متابعات

التعليم الرقمي .. مخرجات تؤهل لمستقبل زاهر

البلاد – صالحة الشيخي

ظروف استثنائية غيرت اتجاه العالم بأسره، كان التعليم أحد أهم تلك الاتجاهات التي تأثرت وتغيرت ؛ فمنذ ظهور جائحة كوفيد 19، وتزامناً مع بداية العام الدراسي، والكثيرون يتحدثون عن التعليم وآلية عمله، إلى أن تم وضع الخطة الأولية لنظام التعليم، عن بعد، التي كانت في مرحلتها الأولى تحت التقييم؛ ليتم بعد ذلك اعتمادها بشكل رسمي ومواصلة التعليم من خلالها.
وعن هذه التجربة الجديدة التي حدثت بشكل مفاجئ، وبعد أن تجاوزت مراحلها الأولى، وتم اعتمادها والعمل بها كان لـ ‹‹ البلاد ›› عدد من التساؤلات لمن يستفيدون من ‹‹منصة مدرستي›› بشكل مباشر؛ بدءًا من المدرسة، وكذلك الأسرة وما يتعلق بالجوانب التقنية والنفسية والاجتماعية؛ حيث أكد الجميع أن التعليم الرقمي بوابة المستقبل، وعبره يتم تأهيل مخرجات مدعمة بالمعرفة والتقنية.


كنت خائفا .. ولكن
الخوف كان حاضراً لدى الطلاب والطالبات ؛ ولكن هذا الخوف لم يستمر طويلاً، فلقد شارك الطالب بالمرحلة المتوسطة، طلال العبيد تجربته مع التعليم عن بعد؛ حيث قال: إنه كان متخوفا في بداية الأمر وكانت تدور برأسه الكثير من التساؤلات؛ أبرزها عن إمكانية إيصال المعلم للمعلومة له، كما كان في الصفوف الحضورية المباشرة ، ولكن سرعان ما أثبتت التجربة أن ذلك ممكن جداً ؛ وأصبح يرى الآن أن التعليم عن بُعد، أكثر راحة من التعليم الحضوري، كما أنه ينمي الكثير من المهارات البحثية لديه، إضافة إلى زيادة قدرته في التعامل مع الأجهزة التقنية؛ ليوظفها في الاستفادة بعملية التعلم.


أولى تلك التساؤلات كانت عن بيئة المدرسة قبل وبعد تجربة التعليم عن بعد، حيث أجابت القائدة التربوية ومستشارة التنمية المستدامة مسفرة الغامدي بقولها: إن البيئة التعليمية قبل الجائحة كانت عبارة عن نمط تربوي تعليمي مباشر مستمر في اتجاه واحد، يعتمد على الحضور المباشر والتعليم المباشر، الذي يترتب عليه التركيز والانتباه والتفاعل بين الطالبات والمعلمات، أما التعليم عن بعد، فهو فرصة لمن لا تسمح له ظروفه بالدراسة بشكل طبيعي تفاعلي حضوري، كما في السابق، علماً بأن طرق التدريس حالياً، تم توظيفها للحد من مشكلة الانقطاع عن الدراسة، وهي حل جيد في هذه الفترة الصعبة، كما أن هذا النوع من التعليم يساعد على تعلم الأبناء والمعلمين والمعلمات طرق جيدة في التفاعل والتدريس، فكما أنه يحتاج إلى مزيد من الجهد والصبر والتعاون بين المدرسة، وأولياء الأمور لتنجح عملية التعليم والتعلم؛ علاوة على أن وزارة التعليم سمحت بأيام حضورية لا تتجاوز يوما واحدا في الأسبوع بالتنسيق مع إدارة المدرسة مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمساعدة الطلاب والطالبات، ومعالجة أي مشاكل تقنية تعطل دخولهم للمنصة.

وعن تفاعل الكادر التعليمي مع التجربة قالت: ” إن الكادر التعليمي أثبت سرعة استجابته للظروف الحالية والتحول من التعليم المباشر إلى التعليم الرقمي؛ حيث إن أغلب الكادر قام بالاطلاع وأخذ الدورات والشروحات الخاصة بكل برنامج، يفيد ويساعد في نجاح الحصص الافتراضية، كما تم اكتشاف مهارات وخبرات إيجابية لاستخدام الأجهزة والبرامج.

