جدة – نجود النهدي – هتاف السلمي
منحت رؤية المملكة 2030، الشباب وأصحاب القدرات العالية فرصة إبراز مواهبهم في مختلف المجالات، ليؤكدوا أنهم قادرون على التميز في المناصب التي ستسند إليهم في المستقبل القريب؛ باعتبارهم صناع المستقبل، وتعتمد عليهم المملكة في تنفيذ برامجها واستراتيجياتها في المجالات كافة، خصوصا أن طاقات الشباب لا تحدها حدود ويمكنهم تطوير البرامج التنموية بما يخدم الوطن، ويقود لتطوير شامل، لذلك جاء تمكينهم من الوظائف القيادية التي أبرزوا فيها قدرتهم على التميز والمضي بالمملكة إلى مصاف الدول المتطورة.
وبما أن الإعلام مرآة تعكس المنجزات التي تحققت في أي بلد، ولسان حال ينطق بما نفذ على أرض الواقع، أولت المملكة الإعلام اهتماما كبيرا ضمن رؤية 2030، ولذلك لتطوير المحتوى المقدم في وسائل الإعلام المختلفة. وفي هذا السياق يرى الإعلامي طراد باسنبل، أن الرؤية السعودية اهتمت بالإعلام وتطوره، بدليل الإعلان عن بناء مدينة إعلامية تسهم في إنتاج المحتوى الإعلامي المرئي والمسموع محليا لصناعة جيل محترف.
وأضاف “عندما نرى نتائج ما خطط له قبل حلول الموعد المحدد، نعرف أن الرؤية أصبحت في عقل وقلب كل من في هذا البلد. أما عن كيف ساهمت الرؤية في دعم الإعلاميين، فالرؤية بكونها حقيقة مدعمة بالأرقام والإنجازات، فقد أعطت للإعلاميين مصداقية بأن كل ما قالوه عنها وعن ما يُتوقّع أن تكون مخرجاتها المستقبلية، ليست كلمات وتغطيات إعلامية ومجاملات وصورة زهرية بعيدة عن الواقع، بل هي من تصنع الواقع الجديد وتلوّن المستقبل القاتم بأبهى الألوان وتصنع التفاؤل”.
مواكبة التقنية
وحول كيفية إظهار الإعلام لجميع المواهب والقدرات الشبابية في المملكة، قال باسنبل: “دعونا نكون واقعيين أكثر، لن يصل الإعلام لكل شخص، فقد تجاوز عدد المواطنين 20 مليون نسمة، بالإضافة إلى أشقائنا المقيمين، فلن تستطيع وسائل الإعلام مجتمعة اكتشاف جميع الموهوبين، لكن من فضل الله علينا، أن المملكة إحدى أوائل الدول استخداما للجيل الخامس للإنترنت، وإحدى أكثر الدول مواكبة للتقنية، وهنا يأتي دور الاستثمار الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي التي مكنت كل فرد أن يُعلم العالم وينشر خبرا ولا يقتصر ذلك على الإعلاميين، بل إن بعض المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي تصل المشاهدات لديهم لأكثر من مشاهدات وقراءات بعض وسائل الإعلام، وهنا لا أدعو الجميع للبحث عن الشهرة، بل لإظهار مواهبهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركة هذه الموهبة مع من يرونه مهتما بها أو بإظهارها، عندها سيصل صوت وصورة كل موهوب للفئة التي يستهدفها”.
وعن أهم المميزات التي تسهم في تخريج دفعة مميزة تساعد في تطور الإعلام الرقمي، يرى أن النزول إلى أرض الواقع، والتدريب لدى الجهات والمؤسسات العاملة في هذا القطاع مهم للغاية.
