة لتل أبيب محاولة من نظام أردوغان لتجاوز أيام صعبة تنتظره في ظل إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، حيث من المتوقع أن تدخل أنقرة وواشنطن فترة صعبة، على الأقل في المدى القصير بالنظر إلى حساسية إدارة بايدن تجاه قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، مبينين أنه بالنظر إلى الرأي المعادي لتركيا السائد في الكونجرس الأمريكي، ربما تأمل تركيا في أن تلعب إسرائيل دورا في تحييد المعارضة ومساعدة تركيا على كسب ود واشنطن مرة أخرى، منوهين إلى أن تركيا وإسرائيل لديهما مصالح متقاربة كثيرًا في الشرق الأوسط.
وتحاول تركيا أن تظهر نفسها عبر آلة الدعاية الإعلامية أنها دولة تتخذ موقفًا ضد إسرائيل وتدعم القضية الفلسطينية، بينما تثبت الحقائق أن إدارة أردوغان تمارس لعبة مزدوجة، تهدف إلى كسب التأييد الشعبي عبر مواقف “دعائية” زائفة، دون أن يؤثر ذلك على العلاقات الحقيقية المستمرة مع إسرائيل، خاصة على المستوى العسكري.
وبحسب مجلة “ستراتيجيك كومنتس” الدورية، فإن العلاقات العسكرية بين الجيشين التركي والإسرائيلي متجذرة وممتدة منذ وقت طويل، لكن تفاصيلها ظلت طي الكتمان، لا سيما أن العلاقات بين تل أبيب وأنقرة بدأت عام 1949، بعد أشهر من قيام دولة إسرائيل.
ولاحقا، أبرم الطرفان عدة عقود تجعل من الدولة العبرية موردًا رئيسيا للأسلحة والتكنولوجيا العسكرية إلى تركيا، الأمر الذي يمكّن الأخيرة من تفادي إجراءات الحظر التي قد يفرضها حلفاء أنقرة في الغرب بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في الداخل، خاصة ضد الأكراد، وأيضًا سياساتها العدائية وتدخلها في شؤون دول الإقليم. وطبقا لصحيفة “ديلي صباح” التركية، لامست التجارة بين البلدين 6.6 مليارات دولار في عام 2019، رغم التوتر الظاهري في العلاقات بين البلدين، بينما تعد تركيا الدولة الأولى عالميا في تصدير الأسمنت والحديد لإسرائيل، حيث صدرت 45 % من إجمالي واردات الدولة العبرية من الحديد و59% من إجمالي ما استوردته من الأسمنت، وهما المادتان الأساسيتان في بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.