خارج الصندوق
وفيما يخص القراءة النفسية لتجربة التعليم عن البعد، قال استشاري علم النفس الدكتور ماجد قنش: إن الدارسات النفسية أثبتت أن الإنسان يتأثر بالمحيط، الذي يعيش فيه، ويكون أبعد مدى للتأثر في مراحل عمرية معينة؛ أبرزها مرحلة الاستقطاب المعرفي والتعلم وتبدأ هذه المرحلة من الطفولة، حيث تبدأ الأسئلة عن الأشياء والتطلع إلى الإجابات، ويظل المتعلم في مختلف المراحل الدراسية يتأثر بما حوله من عوامل مساعدة ومشجعة على التعلم أو محبطة للتلقي، ولهذا فإن التحصيل الدراسي للطالب يتأثر تأثراً واضحاً بالعوامل النفسية التي تتنوع ومن أهمها تغيير النظرة السلبية إلى اتجاهات إيجابية حول الوضع التعليمي الحالي وحول التعليم عن بعد بشكل عام؛ ليكون الطالب مُشاركاً وباحثاً عن امتلاك المهارات المتنوعة التي أصبحت اليوم من الضروريات بدلاً من أن يكون متلقيا للمعلومات فقط.


وأضاف بقوله: تجربة التعليم عن بعد ناجحة، وإيجابية وتجاوب الطلاب يُعتبر مقياساً جيداً، فالتجربة أثبتت أنها بديل ناجح في حالة الضرورات، ومن الطبيعي القول إنه لا يمكننا الاستغناء عن التعليم العام، أو التعليم النظري الحضوري، ولكن الوضع الآن اضطراري وأثبت نجاحه، وكان ذلك واضحاً من خلال الأسئلة المتكررة التي نتابعها، التي سجلت مؤشراً إيجابيا لدينا ؛ كما أن هذه التجربة تبرهن جدارة، وأهمية الدور الذي يلعبه أولياء الأمور في العملية التعليمية وأهمية متابعتهم لأبنائهم كما أن التجربة هي الدعامة التي تثبت تُقدم أي مدرسة عن الأخرى بالإضافة لأهمية تأثيرها على تفكير المعلمين والمعلمات؛ ليصبح تفكيرهم خارج الصندوق بطريقة تقديم المحتوى بأشكال إبداعية، تجعل الطالب يُفكر فيما حوله، ويحاول التعليم بصورة أكثر تفاعلاً.

تجاوز العقبات
وعلى مستوى أولياء الأمور، تحدث عبد الجليل بزدان عن تجربة الأسرة مع ‹‹ منصة مدرستي ›› حيث ذكر أن للمنصة إيجابيات كثيرة، كان من ضمنها ما وجده من تعاون بين الأخوة داخل المنزل، إضافة إلى الاهتمام بالوقت وضبطه، بما يتناسب مع أوقات المنصة المختلفة لمختلف المراحل ؛ كما أنه رأى عن قرب كولي أمر، مدى حرص المعلمين والمعلمات على الأبناء من خلال التعامل الجيد معهم أثناء تقديم الحصص بالفصول الافتراضية، وأكد على أنه يقوم بمحاولة تذليل كافة العقبات لأبنائه؛ ليحصلوا على أكبر قدر من الاستفادة.

كما تحدثت نوال العلي أيضاً عن تجربتها مع ابنها في المرحلة الابتدائية؛ حيث قالت: إنه كان هناك بعض الصعوبات في بداية انطلاق تجربة التعليم عن بعد، وقد تمثلت تلك الصعوبات في مسألة الالتزام بالأوقات الخاصة بالمنصة ؛ ولكن هذه العقبة لم تدم طويلاً واستطاعت بأن تتأقلم مع الوضع الجديد، كما أنها لاحظت أن ابنها بدأ يتحسن كثيراً مع الممارسة اليومية لاستخدام المنصة؛ حتى أصبح يتفاعل بشكل عالٍ مع التجربة، ولكون التجربة جديدة تقول: إنها لم تتوقع أن تنجح بشكل سريع إلا أن الأيام أثبتت العكس وأن فكرة التعليم عن بعد التي تزامنت مع ظروف الجائحة، لم تأتِ إلا لحماية الطلاب والطالبات والحد من انتشار هذا الوباء.

