البلاد ــ مها العواودة ــ جدة ــ رانيا الوجيه
منذ ولادته، لم يعرف غير أشعة الشمس، وأما الكون حوله فيراه مجهولًا يطغى عليه اللون الأسود. إنه محمد 45 عامًا، الذي يقول بحزن يخالطه التفاؤل: ولدت ونظري نسبته لم تتجاوز النصف من ستة، فالمياه البيضاء هي السبب في فقد بصري، ولم تنجح محاولات أهلي في التخلص من هذه المياه، ولا فائدة، فقد بقي نظري على حاله ولكن رغم ذلك، فإنني أمتلك إرادة تفتت الصخر، كما أنني أحظى بكافة الحقوق الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة من تسهيلات.وطموحاتي المستقبلية كثيرة، لافتا إلى أن الكثير من أصحاب الهمم وأسرهم لا يعرفون الحقوق الخاصة بهم؛ لذا فإنه يتمنى إطلاق مبادرات لمساعدة هذه الفئات، خصوصا أن الدولة، أعزها الله، تولي اهتماما كبيرا لذوي الاحتياجات الخاصة. هذه واحدة من حالات ذوي الاحتياجات، الذين يلونون عوالمهم الخاصة ويتحدون ظروف الإعاقة.
رئيس جمعية حقوق الإنسان:
الجهات ذات العلاقة تتجاوب معنا في أي مشكلة
من جهته، أكد رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني وجود بعض القضايا التي ترد للجمعية من المعاقين أو من ذويهم، وبدورها تعمل الجمعية على إيجاد حلول لها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لها دور في دعم هذه الفئة لتمكينها من العيش الكريم سواء فيما يتعلق بالحق في العمل، أو فيما يتعلق بالحصول على المساعدات المادية المقررة لمن تنطبق عليهم الشروط من هذه الشريحة من المجتمع. كما أن الدولة تقدم خدمات كثيره لذوي الإعاقة؛ من رواتب شهرية، ومراكز صحية، لدعم احتياجات المعاقين.. كما أن الصم لديهم معونات شهرية من الدولة، وسماعات مجانية. مراكز التأهيل الشامل
من جانبها، أوضحت فايزة نتو رئيسة نادي الصم والبكم للنساء بجدة أن المسار الالكتروني سوف يسهل جميع مصالح الصم في إنهاء إجراءات معاملاتهم؛ بحيث يستطيع الأصم أن يحصل على الخدمات التي يطلبها عن طريق الأون لاين… وإنهاء جميع مطالبه لأن لغة الإشارة ليست متوفرة في بعض القطاعات الخدمية..بذلك يستطيع أن ينهي معاملاته ..وحبذا لو دعم بلغة الإشارة لتقديم خدمه أفضل لهذه الفئة التي تعتبر جزءا عزيزا من المجتمع.
معرفة الحقوق
في هذا السياق، أوضح الكاتب إبراهيـم العُقــيلي، أن الإعاقة العقلية أكثر حدة من الجسدية لأن الناظر إلى جسم المعوق عقلياً يعتقد أنه سليم معافى، فيم هو لا يستطيع التصرف لوحده ويحتاج من يساعده طوال الوقت ومن يرافقه، بينما المعوق جسدياً قد يستقل في حياته ويحتاج إلى بعض المساعدات بعكس المعوق عقلياً، وأكد أن من أبرز المشكلات التي تواجه ذوي المعوق أنهم لا يعرفون عن بعض المساعدات المقررة لهم وقد يجهلون كيف يحصلون عليها، بل إن أكبر المشكلات التي تواجههم هي التنقل للوصول إلى الجهات التي تقدم المساعدات والحقوق التي أقرتها الأنظمة، وأن بعض ذوي الإعاقة قد لا يعرفون عنها سوى بالصدفة فتجدهم يبقون سنوات لا يحصلون على ما قررته الأنظمة من حقوق لابنهم المعوق.
