جدة- ياسر بن يوسف
حذر أطباء مختصون من توسع دائرة مرض السكري بعد زيادة معدلاته بين الأطفال والكبار، وقالوا لـ(البلاد)، تزامنًا مع اليوم العالمي يوم أمس لداء السكري: إن أهم المسببات التي أدت إلى زيادة انتشار السكري هي النمط الغذائي، وغياب الرياضة، والوجبات السريعة، والمشروبات الغازية. ودعوا إلى ضرورة استمرار البرامج التوعوية للحد من انتشار السكري باعتباره من الأمراض التي يترتب عليها مضاعفات خطيرة ، بجانب الانعكاسات الاقتصادية في إشغال المستشفيات بالحالات المرضية.
الوجبات السريعة
في البداية، يحذر استشاري طب الأطفال والغدد الصماء والسكري في كلية الطب في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور عبد المعين الأغا “الأباء والأمهات في المملكة من التساهل مع أطفالهم في الإفراط في تناول الوجبات الغذائية السريعة، التي تحتوي على كميات غير محدودة من الدهون والسعرات الحرارية، مما يؤدي إلى زيادة أوزانهم، ومن ثم إلى السمنة وهذا حتما سيعرضهم لمخاطر الإصابة بمرض السكري ( النوع الثاني).
وعن النوع الثاني للسكري، مضى البروفيسور الأغا قائلاً: داء السكري من النوع الثاني أصبح منتشراً في جميع أنحاء العالم، بما فيه أطفالنا في المجتمع السعودي خاصة والخليجي عامة، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى انتشار البدانة لدى جميع فئات المجتمع بما فيها الأطفال، حيث إن انتشار البدانة هو المسبب الرئيسي لداء السكري وله أسباب عديدة وهي تغير نمط الحياة من الحياة القروية إلى الحياة المدنية وما صاحبها من الابتعاد عن المواد الغذائية الصحية والتحول إلى الوجبات السريعة الغنية بالسعرات الحرارية، وانتشار الوجبات السريعة أصبح من أكبر المخاطر التي تواجه كل أطفال العالم وأضرارها عديدة على صحة الفرد والمجتمع، وللأسف أصبحت منتشرة في معظم أحياء كل مدينة محلياً وعالمياً، كما أن توفر وسائل الراحة للفرد والمجتمع أدى إلى قلة الحركة والجلوس أمام أجهزة التلفاز والحاسوب والألعاب الإلكترونية مما قلل بشكل كبير أوقات النشاط الرياضي، فنتج عنه انتشار البدانة، وللوراثة دور كبير في الاستعداد الجيني للبدانة وكذلك لحدوث مرض السكر من النوع الثاني.
الغدد الصماء
وأبرز الأغا في دراسة علمية أجراها عن (الغدد الصماء والأطفال)، أهمية الغدد الصماء في جسم الإنسان، وما تفرزه من هرمونات خاصة بتنظيم وظائف الأعضاء وتميزها بصغر حجمها وكبر عملها.
وأفاد الأغا: إن الغدد الصماء تتمثل في مجموعة من الغدد منها: أولا: الغدة النخامية التي تسيطر على نشاط جميع الغدد في الجسم لوقوعها في وسط الدماغ وهي تفرز هرمون النمو الذي له دور كبير في نمو الأطفال، وهي تفرز هذا الهرمون على شكل نبضات تكثر مساء أثناء النوم وتقل في النهار، لذلك ننصح بالنوم المبكر للأطفال لضمان نموهم بشكل صحيح.
ثانيا: الغدة الدرقية التي تقع في العنق، ولها دور كبير في جميع التفاعلات الحيوية للجسم، وهي المسؤولة عن النشاط والحيوية، كذلك عن تنظيم الشهية والوزن عند الطفل، وهي قابلة للخلل في أدائها؛ إما بالكسل في وظائفها، وإما بزيادة إفرازاتها.
واعتبر “أن الكسل في عمل الغدة الدرقية هو الأكثر شيوعا، وتتلخص أعراضه في المصاب بالسمنة وتضخم الغدة نفسها، إضافة إلى قلة النشاط والخمول، وعدم انتظام الدورة الشهرية لدى الفتيات”.
ثالثا: الغدة الجار درقية؛ وهي عبارة عن أربع غدد مسؤولة عن تنظيم مستوى الكالسيوم في الدم، وضعف أدائها يؤدي حتماً إلى نقص حاد في الكالسيوم مما يساعد على الإصابة بتشنجات عصبية وتقلصات حادة في العضلات.
رابعا: الغدة الكظرية أو الفوق كلوية؛ وهي تفرز هرمون الكورتيزون أو ما يسمى بهرمون الحياة الذي يحافظ على مستوى ضغط الدم في الجسم، ونقص الهرمون يؤدي إلى هبوط الضغط والدورة الدموية، ويؤدي تاليا إلى الوفاة.
هرمون الإنسولين
وأشار الأغا إلى أن غدة البنكرياس تعتبر من أهم الغدد، نظرا لكونها تفرز العديد من الهرمونات والإنزيمات، ومن أهمها هرمون الإنسولين، الذي يؤدي نقصه إلى الإصابة بمرض السكري المنتشر في كثير من المجتمعات العربية والأجنبية.. وهذا المرض ينقسم إلى عدة أنواع أهمها: النوع الأول يحدث نتيجة لتحطم خلايا «بيتا» بواسطة الجهاز المناعي، فيما يحدث النوع الثاني بسبب ضعف عمل البنكرياس بسبب البدانة أو كبر السن، وأخيرا الغدد التناسلية، ومن أهمها الخصيتان عند الذكور والمبيضان عند الإناث، مؤكدا “أن حدوث أي زيادة في إفرازات هذه الغدد يؤدي إلى حدوث البلوغ المبكر لدى البنين أو البنات، مما يتسبب في حدوث توتر جسدي ونفسي للأطفال قد يؤثر على مستقبلهم إذا لم يعرضهم أولياء أمورهم على الأطباء المتخصصين في الغدد الصماء، كما أن معظم عمل الغدد الصماء مرتبط بشكل كبير بصحة الطفل، مما يعني أن أي خلل في عملها يؤثر تأثيرا مباشرا على صحتهم في الحاضر والمستقبل”.
العلاج الوهمي
وعن العلاجات الوهمية بالأعشاب التي تنتشر في مواقع التواصل اختتم قائلاً: لا يوجد أي علاج لداء السكري عبر أي تركيبات عشبية أو عبر زراعة الخلايا الجذعية التي لا تزال رهن التجارب والدراسات العالمية، إذ إن علاج السكري قائم على الأنسولين والأدوية والحمية وأي خروج عن المنظومة العلاجية التي يحددها الطبيب من خلال استخدام وصفات التجارب والأعشاب يؤدي إلى تدهور صحة المريض حتى لو شعر الفرد بانخفاض نسبة السكر في الدم.
وفي السياق، يقول أمين عام اتحاد المستشفيات العربية ورئيس الجمعية السعودية للوبائيات البروفيسور توفيق أحمد خوجة:
اليوم العالمي لداء السكري مناسبة مهمة لتكثيف الجهود لرفع الوعي بداء السكري ومضاعفاته وأهمية التحكم به وكيفية الوقاية منه والتعريف بحجم المشكلة وأهميتها تجاوباً مع نداء منظمة الصحة العالمية والاتحاد العالمي للسكري وإلى إذكاء الوعي العالمي بهذه الجائحة.
فريدريك بانتين
وقال : إن هذا اليوم يتوافق مع ميلاد فريدريك بانتين الذي أسهم مع شارلز بيست في اكتشاف مادة الأنسولين في عام 1922م ، التي أصبحت ضرورية لمرضى السكري ، إذ أصبح داء السكري من الأمراض ذات الانتشار الواسع على مستوى دول العالم وتعتبر منظمة الصحة العالمية داء السكري من الأمراض التي بلغت حد الخطورة ، ولذلك دعت المنظمة الدول الأعضاء إلى اتخاذ الإجراءات العاجلة للحد من انتشاره وذلك عبر البدء ببرامج المكافحة الأولية للمرض والثانوية لمضاعفاته الحادة والمزمنة.
وكشف أن منظمة الصحة العالمية تتوقع بازدياد العبء الكبير على تكاليف الرعاية الصحية بحلول عام 2030م ما سيلتهم نحو 40 في المئة من الميزانيات الصحية الضخمة للدول حينذاك.
زيادة المصابين
وأكد أن داء السكري من الأمراض التي بلغت حد الخطورة حيث يصيب حالياً أكثر من 382 مليون نسمة في جميع أنحاء العالم، وإنه بحلول عام 2035م سيكون هنالك حوالي 592 مليون مصاب بهذا المرض وذلك حسب الإحصائيات الصادرة عن الاتحاد الدولي للسكري وأن على النظم الصحية والحكومات دور كبير نحو زيادة الوعي العام حول داء السكري – وإنشاء البيئات التي تمكن الناس من اتباع أساليب الحياة الصحية وتنفيذ التدابير التي تقلل من تعرض السكان للسلوكيات الخطرة التي يمكن أن تؤدي إلى المرض ومضاعفاته، ودور المجتمع والأفراد مهم من حيث ضرورة الانخراط في النشاط البدني بانتظام والحفاظ على وزن صحي وكذلك تناول الطعام الصحي والحياة بأنماط صحية سليمة.
الوجبات السريعة
من جانبه، يحذر استشاري الأطفال الدكتور نصرالدين الشريف، أطفال المجتمع من زيادة تناول الوجبات السريعة وعدم الحركة، موضحاً أن الوجبات السريعة أو ما تسمى بـ”Fast Food” هي الأطعمة التي يتم تحضيرها في وقت قصير جداً أقل من الوقت الذي يستغرقه طهي الوجبات العادية التي تحضر في المنزل، مثل البرغر والبيتزا وأنواع أخرى من الساندويتشات، وتكون غنية بالدهون والمواد الحافظة والسعرات الحرارية التي ينتج عنها العديد من الأضرار.
دهون وسعرات
ولفت إلى إن الوجبات السريعة تحتوي على نسبة كبيرة من الدهون والسعرات الحرارية، وتمهد تدريجيا لزيادة الوزن، وبالتالي الإصابة بالسمنة، مما قد يعرض الأشخاص لمخاطر الإصابة بمختلف المضاعفات المترتبة، إذ إنه كلما زاد استهلاك الوجبات السريعة قلل احتمال الحصول على العناصر الغذائية الأساسية التي يعتمد عليها الجسم، مما قد يضر بالصحة، حيث يمكن للوجبات السريعة أن تنطوي على عدد من التأثيرات السلبية، ومنها إمكانية الإصابة بالسكري النوع الثاني.
أبرز التأثيرات المترتبة
وكشف الدكتور الشريف أن الدراسات والأبحاث العلمية وبعد التعرف على مكونات الوجبات السريعة أثبتت أنها تسبب أضرارا وتترك آثارا سلبية كثيرة على صحة الإنسان ومنها:
– أمراض القلب والشرايين، فنسبة الدهون العالية الموجودة بتلك الوجبات تساعد على ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم، وهو من أهم أسباب ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين والجلطات وأيضا ارتفاع سكر الدم.
– السمنة المفرطة، فالوجبات السريعة تحتوي على نسب عالية جداً من السعرات الحرارية، ومن الطبيعي أن ينتج عنها ارتفاع في مستوى مؤشر كتلة الجسم لدي الأشخاص الذين يتناولونها بكثرة.
– مشكلات الجهاز الهضمي، فالوجبات السريعة التي تحتوي على نسب عالية من السكريات ينتج عنها عدة أضرار أهمها تسوس الأسنان وأمراض عسر الهضم والقرحة.
– أمراض الكبد، إذ أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يتناولون الوجبات السريعة بشكل يومي أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الكبد وتليفه.
– الإدمان، فنسبة الدهون والسكريات الموجودة في الوجبة الواحدة من تلك الوجبات كفيلة بأن تعمل على إخلال توازن الجسم وتحكمه في الجوع والشبع. – هشاشة العظام، إذ تفتقر هذه الأطعمة بشكل كبير إلى الفيتامينات والمعادن اللازمة للجسم، لذلك ينتج عنها هشاشة في العظام.
تناول الفواكه والخضروات
وشدد الدكتور الشريف على الحد من تناول هذه الأطعمة، والاقتناع التام بأن الإكثار منها ضار جداً ويسبب الكثير من الآثار السلبية على الجسم، مؤكدا الحرص على تناول الفواكه والخضروات والعصائر الطازجة وشرب الماء لإعطاء الجسم القدر الكافي لتعزيز عمل الجهاز الهضمي وخلايا الجسم.