حقَّقت المملكة العربية السعودية تقدمًا كبيرًا بفضل الله تعالى في مسيرة التعليم عن بُعد خلال الأشهر الماضية، وبعد أيام قليلة ومع نهاية الفصل الدراسي الأول يخوضُ أبناؤنا في قطاع التعليم تجربة فريدة من حيث الشمول والتنظيم، وأعني بذلك تجربة تنفيذ اختبارات نهاية الفصل الدراسي (عن بُعد) مع مراقبة جادة وصارمة عبر كاميرات الأجهزة، وقد وُضعت أسئلة الاختبارات وحُدِّدت أوقاتُها بدقة كبيرة لا تسمح بأية محاولات (للغش).
وفي الحقيقة يقف وراء هذا النجاح منظومة تعليمية قامت بعمل وبذلت جهودًا من أجل مصلحة ملايين الطلاب والطالبات من أبناء هذا الوطن المعطاء في مختلف المراحل التعليمية، فالشكر للقائمين على هذه المنظومة، لاسيما وأن تجربة التعليم عن بُعد بهذا الحجم وعلى هذا المستوى تجربة غير مسبوقة وتُعد فريدة من نوعها على مستوى عالمنا العربي ومنطقة الشرق الأوسط.
ومع مشارفة الفصل الأول من العام الدراسي على الانتهاء ما تزال جائحة كورونا تستشري في معظم دول العالم، وما يزال شبحها يخيِّمُ على معظم المجتمعات لاسيما في نصف الكرة الأرضية الشمالي الذي يقف فيه الشتاء على الأبواب مستأذنًا في الدخول، ويأتي معه انتشار واسع لأمراض البرد الموسمية المتعارف عليها في مثل هذا الوقت من كل عام، وللأسف ما تزال لقاحات كورونا في طور الإعداد والتجهيز، وهي وإن كانت قد قطعت شوطًا كبيرًا من مراحل الإنتاج والاعتماد، بل بدأ التطعيم الأولي فعليًّا في بعض الدول مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية إلا أنها بالرغم من ذلك ليست في وارد أن تشمل جميع شرائح المجتمع في الأشهر القريبة المقبلة، ناهيك عن بعض التناقض الطبي الدائر حول مدى نجاعة هذه اللقاحات، ومدى قدرتها على الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) فضلًا عن المخاوف المتوقعة من تعميم اللقاح على جميع البشر. في هذه الأثناء يتساءل كثيرون الآن ما الحل الأمثل لموضوع التعليم خلال الفصل الدراسي الثاني القادم؟! ويكاد يُجمع الخبراء والتربويون والأطباء والمتخصصون في المجال الصحي على أن الحل الأمثل هو استمرار (التعليم عن بُعد) وعدم فتح أبواب المدارس التقليدية حتى لا ينتشر وباء كورونا في المجتمع بسبب ازدحام الفصول بالطلاب والطالبات، وصعوبة تطبيق الإجراءات الاحترازية في المدارس وفرضها على الطلاب والطالبات، وصعوبة تقيُّدهم بها طوال الوقت لاسيما التلاميذ الصغار في الصفوف الأولية من مراحل التعليم. وفي الواقع فإن استمرار (التعليم عن بُعد) خلال الفصل الدراسي الثاني من هذا العام يُعدُّ الخيار الأمثل فعلًا بالنسبة لنا في المملكة العربية السعودية، لاسيما وأننا نتمتع ببنية تقنية قويَّة ولله الحمد، وقد حققت منظومتنا التعليمية نجاحًا في (التعليم عن بُعد) كما حقَّقنا تقدمًا كبيرًا في مواجهة فيروس كورونا والحد من انتشاره، وليس منطقيًّا المخاطرة بكل هذه النجاحات وجعلها في مهب الريح.
Osailanim@yahoo.com
@GhassanOsailan