برنامج إلكتروني
واقترح العقيلي ” مسارًا إلكترونيا يبدأ من عيادة الطبيب الذي قرر حالة الإعاقة، ويتم فيه استكمال كل المعلومات التي تطلبها كل الجهات بحيث تدرج كل صور الأوراق والوثائق والتقارير، ثم يدفع بها ضمن البرنامج لتصل إلى كل الجهات المعنية بحالة الإعاقة والتي يفترض أن تعمل عليها فور استلامها دون أن تشترط حضور المعوق أمام الموظف بل تبني كل شيء على ما قرره الطبيب، ويتقرر بناء على كل تلك المعلومات أحقيته للمعونة والحقوق التي قررتها الأنظمة، ولكي تصل إلى حسابه البنكي دون تحمله عناء الحضور والمراجعة والتعقيب على معاملته”.
خدمات متميزة
ويقول حسن عبدالرحمن البهكلي ( مدير عام ملتقى الخبرات لتنظيم المعارض والمؤتمرات ) : رزقني الله بثلاث بنات من “ذوي الهمم” لديهن عدة إعاقات مختلفة منذ ولادتهن حيث إن البنت الكبرى تعاني من إعاقة سمعية ” صماء وبكماء” و الوسطى ريناد تعاني من إعاقة سمعية شديدة، كما أن لديها عينا واحدة فقط، أما البنت الصغرى فهي تعاني من إعاقات شديدة في الدماغ وتأخر في النمو العقلي، وسمات توحد مع اضطرابات، وأوضح بأنه منذ ولادة ابنته الكبرى قبل 26 عاماً ومعرفته بالوضع الصحي لها مروراً بمعايشته لوضعها هي وأخواتها لم يتعرض لأية مشاكل أو معوقات مع أي جهة حكومية من الجهات المعنية بشؤون ذوي الإعاقة”.
تخفيف الأعباء
يقول راكان كردي، وهو أحد ذوي الإعاقة، الذي لم يكمل دراسته المدرسية، وتوقف لدى الصف المتوسط؛ بسبب إعاقته ولم يستسلم بل تعلم الرسم وتصميم الجرافيك ويعبر بقوله:
فكرة المسار الإلكتروني ستساهم في تخفيف الأعباء، عند مراجعة الدوائر الحكومية والمستشفيات، حيث إن هناك مشكلات نعاني منها في مراجعة الدوائر الحكومية، وطلب تقارير طبية توضح طبيعة الحالة مما يضطرنا للذهاب من جهة لأخرى لتجميع الأوراق والإثباتات وتحديد نوع الإعاقة، وإذا ارتبطت جميع تلك الجهات بمسار الكتروني سيكون الأمر علينا أسهل بكثير. من جهة أخرى، نحتاج إلى بعض الخدمات من المرافق العامة فهناك بعض المحلات والمراكز التجارية لايوجد بها مصاعد وليس بها ممر أو مدخل خاص لعربات ذوي الاحتياجات الخاصة.
توظيف المعوقين
كما يصف حسين الخضيري، وهو إعلامي، وأول صاحب منشأة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وجميع العاملين معه من ذوي الإعاقة يوضح بقوله: من ضمن الحقوق التي نطالب بها كذوي إعاقة واحتياجات، خاصة أن يتم وقف الاستغلال لهؤلاء الفئة من قبل بعض المؤسسات التي تعمل على توظيف المواطن من ذوي الإعاقة سواء كان يحضر إلى الدوام أو في منزله لمجرد تحسين وضع السعودة الوهمية في منشآتهم؛ حيث إن توظيفه يسهل عليهم استخراج تأشيرات إضافية لعدد 4 موظفين من خارج المملكة مقابل أن يرسل لذوي الإعاقة كل شهر مرتبا رمزيا، وهو في منزله، وفي النهاية بعد أن يصل صاحب المنشأة لأهدافه ومصلحته يقوم بالتخلي عن الموظف من ذوي الإعاقة؛ حتى وإن كان موظفا منجزا، ويؤدي مهام عمله على أكمل وجه،
من جهة أخرى، يحتاج هؤلاء الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى معاملة عادية خالية من التهكم عليه أو الاستغلال أو التنمر، وأن يكون أحد الأشخاص القياديين في المجتمع، والآن بعد وصولنا إلى مشارف 2021 وحتى إن تغيرت النظرة والمفاهيم في التعامل مع هذه الفئة إلا أننا إلى الآن نعاني من نظرة المجتمع، الذي ينظر إلينا بعين الضعف والشفقة، وأننا غير منجزين بسبب إعاقتنا، أما عن وجود المسار الالكتروني ليسهل جميع الخدمات والإجراءات، فهو أمر إيجابي جدا، ولكن أيضا نحتاج وجود تطبيق خاص بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة يجمع جميع فئات المعاقين؛ سواء إعاقة حركية أو سمعية وغيرها، ويشمل التطبيق كل الجهات الحكومية سواء الضمان الاجتماعي والموارد البشرية ومراكز التأهيل وغيرها من جهات وبإشراف من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية؛ ليسهل علينا إنجاز جميع خدماتنا ومصالحنا.
