المحليات

حفظ الأرواح أولويةحفظ الأرواح أولوية

جدة- البلاد

تستقبل المملكة اليوم المجموعة الأولى من معتمري الخارج ضمن المرحلة الثالثة من برنامج العودة التدريجية ووفق الإجراءات الاحترازية والوقائية المعتمدة في ظل جائحة كورونا الجديد (كوفيد-19). وقد تفردت المملكة وعلى مدى عقود بتجربة إدارة الحشود وحققت طوال مسيرتها المباركة نجاحات مهمة في هذا المجال وهي تستقبل على مدار العام ضيوف الرحمن من كل حدب وصوب سواء معتمرين أو حجاجاً من مختلف الجنسيات والدول.

ويعني مصطلح الحشود أو الحشد، التجمع البشري في زمان ومكان واحد؛ لإنجاز هدف واحد أما إدارة الحشود هو كل ما يدرج من تنظيمات وبرامج لتحليل الحشود بشكل حي، وتحديد المشاكل، إن وجدت، والتنبؤ بالأماكن التي من المرجح أن تشهد تزاحماً لحماية هذه التجمعات قبل وأثناء وبعد فترة تجمعها. وللمملكة تجربتها الرائدة في مواسم الحج، كونها تجربة فريدة من نوعها في إدارة أكبر تجمع بشري من ملايين الحجاج في نطاق جغرافي وزمني محدد مما أهلها لتكون مرجعًا رائدًا في هذا المجال حيث إن صحة وسلامة الحشود البشرية مسألة مهمة وحساسة للأمن العالمي.

تداعيات جائحة كورونا
مع تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) عالمياً برزت الحاجة إلى تطوير علم إدارة الحشود وكانت المملكة حاضرة بتجربتها الثرية مما مكنها من وضع ضوابط صارمة لموسم الحج الماضي بهدف الحد من انتشار الفيروس وتوفير أعلى درجات الخدمات تنظيمياً وصحياً وأمنياً بما يضمن الالتزام بالتدابير التي حددتها الجهات المعنية إضافة إلى تطبيق أعلى المعايير العالمية ذات الصلة، وبما يتماشى مع الإجراءات الاحترازية والوقائية المتخذة لسلامة وحماية الحاج ومن ذلك السماح بأداء الشعيرة لأعداد محدودة من الراغبين من مختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة وذلك حرصًا على إقامة الشعيرة بشكل آمن صحيًا وبما يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايته من مهددات هذه الجائحة، وتحقيقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية.

وقد كان لهذه القرارات الصائبة أثرها البالغ في إنجاح موسم الحج كما خطط له فيما أشادت منظمة الصحة العالمية بقرار المملكة حفاظاً على سلامة الحجاج وتعزيز الأمن الصحي داخلها وخارجها كما أشاد علماء المسلمين بالقرارات الحاسمة الصائبة بعدم تعطيل الفريضة والحرص على تحقيق المصالح الشرعية وأمن وسلامة الحجاج والمعتمرين وحفظ النفس البشرية وهي من مقاصد الشريعة الإسلامية.

عودة المعتمرين تدريجيا
انطلاقًا من حرص القيادة الرشيدة على صحة قاصدي الحرمين الشريفين وسلامتهم، فقد صدرت الموافقة الكريمة على السماح بأداء العمرة والزيارة تدريجيًا، مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية الصحية اللازمة، وذلك استجابة لتطلع كثير من المسلمين في الداخل والخارج لأداء المناسك والزيارة.

وتضمنت الترتيبات ثلاث مراحل شملت المرحلة الأولى أداء العمرة للمواطنين والمقيمين من داخل المملكة، في أكتوبر الماضي بنسبة 30 % (6 آلاف معتمر/اليوم) من الطاقة الاستيعابية التي تراعي الإجراءات الاحترازية الصحية للمسجد الحرام، أعقبتها المرحلة الثانية لأداء العمرة والزيارة والصلوات للمواطنين والمقيمين من داخل المملكة، بنسبة 75 %(15 ألف معتمر/اليوم، 40 ألف مصلٍ/اليوم).

أما المرحلة الثالثة التي تبدأ غداً الأحد فتتضمن السماح بأداء العمرة والزيارة والصلوات للمواطنين والمقيمين من داخل المملكة ومن خارجها، حتى الإعلان الرسمي عن انتهاء جائحة كورونا أو تلاشي الخطر، وذلك بنسبة 100 % (20 ألف معتمر/اليوم، 60 ألف مصلٍ/اليوم).

والمرحلة الرابعة والأخيرة فتقضي بالسماح بأداء العمرة والزيارة والصلوات للمواطنين والمقيمين من داخل المملكة ومن خارجها، بنسبة 100 % من الطاقة الاستيعابية الطبيعية للمسجد الحرام والمسجد النبوي، وذلك عندما تقرر الجهة المختصة زوال مخاطر الجائحة.

معهد إدارة الحشود
تشرفت المملكة بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما وبذلت وما زالت تبذل الغالي والنفيس لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن وتنفيذ المشروعات العملاقة التي تسهل أداء النسك في أمن واطمئنان وأجواء روحانية مع تواصل الاهتمام بالبحوث والدراسات من المعاهد والمراكز المتخصصة للإرتقاء بالخدمات عاماً بعد آخر. ويعد معهد إدارة الحشود الذي دشن في أبريل 2015 م نقلة نوعية وتطويرية كبيرة في مجال تحسين وتطوير الأداء الأمني في المملكة، ويمثل أول معهد متخصص في مجال الحلول المبتكرة لإدارة التكتلات البشرية حيث يعتبر موسم الحج أنموذج تحد كبيرا في إدارة الحشود لتحقيق أقصى درجات السلامة، والإسهام في تحقيق انسيابية عالية في حركة الحشود من خلال تكامل عمل الإدارات المعنية والجهات الأمنية والتواصل الفعّال.

معهد أبحاث الحج
أنشئ المعهد في عام 1395هـ في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة وكان عبارة عن وحدة بحثية صرفة، وفي عام 1401هـ تغير المسمى إلى مركز أبحاث الحج يتبع للجامعة نفسها ليشكل وجهة استشارية فنية للجنة الحج العليا ولجميع الجهات العاملة في أبحاث الحج وفي عام 1403هـ صدرت الموافقة السامية الكريمة بنقل المركز إلى جامعة أم القرى بمكة المكرمة.

ويعد المعهد مركزاً علمياً بحثيا هاماً قدم الكثير من الدراسات والأبحاث التي كان لها الأثر الكبير في تطوير الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين وزوار بمكة المكرمة والمدينة المنورة ومناطق المشاعر المقدسة منى وعرفات ومزدلفة على مدى أكثر من ( 46 ) عاماً منذ أن كان وحدة بحثية تتبع جامعة الملك عبدالعزيز بجدة.
وعمل المعهد في ظل خطة المملكة الطموحة 2030 حيث أن منظومة الحج والعمرة والزيارة تعتبر من أولويات اهتمامات وحرص القيادة الرشيدة التي تسعى نحو تجويد الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.

المركز العالمي لطب الحشود

المركز العالمي لطب الحشود مركز وطني تابع لوزارة الصحة ومتعاون مع منظمة الصحة العالمية في صحة وإدارة الحشود، وأحد مركزين عالميين فقط متخصصين في إدارة الحشود والتجمعات البشرية ويهدف إلى خلق شراكة مع الجهات العالمية ذات العلاقة لتطوير الإستراتيجيات وإجراء الدراسات والبحوث والتدريب في صحة وإدارة الحشود والتجمعات البشرية، منطلقة من الخبرات والمهارات الناجحة في إدارة الحشود في مواسم الحج والعمرة.

وعمل المركز على تطوير التدابير الاستباقية والوقائية كافة من تخطيط وتأهب للوقوف على مستويات الخدمات الطبية الطارئة والمستشفيات ومكافحة العدوى وتعزيز نقاط الدخول ومجالات تقدير المخاطر والحد منها والقيادة والتحكم والاتصال وتوعية الجماهير والتنسيق على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية كافة بما يضمن ويعزز من سلامة الحشود البشرية بالحج والعمرة والمواسم الترفيهية والثقافية والرياضية كافة على مدار الأعوام.

كما أولى المركز أهمية خاصة للبحوث العلمية في المجالات ذات الأولية في صحة الحشود وتبادل الخبرات والتعاون الدولي المستمر في مجالات التخطيط للتجمعات البشرية وإدارة الحشود إلى جانب بناء القدرات العلمية والتنفيذية مؤسسياً وبشرياً لتحسين وضمان جودة الخدمات المقدمة ولتطوير معايير ومؤشرات معتمدة وقابلة للتطبيق على المستوى الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *