جدة – البلاد
فتحت الجهود الكويتية لتقريب وجهات النظر حيال الأزمة الخليجية، كوة ضوء وسط عتمة الخلافات بين الأشقاء، ما جعل عودة المياه إلى مجاريها تبدو قريباً، حرصاً من كافة الأطراف على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي والوصول إلى اتفاق نهائي يحقق ما تصبو دول المجلس من تضامن دائم بين دولهم وتحقيق ما فيه خير شعوبهم، إذ أكدت المملكة على لسان وزير خارجيتها أنها تتطلع لأن تتكلل الجهود بالنجاح لما فيه خير ومصلحة المنطقة، خاصة وأن السعودية تلعب دوراً قيادياً لتحصين مجلس التعاون الخليجي من الاختراقات للمحافظة على أمنه الذي لا يتجزأ.
الوساطة الكويتية المدعومة من الإدارة الأمريكية، قوبلت بترحيب من قبل أطراف الأزمة الذين تهمهم مصلحة الخليج، باعتبار أنه مهما بلغت حدة الخلافات بين الأشقاء غير أن أواصر الوحدة والمصير المشترك تجعل من المجلس مظلة جامعة لتحقيق أمن دوله والمنطقة ومجابهة التحديات الإقليمية للمحافظة على وحدته، مع قناعة الجميع بأن مجلس التعاون كأي منظمة متعددة الأطراف، تتباين وجهات النظر داخله وتنشأ الخلافات بين الحين والآخر، غير أن ذلك لا يقلل من شأن ما يمثله المجلس من وحدة ليس لها مثيل في تاريخ المنطقة من حيث تشابه النسيج الشعبي ووحدة الدين واللغة، وهو ما يدفع الجميع باتجاه المصالحة للحفاظ على هذا التميز.
وتلعب المملكة إلى جانب دول مجلس التعاون دوراً محورياً في الدفاع عن قضايا المنطقة والأمن الخليجي في وجه التحديات المختلفة، مؤمنة منذ اليوم الأول للأزمة بأهمية الحل السياسي ليقينها بأنه السبيل لتجاوز كل المشكلات وتلافي كل التحديات والتغلب على كافة المشاغل الأمنية التي تهدد دول المجلس، بينما تؤكد الشواهد التاريخية أن المملكة تدافع عن أمن جميع الدول الخليجية والقضايا العربية المختلفة، بما تمليه عليها مكانتها القيادية في المنطقة، إذ تمكنت في أوقات سابقة من قيادة مجلس التعاون الخليجي للتصدي للتحديات والأزمات الطارئة التي واجهها على مدى الأربعة عقود الماضية، مبرهنة على أن لها دورا كبيرا للغاية في دعم منظومة مجلس التعاون ومسيرة العمل المشترك، بدليل العديد من الإسهامات والمشاريع الاستراتيجية من بينها رؤية الملك سلمان في 2015 الرامية لتحقيق التكامل المنشود أمنيًا وسياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا بين دول مجلس التعاون.
وتعتبر الجهود الكويتية – الأمريكية بارقة أمل لتحقيق المصالحة، وبالتالي قطع الطريق على الدول الإقليمية التي تحاول استثمار الخلاف الخليجي لصالح تنفيذ مخططاتها التوسعية، وإبقاء مجلس التعاون قوياً متماسكاً ليواجه أعداء الخليج وإفساد مخططاتهم الرامية لزعزعة استقراره، بينما تقود المصالحة إلى مزيد من التعاون مع مصر التي ظلت علاقتها بدول المجلس على مدار العقود الماضية حجر الزاوية في أمن واستقرار المنطقة، ما يجعل من تمتين هذه العلاقة أمراً بالغ الأهمية لحماية الأمن القومي العربي وتحقيق المصالح العليا المشتركة، في ظل تربص عدد من الدول الإقليمية بدول التعاون والدول العربية الأخرى طمعاً في خيراتها، وهو ما ستواجهه الدول العربية بحزم وقوة للحافظ على الأمن والاستقرار.