القاهرة – محمد عمر
لم يكن الصحافي اليمني عصام بلغيث، يعلم أن حديثه عن “المنسيين خلف قضبان مليشيا الحوثي” عبر صفحته على “فيسبوك”، سيجلب له المتاعب، ويذيقه مر العذاب في زنازين المليشيا، دافعا 5 سنوات من عمره متنقلا بين 6 معتقلات تابعة للانقلابيين المدعومين من إيران.
ويقول بلغيث لـ”البلاد”، إنه كتب منشورا على “فيسبوك” بتاريخ 5 يونيو 2015، تحدث فيه عن إهمال الحوثيين للمعتقلين خلف القضبان، وكأنه يتنبأ بالمصير الذي سيواجهه، إذ اعتقل بعد 4 أيام فقط ليصبح مختطفًا لسنوات خلف القضبان ذاتها. وأضاف “كل يمني مُعرض في أي لحظة ليصبح رقمًا في قائمة المختطفين والمخفيين قسريًا والمعتقلين في أقبية الميليشيا الحوثية، التي اتخذت اليمن رهينة لتنفيذ مشروع ظلامي مدعوم من إيران لضرب أمن واستقرار المنطقة”، مؤكدا أنه كان ضمن الصحافيين التسعة الذين اختطفتهم الميليشيا من أحد فنادق صنعاء في 9 يونيو 2015، ليقضي 5 أعوام وأكثر من 4 أشهر خلف القضبان الحوثية، حيث أفرج عنه وأربعة آخرين من زملائه في 15 أكتوبر 2020، بموجب اتفاقية تبادل الأسرى والمختطفين.
وأكد بلغيث أن معاناته لم تنته بنجاته من سجون الحوثي، إذ لا تزال تداعيات التعذيب الجسدي والنفسي والإهمال الطبي تترك بصماتها السوداء على حالته الصحية التي تدهورت أكثر في الشهرين الماضيين، حيث نقل لمستشفى بمأرب عدة مرات، ولايزال يعاني من مشاكل صحية تتسبب في دخوله بغيبوبة بين الحين والآخر.
ولفت إلى أن شعورهم بالمسؤولية كصحافيين، وهم يرون الميليشيا تجرف الحياة العامة، وتفرغ صنعاء من الإعلام لتمارس القمع والاعتقالات دون دراية من العالم، جعلهم أمام مسؤولية إيصال ما يجري للعالم مهما كانت عاقبة ذلك، إلى أن تعرضوا للخطف، مرجعا سبب إقامته وزملائه في فندق إلى إنعدام الكهرباء والإنترنت داخل منازلهم، لذلك بحثوا عن أماكن توفر لهم معينات عمل غير ان أيادي الغدر لم تتركهم ورمتهم في الزنازين لسنوات، مع تعذيب وحشي وتهديد بالتصفية، مبينا أنه تم إخفاؤهم قسريا لأكثر من ثلاثة أشهر، ثم كشف مكانهم في سجن البحث الجنائي، ثم سجن احتياطي الثورة، واحتياطي هبره، وبعده نقلوا إلى جهاز الأمن السياسي الذي مكثوا به 4 سنوات، ثم المحطة الأخيرة قبل الإفراج في سجن الأمن المركزي، منوها إلى أن المليشيا لا تفرق بين مجرم وصحفي فتعاملها معهم جميعا قاسٍ لأبعد حد، وربما الصحفي يعامل بشكل أقسى من الآخرين لأنه يكشف جرائم المليشيا ويعريها. وأضاف “لذلك وضعنا في زنازين قذرة، مظلمة بدون فرش أو غطاء، وحتى من معنا بالزنزانة كانوا صامتين ولا نعرف من هم”.