بعد الشهور القاسية والصعبة التي فرضتها علينا جائحة كورونا سيأتينا الفرج، بإذن الله، بوجود اللقاحات .. وتعود أحلامنا إلينا وأولها السعادة .. التي يمكننا تحقيقها بطرق متعددة؛ أحدها السفر .. حيث إنه متعدد الأوجه والجوانب في جلب السعادة إلي حياتنا ..
وقبل أن أخوض في الموضوع .. أستعرض معكم نتائج دراسة أجرتها جامعة كولومبيا الأمريكية بالإشتراك مع منظمات وخبراء من جميع أنحاء العالم .. وذلك بهدف إصدار تقرير عن السعادة في العالم ..
تقول نتائج الدراسة أن الدول الإسكندنافية كانت علي رأس قائمة الدول الأكثر سعادة .. أما منطقتا الشرق الأوسط وإفريقيا فكانتا الأقل سعادة .. وأن أمريكا لم تكن من ضمن العشر دول الأولي سعادة، بل جاءت في المرتبة 18 من 150 دولة تم قياسها ومن المؤشرات أيضا أن الفجوة بين الدول السعيدة والأقل سعادة كبيرة وواسعة .. وأن الدول الصغيرة أكثر سعادة من الدول الكبيرة .. وأن سكان الضواحي والقرى أكثر سعادة من سكان المدن الكبيرة ..
والملفت في نتائج الدراسة أنه عندما تهاجر الشعوب غير السعيدة إلى دول شعوبها أكثر سعادة فإن عدوى السعادة تنتقل إليهم ويصبحون أكثر سعادة بالرغم من صعوبة التأقلم والحياة في تلك الدول ..
في السفر تتحقق المتعة من خلال عناصر المفاجأة والدهشة وعدم التوقع .. حيث إن عالم السياحة مليء بالسحر والجمال والتنوع والمغامرة وتغير أنماط الحياة .. بل الأهم من كل ذلك هو زخم وتعدد التجارب التي يمر بها الإنسان أثناء السفر .. وذلك من خلال التعامل مع الشعوب والتعرف على ثقافاتهم وتذوق مأكولاتهم واحترام طقوسهم وعاداتهم والاستمتاع بمشاهدة أزيائهم وجمال طبيعتهم ، إلى آخر قائمة فوائد السفر ..
لذلك يجب أن نكون حريصين ودقيقين عند اختيار وجهات سفرنا وأن نبحث عن بعد آخر جديد ألا وهو ـ السعادة ـ من خلال احتكاكنا بشعوب وأناس سعداء .. وأن لا يقتصر أمر السفر علي الشواطئ والمتاحف والآثار والموسيقى والعلاج فقط .. وينطبق هذا الأمر عليى جميع تعاملاتنا وعلاقاتنا اليومية التي يجب أن تكون مع السعداء من البشر ومن خلالهم ..
وأرى أنه من الظلم والإجحاف أن نقصر أسباب تحقيق السعادة على السفر فقط .. فالسعادة حالة ومناخ وسلوك واحتياجات يمكن تهيئتها وممارستها حتي تتحقق من خلال مناشط أخرى غير السفر ..
والأموال والمشتريات واقتناء الأشياء تحقق لك سعادة مؤقتة تتناقص مع الأيام .. ولكن الممارسات والتجارب الجميلة والسعيدة التي يمر بها الإنسان تتغلغل في وعيه وذاكرته وكلما استرجعها أحس بالسعادة الكامنة والمختزنة في ذاكرته التي أصبحت جزءا منه يستدعيها كلما أحس باحتياجه لجرعة من السعادة .
وتشير دراسة من جامعة هارفارد إلى أن أكثر الناس صحة وسعادة هم أؤلئك الذين على توافق وتواصل مع عائلاتهم وأصدقائهم ومجتمعهم ..
التجارب والذكريات هي الخلطة السحرية لجلب السعادة للإنسان .. فهي جزء منه وهي التي تحفز إفراز هورمونات السعادة في دماغه .