البلاد – مها العواودة
بعد مد وجزر شهده مسار تكليف رئيس للحكومة اللبنانية الجديدة، أفضت الاستشارات النيابية إلى تكليف رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة بـ65 صوتاً من أصل 120 وتغيب 8 نواب بسبب الاستقالة.
وكشف الحريري في خطاب ألقاه من قصر بعبدا، بعد تكليفه أنه سيشكل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين ستكون مهمتها تطبيق الإصلاحات الواردة في إطار المبادرة الفرنسية، قاطعًا الوعد على نفسه بأنه سينكب على تشكيل الحكومة بسرعة لوقف الانهيار وإعادة إعمار ما دمره انفجار مرفأ بيروت.
وأكد مسؤولون وسياسيون لبنانيون لـ”البلاد”، أن لبنان لا يمتلك ترف إهدار الوقت، داعين إلى ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، مشيرين إلى أن الأزمة الحقيقية تكمن في التأليف، فهل سينجح سعد الحريري في تشكيل حكومة مرحب بها داخليًا وخارجيًا من المستقلين وأصحاب الاختصاص لإنقاذ البلد المنهك بالأزمات قادرة على تنفيذ الإصلاحات، كما أوضحوا أن كتلة “حزب الله” و”حركة أمل” لم تسم الحريري وفي ذلك إشارة واضحة إلى العقبات والمعوقات التي سيضعها الثنائي في جبهة التأليف.
وقال المحلل السياسي محيي الدين الشحيمي، إن التكليف ليس هو الأصل، حيث يكمن الهدف في التأليف والنجاح في تشكيل الحكومة، مبيناً أن الموضوع تحت المراقبة لمقاييس ومعايير الساحة الإقليمية والدولية. وأضاف “يتجه الرئيس الحريري إلى المعركة الحقيقية التي سوف تحمل عنوان المرحلة المقبلة واضعا نصب عينيه هدف القدرة على تدوير الزوايا المحلية للوصول إلى تشكيلة حكومية متناغمة عنوانها الأساسي الأولويات الاقتصادية والاجتماعية ووضع حد للانهيار الاقتصادي والمالي الحاصل، مع ضرورة أن تلقى ترحيبًا دوليًا”.
ويرى الشحيمي، أن هذا التكليف الملغوم أمامه الكثير من العقبات تبدأ من حيث الاتفاق على شكل الحكومة، وفي قدرته على فرض التشكيلة المقبولة وغير الاستفزازية، بالإضافة إلى كسب ود الأطراف اللبنانية تمهيدا لكسب المزيد من الأصوات المؤيدة لمعركة الثقة بعد التشكيل، لأن لا نجاح من دون الحصول على الثقة.
ويرى النائب عن كتلة القوات اللبنانية العميد وهبي قاطيشا، عدم وجود خلافات حقيقية بين “حزب الله” وعون بدليل تغطية الأخير على سلاح الحزب غير الشرعي، فضلا عن الاتفاق الذي ظهر في عدم تكليف حزب الله وكتلة جبران باسيل للحريري رئيسا للحكومة، أي أن هناك اتفاقا على عدم تكليف الحريري، ما ينذر بالاصطدام مع الثنائي في تسمية الوزراء وتوزيع الحقائب في ظل تصلبهم ورغبتهم في وزراء سياسيين متخصصين وهذا مايدفع التيار الوطني الحر للمعاملة بالمثل وإلا لن تحظى التشكيلة بمباركة وموافقة رئيس الجمهورية.
ويوافقه في الرأي السياسي نوفل ضو، الذي أكد أن مشكلة لبنان تمكن في الغطاء الذي يقدمه باسيل وغيره من المنظومة السياسية الشريكة في التسوية التي أوصلت عون إلى رئاسة الجمهورية، للمشروع الإيراني المزعزع لاستقرار لبنان والمنطقة والعالم من خلال حزب الله وسلاحه، مشيراً إلى أن خسارة باسيل في معركة تكليف رئيس الحكومة لا يعني أنه فقد أوراقه مع معركة التأليف.
وأوضح أنه على ضوء طبيعة الحكومة التي سيشكلها الحريري سيتضح أكثر مستقبل جبران باسيل السياسي، فإذا نجح الحريري في انتزاع حكومة غير حزبية فإن باسيل يكون قد تلقى ضربة قاسية ثانية، أما إذا اضطر الحريري لتشكيل حكومة يرعاها عمليا السياسيون والأحزاب، فإن التعادل يكون تحقق بين الحريري وباسيل، وستتوجه الأنظار عندها إلى طبيعة السياسة والخيارات التي سيعتمدها “حزب الله”.