تحسين مستوى التعليم
وفي مجال التعليم، ترى الأستاذة بجامعة الملك عبد العزيز، رغد باعامر، أن رؤية المملكة اهتمت بتطوير وتعزيز التعليم عبر مختلف المراحل والفئات؛ إذ رسمت خطة جديدة لتطوير المناهج بحيث تتواكب مع مقتضيات العصر، بما يتناسب مع ديننا الإسلامي، كما اهتمت بتطوير مهارات المعلم والطالب لمواكبة التطورات التكنولوجية والصناعية ومواجهة متطلبات الحياة الحديثة، وحرصت وزارة التعليم على فتح تخصصات دراسية جديدة في الجامعات بما يتناسب واحتياجات سوق العمل، مشيرة إلى أن أبرز المشاريع المقدمة لتحسين مستوى التعليم في المملكة، تمثلت في: التدريب الصيفي لشاغلي الوظائف التعليمية حيث تم تقديم أكثر من دورة تدريبية بمختلف التخصصات، وإدراج اللغة الصينية كمقرر دراسي في المراحل التعليمية المختلفة، والمسابقات العلمية المختلفة على مستوى المملكة بالإضافة إلى المشاركة في المسابقات الدولية مثل أولمبياد الرياضيات الدولي وتحدي القراءة العربية.
وأشارت باعامر إلى أن رؤية المملكة مهتمة بتحسين مستوى التعليم وكيفية التعامل مع الطلاب والطالبات الذين لديهم مواهب وقدرات مميزة، فاهتمت وزارة التعليم بالموهوبين وسعت إلى توفير بيئة تعليمية محفزة للابتكارات والإبداع، عبر مشاريع أهمها: المشروع الوطني للتعرف على الموهوبين، مشروع فصول موهبة، مراكز الموهبة الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي، مشروع فصول الموهوبين، وبرنامج موهبة الاثرائي الصيفي.
تمكين المرأة يعزز التطور في مختلف المجالات
تمثل المرأة ركنًا أساسيًا في استراتيجية المملكة للتطور بمختلف المجالات، لذلك منحتها رؤية 2030 فرصة كبيرة لدخول سوق العمل ومكنتها في جميع الوظائف، بينما اهتمت بالموهوبات وصاحبات القدرات المميزة ليقدن التطوير جنبا إلى جنب الرجال، وفي هذا السياق تقول الدكتورة بجامعة الملك عبد العزيز فاطمة عاشور: إن الرؤية دعمت المرأة وزادت حصتها في سوق العمل وبالتالي زيادة فرصتها في وضع بصمتها التطويرية في كل المجالات. وأضافت:” المرأة السعودية منذ أن أقيمت هذه الدولة لها مكانة سواء في إعطائها ومنحها الفرصة في التعليم، أو دخول سوق العمل كطبيبة أو كمعلمة والأعمال الأخرى، والآن زادت فرصها بشكل أكبر حتى في المجالات المستحدثة بعيدا عن النطاق التقليدي، وهذه نقطة إيجابية مميزة”.
وقالت عاشور: إن المرأة السعودية يمكنها أن تساهم في الدور التنموي ودعم الاقتصاد الوطني والخطط التنموية الشاملة، وتابعت “بالتأكيد الدولة تنحو نحو زيادة الفرصة لتمكين الاقتصاد الوطني ووضع خطة شاملة للتنمية سواء البشرية أو الاقتصادية أو الصناعية والعلمية، وهذا يعني أمرا مهما جدا، وهو إعطاء الفرصة المتوازنة والمتكافئة والمتساوية لجميع القطاعات في الدولة، بحيث ينهض كل قطاع بشكل كافٍ، وهذا الأمر يقود بالتأكيد إلى التطور والنهوض بشكل صحيح، والمرأة ليست بمعزل عن هذا التطور، إنما هي ركيزة أساسية فيه”.
وحول اهتمام وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمرأة، أكدت عاشور، أن الخطوة صحيحة لتمكين المرأة السعودية في كافة المجالات، وذلك بمنحها حقها في تقلد المناصب والمواقع الهامة في الدولة، فالمرأة نصف المجتمع، ولابد من استثمارها بشكل صحيح وتوجيهها بما يفيد؛ وفقًا لمواهبها. وتابعت: “المرأة قادرة على أن تكون لديها مكانة جيدة في الأعمال المختلفة، فلديها الذكاء والقدرات والإمكانات والأدوات للقيام بمختلف المهام الوظيفية بكل اقتدار”.
السياحة رئة يتنفس بها اقتصاد المملكة
اعتبر المرشد السياحي سلمان محمد الدواس، أن استراتيجية رؤية 2030 تعتمد بشكل كبير على السياحة كرئة يتنفس عبرها اقتصاد المملكة؛ لذلك تهتم بأصحاب المواهب والقدرات الذين لديهم أفكار سياحية تعود بالنفع على المملكة. وقال: “الرؤية وضعت السياحة كركيزة أساسية في استراتيجتها، وسعت لأن تكون السياحة والعوائد المحتملة منها رافدا اقتصاديا مهما إلى جانب الروافد الأخرى للإسهام في الناتج المحلي، ما جعل المملكة تعدل بعض التشريعات والأنظمة الخاصة بالمجال السياحي، ولعل من أبرزها فتح المجال لمنح التأشيرة السياحية”.
وأردف “الجميع في وزارة السياحة يعمل على خلق المزيد من المبادرات والفعاليات على مدار العام عبر برامج نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: مواسم السعودية، تنفس السعودية، روح السعودية، شتاء طنطورة وغيرها من الفعاليات السياحية الجاذبة”.
وحول المبادرات والبرامج التي يمكن أن تسهم في تعزيز السياحة في المملكة؛ قال: المبادرات والبرامج كثيرة، من بينها ما تقوم به جمعية الإرشاد السعودي من تدريب وتطوير للمرشدين السياحيين عبر برامج ودورات متخصصة بشكل دوري، إلا أنني أرى أن مشاركة المجتمع المحلي للسائح تجربته وإثراءه بالمعلومات المفيدة ومساعدته على اكتشاف تجربة جديدة ممتعة مختلفة بين منطقة وأخرى سيفيد بشكل أكبر”.
شباب “السيبراني”.. عقول تحمي الأنظمة من التخريب
لم تهمل رؤية المملكة مجال الأمن السيبراني، بل منحته المساحة التي يستحقها، وبدأت في تأهيل الشباب الموهوبين في المجال الإلكتروني ليكونوا درع حماية للشبكات والأنظمة والبيانات المهمة.
وأبدى المستشار في الأمن السيبراني شهاب النجار، ثقته الكبيرة في الاستراتيجية التي تبنتها المملكة، التي بدورها تؤسس لمرحلة جديدة في مسيرة الأمن السيبراني وتسهم في ترسيخ منظومة وطنية متكاملة للأمن السيبراني، بحيث تمكن الجهات الوطنية مـن رفع مستوى أمنها السيبراني وحماية شـبكاتها وأنظمتها وبياناتها الإلكترونية من المخربين.
وقال لـ”البلاد”: إن الرؤية ساعدت على تطوير مبادئ الأمن السيبراني وتحقيق مسـتوى عالٍ مـن النضج والمهنيـة في هذا المجال، مبينا أن دور الجهات المختصة لا يزال مهما في دعم وتدريب وتأهيل وتطوير مهارات الكوادر الوطنية في مجال الأمن السيبراني والبرمجة والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، وتأهيلهم لشغل وظائف في القطاع الخاص، وضمان استقرارهم وظيفيا بعد إتمام مدة التدريب.
ولفت النجار إلى أن الأمن السيبراني أصبح عنصرا مهما لاستراتيجية الأمن الوطني للمملكة، إذ يوفر حلولا أمنية متخصصة، ويوظف أصحاب الخبرات الوطنية لحمايـة المصالح الحيوية والبنى التحتية الحساسة والقطاعات ذات الأولوية والخدمات والأنشطة الحكومية.
وتابع “الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وصندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، يقومون بعمل كبير في هذا المجال من خلال نشر برامج تدريبية مكثفة ومتخصصة في اختبار الاختراق الأخلاقي، الهندسة العكسية، الذكاء الاصطناعي، وغيرها من الدورات والمؤتمرات التوعوية التي لا تزال تسهم في رفع الوعي الأمني حتى لغير المتخصصين بهذا النطاق الحيوي، كما أنهم ساهموا جميعا في دعم وتدريب وتأهيل وتطوير مهارات الكوادر الوطنية في الأمن السيبراني حتى في ظل جائحة كورونا، حيث لاحظنا ازديادا كبيرا للدراسة والتعلم عن بعد حول المواد المتعلقة بالأمن السيبراني من خلال منصات تدريبية وطنية ودولية، ما يوضح الدعم الكبير من القيادة الرشيدة لمسيرة الأمن السيبراني في المملكة”.