جدة – خالد علاجي
تمر المجتمعات بمختلف ثقافاتها المتحررة والمقيدة، بأزمة (تمرد) بعد أن غزت الثورة التقنية عقول أفرادها، وبدلت ثوابتها؛ لتصبح لغة العالم الأولى، ومنصة تواصل بين المجتمعات؛ لتغير مفاهيم كانت سائدة في الماضي بتقليعات مبتكرة، انقسمت حيالها شرائح المجتمع بين مستنكر ومقاوم، وبين مؤيد وداعم لوجودها، في ظل أهميتها وسهولة استخدامها ومنافعها، إذا ما قيست على نحو ايجابي، خاصة مع الاهتمام المتزايد من الدول بمواكبة التطور التقني، وتفعيل ذلك في أنظمتها المختلفة، التي برزت أهميتها خلال جائحة كورونا المستجد، بعد أن فرضت واقعًا مغايرًا، أدى إلى عزلة المجتمعات والأفراد، لتصبح مواقع التواصل الاجتماعي نافذة العالم نحو الأحداث والمتغيرات، إلا أن ثمة سلبيات ألقت بظلالها على المجتمعات، التي أضحت تواجه عاصفة من الأفكار المختلفة والسلوكيات الدخيلة، ما أثار تباين المواقف وردود الفعل حيال ذلك، لاسيما مع تأثر المتلقي ثقافيًا وشخصيًا، وخلق عزلة في عالم افتراضي، تتحكم فيه الميول الشخصية بعيدًا عن قيود العادات والقوانين.
قصرت مواقع التواصل الاجتماعي المسافات، وخلقت أبطالًا على غير العادة؛ حيث لم تعد المادة المقدمة للمتلقي هي المعيار الحقيقي للشهرة أو النجاح، وأصبحت نسب المشاهدة هي من تتحكم في ذلك، الأمر الذي أدى إلى ظهور شخصيات “ساذجة” أصبحت ضمن منظومة المشاهير الذين يحظون بمتابعة الملايين، بعد أن منحتهم تلك المواقع مساحة حرة للتعبير عن آرائهم وسلوكياتهم وحياتهم اليومية دون شروط أو فرض قيود على ما يقدمونه، ليجدوا حاضنة استطاعوا من خلالها كسب قاعدة أكبر من المتابعين وتحقيق تأثير مباشر رغم محدودية أفكارهم ونظرتهم للتأثيرات السلبية، لاسيما على الأطفال والمراهقين الذين أصبحوا يقتاتون بما تحط عليه أنظارهم وتشنف له أسماعهم، ما خلق نوعًا من الاختلاف والفجوة بين الأجيال، التي وجدت نفسها في صراع بين الرغبة في مواكبة الحداثة والتطور، والامتناع عن التفريط في القيم الاجتماعية والثقافية.
ومع ازدياد موجة تحول المجتمعات المعروفة بجماعيتها إلى الفردية المفرطة والانكفاء على نفسها، أصبح من الصعوبة بمكان إيجاد منطقة وسط تكون نقطة الالتقاء، في ظل تسارع وتيرة التطور التقني واتساع رقعة المنغمسين في تياره، واستهدافه طريقة تفكير الأشخاص وأسرهم في مجتمع افتراضي بعيدًا عن واقعهم، لتطفو على السطح ظواهر بدت لوهلة غريبة على السائد والعرف إلا أنها تشعبت أكثر وفرضت نهجها جديدًا ومبتكرًا؛ حتى وإن لاقت سخطًا وأحدثت تصدعًا بين كثير من العلاقات والروابط.
(سناب شات.. هوية جيل)
سحب ” سناب شات” البساط من التطبيقات الأخرى، بعد أن تصدر المشهد كأكثر منصة استخداما ورواجا بين الشباب والناشطين في مجالات مختلفة ومتنوعة، ليصبح نافذة جديدة ومنبر تعبير، وهوية جيل يحلم بقواعد جديدة للثقافة والحياة، ليوثق سيرته الذاتية من خلال اللقطة، ويبني ويصنع واقعه الافتراضي البديل، إلا أنه أصبح ظاهرة شكلت واقعا تصادميا، بين جيل محافظ، وآخر منفتح يرى كل جديد نافذة مفتوحة للانطلاق، ورسم هوية خاصة له، على الرغم من التحفظات على بعض مشاهيره الذين حولوه إلى منصة استغلال ونشر محتوى ساذج، كان سبب الفجوة.
وكما حذرت عدة بحوث ودراسات من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي والسناب شات على وجه الخصوص؛ كونه الأكثر تأثيرا على فئة الشباب والمراهقين، أكدت إحصاءات ارتفاع معدل استخدام الشباب للتطبيق خلال الفترة الأخيرة، مشيرة أن الأشخاص (ما دون سن 25) يستخدمون السناب شات حوالي 40 دقيقة يوميا بمعدل 20 مرة يوميا، كما صنف السناب شات على أنه الأكثر استخداما بين المراهقين.
من هم بين 16-24 عاما، حيث إن 91 في المائة منهم يستخدمون الإنترنت فقط على المواقع الاجتماعية.
“واقع وهمي تفضحه كورونا”
رغم تأكيدات سابقة لبعض مشاهير السوشال ميديا، أن واقعهم وهمي مدفوع الأجر، من قبل بعض الشركات لترويج منتجاتها، وتحقيق مكاسب على حساب المتابعين، صادقت أزمة كورونا على أن معظم المشاهير هم في الحقيقة أداة استغلال فقط، بعد أن رصدت تقارير انخفاضا ملموس فيما يقدمونه من محتوى عن حياتهم اليومية؛ بسبب توقف الأنشطة الاقتصادية والتجارية والسياحية التي كانت تغذيهم بالإعلانات عن منتجاتها؛ إذ اختفت فجأة تلك الحياة الفارهة التي صنعت فقط لجذب الإقبال بطريقة تسويقية، أوحت للمتلقي بواقعيتها دون مراعاة أسلوب التسويف والمخادعة في ذلك.
فيس بوك
يحتل المرتبة الأولى في الاستخدام، وعدد زواره في الوطن العربي يصل إلى 2.4 مليار شهريًا، بمعدل 1.6 مليار مستخدم يوميًا، بحد أدنى 58 دقيقة على مدار اليوم.
يوتيوب
يشغل أهمية كبيرة ومنافسة عالية بسوق السوشيال ميديا، نظرًا لمحتواه المرئي الجذاب لمختلف الأعمار ليصل إلى أكثر من 1.9 مليار مستخدم شهريًا، بمعدل 149 مليون مستخدم نشط يوميًا، بمتوسط 40 دقيقة مشاهدة يوميًا.
إنستغرام
بحسب آخر إحصاءات، فقد وصل إنستغرام إلى مضاعفة متابعيه ليصلوا إلى أكثر من 166 مليار زائر يوميًا، بحد أدنى 10 دقائق باليوم.
تويتر
أما تويتر فرغم شهرته بالمنطقة العربية، وخاصة في المملكة، إلا أنه يشغل المرتبة الرابعة بعدد مستخدميه البالغ عددهم 18.96 مليون مستخدم بنسبة 56% بالمملكة خاصة، وبمعدل 45% بالوطن العربي عامة.