تدابير تشريعية ومؤسسية
تسعى المملكة لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع المجالات، كما أن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تحظى باهتمام كبير من قيادة هذه البلاد؛ لبلوغ أفضل المستويات في تعزيز وحماية حقوقهم، ومن الشواهد على هذه الاهتمام إقرار رؤية المملكة 2030 التأكيد على تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، كما اتخذت المملكة العديد من التدابير التشريعية والمؤسسية في هذا الجانب، ومن ذلك صدور نظام رعاية المعاقين الذي يمثل إطاراً قانونياً لحمايتهم، وإنشاء هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، واعتماد اللائحة التنفيذية لنظام العمل وملحقاتها، وإنشاء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، إضافة إلى صدور نظام مكافحة جريمة التحرش.كما أن عملية حماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عملية مستمرة ما يتطلب معه المراجعة الدورية للأنظمة واداء المؤسسات والإجراءات ذات الصلة بحقوقهم وفقا لأسس معيارية تتمثل في أنظمة المملكة والاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان.
التمكين بالرؤية
أما لولوة العبد الله – أول إعلامية كفيفة بهيئة الإذاعة والتلفزيون فتقول:” نعيش في رحاب الرؤية الطموحة 2030 التي نصت على تمكين وتعزيز الأشخاص ذوي الاحتياجات في مختلف المجالات. المملكة وقعت على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2008 وهذا دليل قاطع وواضح على التزام المملكة وحرصها على هذه الفئة من أبناء الوطن، مؤكدة وجود العديد من القوانين والتشريعات والأنظمة التي كفلت حقوق المعاقين. كما أشارت إلى أن كثيرا من ذوي الإعاقة يجهلون حقوقهم، وهنا لابد من توعيتهم بهذه الحقوق من قبل جهات مختصة، وأوضحت أن القوانين تضمن حياة كريمة للمعاقين، وكذلك المساواة بين الأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم والعمل على دمجهم في المجتمع.
إسقاط الإعانة .. لماذا ؟
وترى لولوة في إسقاط الإعانة الشهرية لمن راتبهم فوق الـ٤ آلاف ريال مهما كان راتبه تقصيرًا بحق المعاقين؛ كونهم بحاجة إلى الدعم المستمر، وأضافت: “عدم إعطاء المعاق حقه مثله مثل الأرامل والمطلقات في أراضٍ ووحدات سكنية… لماذا؟ هم بحاجة إلى سكن مهيأ، فضلاً عن حاجتهم لصالات رياضية خاصة بالمعاقين تدعمها وزارة الصحة وتحدد الأجهزة المناسبة لكل فئة”.
كما أشارت إلى أن بعض المنشآت المعمارية مازالت لا تخدم المعاقين حركيا، مع العلم أن الحكومة الرشيدة أصدرت قرارات بغرامة مالية لمن لم يهيئ المكان، مشددة على ضرورة توفير الدولة وظائف للمعاقين وتسهيل زواجهم.
وتؤكد وفاء الشويمان ( موظفة في القطاع الحكومي وهي من ذوي الإعاقة ) اهتمام الحكومة الرشيدة بكل أبناء الوطن وحرصها على حقوق المعوقين، مع جود بعض المعاناة من بعض الجهات المعنية.