منافسة الدول المتقدمة
وعن الجهود التعليمية خلال أزمة جائحة كوفيد 19، ذكر الاعلامي حامد الحربي، أن السعودية ومنذ أن بدأت هذه الجائحة وهي تضرب أروع الأمثلة في المحافظة على الإنسان من خلال توجيهات القيادة الحكيمة، فيما يعود بالمنفعة على المواطنين والمقيمين وتلك التوجيهات شملت جميع القطاعات الحكومية، وكان التعليم أحد تلك القطاعات التي تفاعلت وقدمت الخطط البديلة لاستمرار عملية التعليم بمختلف مستوياتها، ومنصة مدرستي إحدى النتائج التي ساهمت في صناعة حلقة وصل بين المعلم والطالب، وكذلك أصحاب الأدوار المساندة الإشرافية والرقابية؛ كمدراء المدارس والمرشدين الطلابيين ومدراء إدارات التعليم ؛ حتى أصبحنا ننافس بهذه المنصة الدول المتقدمة، التي تجعل من التعليم ركناً أساسياً لنهضتها ؛ فنحن اليوم نواصل التعليم بتكاتف الجميع، وبما يخدم النشء ليكونوا لبنة صالحة في بناء وطن شامخ.

ليست للترفيه فقط
وبما أن التجربة كانت جديدة ومُعتمدة بشكل كبير على الجانب التقنيّ، قالت المهتمة بالتقنية نشمية باحشوان: إن التجربة في بداية الأمر واجهت عدم تقبل من قبل البعض؛ ممن لا يملكون المهارات الكافية للتعامل مع أجهزة الحاسب الآلي والأجهزة الذكية ؛ إلا أنه ومع الوقت حدث العكس تماماً، فقد ازداد الوعي على مستوى فئات أولياء الأمور وكذلك الكوادر التعليمية؛ حيث بدأوا في تطوير معارفهم وكذلك البحث والسؤال ؛ ناهيك عن مدى إيجابية التجربة على فئة الطلبة الذين سرعان ما اشتشعروا مدى أهمية التكنولوجيا وارتباطها المباشر بالتعليم وتطوير الذات، وأنها ليست للترفيه فقط. وعن أبرز النقاط الإيجابية التقنية بالمنصة ذكرت ‹‹باحشوان›› أن المتابعة المستمرة الملموسة من قبل وزارة التعليم في عمل التحديثات المطلوبة للمنصة، وكذلك توفير موظفي الدعم الفني الذي يقومون بالإجابة على استفسارات المستفيدين بشكل عاجل، يُعتبر من أهم المميزات التي تساهم في دعم تجربة التعليم عن بعد.

معدلات الغياب
من داخل المنصة التعليمية كان للمعلمة صالحة شقيقي، حديث عن تجربتها؛ حيث قالت إن التجربة كانت ناجحة، وذلك لما لها من انعكاس مباشر على سير العملية التعليمية بشكل مُيسر إضافة إلى دورها المباشر في بحث المعلمين والمعلمات عن الدورات التدريبية التي تزيد من قدراتهم في استخدام برامج الحاسب الآلي المختلفة؛ ليتمكنوا من إيصال المعلومات لأبنائهم وبناتهم من الطلاب والطالبات الذين وجدوا منهم تفاعلاً كبيراً أثناء حضورهم بالفصول الافتراضية والمشاركة عند تقديم الدروس، وكذلك المسارعة في حل الواجبات المطلوبة وانخفاض معدل الغياب فيما بينهم، إضافة إلى ما جدوا من تفاعل لأولياء الأمور الذين يشاركون بشكل أساسي في نجاح العملية التعليمية.

وأردفت قائلة : منذ اللحظة الأولى لهذه الجائحة، وجهود قيادتنا الرشيدة مُتجلية للعالم أجمع ؛ كما أننا في قطاع التعليم لمسنا الحرص البالغ من قِبل وزارة التعليم، التي كانت على تواصل دائم مع منسوبيها من خلال إدارات التعليم بمختلف مناطق المملكة، ما ساهم في تيسير المهمة علينا كمعلمين ومعلمات، وبإذن الله، سنكون قادرين على تحقيق تطلعات الرؤية الواعدة للمملكة2030، التي يدعمها سمو ولي عهدنا الأمين، الأمير محمد بن سلمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *