تستهويني قراءة التاريخ والحضارة، كما تستهويني أيضا الكلمة المُقفّاة، ولاسيما حين يُحَلِّقُ الشَّاعر، في فضاء الأدب، معبرًا عن مشاعره، وفيض معاني القصيدة، المرتبطة بالأصالة والعروبة وجمع الكلمة، ووحدة الصف .. وهذا ما تحتاجه الأمة، في حاضرها هذه الأيام، على وجه التحديد، فالشعوب العربية، اعتادت العيش محبة للسلام، والتعايش مع حضارات الأمم الأخرى .. والقارئ المتخصص، في تحليل الأحداث التاريخية منذ القدم، يُدرك أهمية الكنوز المعرفية والثقافية..على مدى القرون الماضية وحضارة الرافدين تعانق حضارة الحجاز ونجد، كما تلتقي مع حضارة الشام والدِّلتا، وتستشعر آهات المغرب العربي وتقاليده الأندلسية.
فما أجمل حضارتنا العربية التي لازالت متمسكة بطابع التميز.. والاعتزاز بموروثها التاريخي،
وحضارة العراق أحد أبرز شواهد العصر استمدت ثوابتها – بدءا من القرن الثاني الهجري وما لحق بها بتلك الحقبة التاريخية – من معالم وفنون العمارة الإسلامية والحضارية؛ حين كانت تُدَرَّس تصاميمها الهندسية والمعمارية في جامعات أوروبا، بما فيها جامعة السوربون التي نال منها كبار أدبائنا في العصر الحديث أعلى الشهادات العلمية في علوم الأدب والنقد وبقية العلوم والتخصصات .. ولازالت البعثات الدراسية تواصل تلقي علومها بتلك العواصم الأوروبية، ومنها العاصمة الباريسية، ذائعة الصيت، ليس تقصيرا من جامعاتنا العربية.
وإنما لمزيد من التبادل في الحقول المعرفية والثقافية .. ومن الإنصاف أن يكون لبغداد، وحضارة الرافدين قصب السَّبق في هذا المجال، لذا كُنت أكثر سعادة وابتهاجا بحديث ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، خلال الاجتماع المرئي الذي عقد يوم الثلاثاء قبل الماضي، مُؤكدًا على أهمية، العلاقات التي تربط المملكة، مع جمهورية العراق، واصفًا سموه عُمق العلاقات بالتاريخية، والاجتماع الذي عقده ولي العهد، مع مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي الذي اتسم بالشفافية في أجواء مشجعة بما يعكس رغبة البلدين الشقيقين في مزيد من التقارب الفكري والاقتصادي، والعديد من أوجه التنمية، في شتى مجالات الحياة،
بما يُعيد للأذهان حرص قيادة البلدين، لمرحلة أكثر ثباتا وحميمية للقادم من الأيام، ليستعيد العراق، مكانته التاريخية والثقافية والاقتصادية، وكأني بهذه المشاعر الفياضة، تستحث همم المسؤولين بالبلدين لكسب الوقت٠ لتلبية حاجة الشعب العراقي، ولإعادة حالة التآلف، التي ترجمتها الصحفية العراقية، التي حضرت للمملكة، بدعوة من وزارة الإعلام السعودية، وهي تصف نفسها بأنها يتيمة الأب والوطن، فكان رد مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل، ردًا أبويًا، أشعرها أن المملكة وطن الجميع ..وهذا يعيد للذاكرة الأمسية الثقافية التي أقيمت قبل سنوات، في السفارة العراقية، بالعاصمة الرياض، تخللتها قصيدة، للشاعر الدكتور حيدر الغدير، اقتطفت منها الأبيات التالية.
أبشرْ عراقُ فإن مجدك راجعٌّ
نضراً عليهِ من الجلالِ برود
والمجد أنت وأنت عنوانٌ لـه
ما لاح صبحٌ أو شــدا غرّيد