جدة – البلاد
أيام قليلة، وتنطلق أعمال قمة قادة مجموعة العشرين برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، وذلك يومي 21- 22 نوفمبر الحالي، لوضع خارطة طريق واضحة لمستقبل العالم، وقد أكد الملك المفدى على ” تعزيز التنمية ، وتحفيز التعاون عالمياً ، لصنع مستقبل مزهر للإنسان”.
ومنذ تسلمها رئاسة المجموعة قبل نحو عام، حددت المملكة برنامجها للعالم تحت العنوان الأهم “اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع” وارتكزت في ذلك على ترسيخ نهج تعاوني فاعل لاستشراف تحديات وتطلعات المستقبل من خلال سياسات طموحة ومؤثرة وقابلة للتطبيق ، ومن ثم ترك بصمة وأثر دائم لما بعد عام 2020، ومستقبل أفضل للعالم مابعد جائحة كورونا؛ حيث قادت المملكة بنجاح موثق ، جهود البناء الجماعي لترجمة ما تم إنجازه من قرارات ومبادرات القمة الاستثنائية الافتراضية في مارس الماضي، برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، ومخرجات اجتماعات مجموعات العمل والاجتماعات الوزارية للمجموعة، التي تجاوزت مائة اجتماع تحت الرئاسة السعودية.
هذه الجهود نتج عنها مبادرات الاستجابة الصحية والاقتصادية غير المسبوقة لحماية الأرواح والوظائف، وسبل المعيشة من خلال ضخ أكثر من11 تريليون دولار في شرايين الاقتصاد العالمي، لإنقاذه من الركود ودعم للدول الأشد فقرا بـ 14 مليار دولار ضمن مبادرة تاريخية بتعليق خدمة الدين خلال العام الحالي ، لتخفيف أعباء الديون عن الدول المستهدفة وتمكينها من تمويل أنظمتها الصحية وبرامجها الاجتماعية ، ودعم منظمة الصحة العالمية والجهود البحثية لاكتشاف العلاجات واللقاحات.
ركائز ومحاور
من يمتلك الرؤية ، يمتلك المفاتيح الإيجابية الدافعة للعمل والإنجاز والتغيير للتقدم. هذه القاعدة اتسمت بها الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين ، وانطلاقا من ذلك حددت المملكة جدول أعمال قيادتها للمجموعة على مدار عام كامل، وأطلقت قاطرة العمل الدقيق والهادف لمستقبل العالم؛ من خلال ثلاثة محاور أساسية تشكل استراتيجية حيوية مهمة للمجموعة وهي:
– تمكين الإنسان: من خلال تهيئة الظروف التي تمكن الجميع، لا سيّما المرأة والشباب، من العيش الكريم والعمل والازدهار.
– الحفاظ على كوكب الأرض: من خلال تعزيز الجهود الجماعية لحماية كوكبنا، خصوصًا فيما يتعلق بالأمن الغذائي والمائي والمناخ والطاقة والبيئة.
– تشكيل آفاق جديدة: من خلال تبني إستراتيجيات جريئة وطويلة المدى لمشاركة منافع الابتكار والتقدم التقني.
وتحقيقا لهذه المحاور ، انتظمت آليات العمل بدقة عالية من خلال الاجتماعات الوزارية على كافة الأصعدة الاقتصادية والمالية والصحية والطاقة والاتصالات والتعليم والقوى البشرية والأمن الغذائي ، ومن ثم المجموعات المتخصصة تحت مظلة مجموعة العشرين وهي: مجموعة الأعمال – مجموعة المجتمع المدني- مجموعة العمال – مجموعة الفكر – مجموعة المرأة – مجموعة العلوم – مجموعة المجتمع الحضري – مجموعة الشباب.
توصيات وبرامج العمل
وعلى مدى نحو 7 أشهر متتالية، واصلت هذه المنظومة من مجموعات العمل ، اجتماعاتها (الافتراضية) بانتظام دقيق يعكس حرص المملكة وماسنتّه القمة الاستثنائية في مارس الماضي بالرياض، من ريادة في تجاوز تحديات الجائحة ، وما تلاها من اجتماعات ولقاءات وتنسيق عبر تقنيات التواصل الافتراضي، الذي يعكس تقدم البنية الأساسية الرقمية المتقدمة في المملكة، وتصدرها في التنافسية العالمية ، وقد رفعت هذه المجموعات توصياتها ومخرجاتها من الخطط تباعا ، لتكون ضمن جدول أعمال القمة، الذي سيشمل نتائج جهود مكافحة الجائحة، وتعزيز الاستجابة الصحية، وتعافي الاقتصاد والتجارة العالمية.
ومن توصيات مجموعات العمل:
– إتاحة الفرص للجميع، خاصة الشباب والنساء والمنشآت الصغيرة.
– دعم أسواق المال المحلية، ومكافحة المخاطر.
– الاستثمار في البنية التحتية وتعزيز مشاركة القطاع الخاص.
– تحقيق الأمن الغذائي، والوصول إلى إدارة مستدامة للمياه.
– تفعيل دور التقنيات الناشئة لخدمة الاقتصاد الرقمي.
– مكافحة الفساد ورفع مستوى النزاهة.
– تطوير العملية التعليمية وإتاحتها بشكل عادل وفعّال.
– تعزيز أنظمة الرعاية الصحية، والتأهب للأوبئة والتهديدات الناشئة.
وهاهي المملكة على موعدها التاريخي مجددًا بعد أيام لاستحقاقات نجاحات جديدة، في واحدة من أهم وأبرز مسؤولياتها على الصعيد الدولي ، باستضافتها لقمة “العشرين”، التي يتناول خلالها القادة أهم القضايا والتحديات الراهنة بشأن الجائحة العالمية، وما تحقق من مبادرات غير مسبوقة لتجاوز التداعيات بأقل قدر ممكن من الخسائر، وبالضرورة خارطة طريق هادفة يعبر العالم من خلالها أصعب أزمة بسلام.
وسيسجل التاريخ، أن المملكة برئاستها لمجموعة العشرين ومواجهة هذه التحديات الاستثنائية بالعالم، لم يكن اختبارا، إنما كانت المسؤولية في محلها بثقة القيادة الرشيدة في توفيق الله ، وحكمتها في توظيف قدرات المملكة ومكانتها ، وتأكيد ريادة الكفاءة السعودية في مبادرات الخير لحاضر ومستقبل العالم والإنسان، أينما كان.