البلاد – مها العواودة
رغم مرور عام على انطلاق شرارة الانتفاضة اللبنانية التي اشتعلت غضبًا في 17 أكتوبر 2019 بسبب فساد الطبقة الحاكمة، واستمرار الهيمنة الإيرانية على القرار اللبناني، لا يزال التصلب سيد الموقف في المشهد السياسي بسبب الفساد وسلاح حزب الله وأطماع بعض الأحزاب والكتل النيابية، ولاتزال النار تحت الرماد وسط آمال المنتفضين بتغيير قريب يساعد على نهوض لبنان وخلاصه من الأزمات، والذي لن يكون إلا برحيل الطبقة الحاكمة برمتها وتطبيق القرارات الدولية.
وأكد مسؤولون ومراقبون لبنانيون لـ”البلاد”، أن مابعد الشرارة الأولى للانتفاضة التي حملت شعار” كلن يعني كلن” لن يكون كما قبلها، وإن لم تحقق شيئاً ملموسًا على الأرض كما كان مأمولَا، إلا أنها استطاعت أن تحرك المياه الراكدة في المشهد السياسي.
وقال الوزير اللبناني السابق إيلي ماروني، إن الانتفاضة الشعبية أطلقت منذ بدايتها شعارات عديدة من شأنها إنقاذ لبنان من أزماته المتراكمة الناتجة عن فساد الإدارة السياسية، أولها انتخابات نيابية مبكرة لتنبثق عن المجلس الجديد سلطة تنفيذية وانتخاب رئيس للجمهورية. وتابع “المجلس بتركيبته وتوازناته الحالية لن يستمع لمطالب الثوار التي تنادي بضرورة تأليف حكومة جديدة من المستقلين تعمل على إنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي المنهار في لبنان”.
واعتبر أن مطالب المنتفضين هي مطالب كل اللبنانيين للعيش بكرامة وحرية، وأن الخلاص من الأزمات سيكون بوضع خارطة طريق تبدأ بحكومة اخصائيين ثم انتخابات نيابية مبكرة بمراقبة دولية والبدء بإقرار قوانين الإصلاحات واستعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين.
ويوافقه في الرأي القيادي في تيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش، الذي أكد أن عقم الطبقة الحاكمة عن إنتاج حلول تؤدي إلى الاستقرار دفع باتجاه تعقيد الأزمات خاصة وأن الانتفاضة لم تقدم بدائل للحل بل لا تزال مصرة على رفض الطبقة الحاكمة بأكملها، مشيراً إلى أن المعضلة الأساسية هي السلاح غير الشرعي لحزب الله والذي يتسبب في فشل كل الحلول التي تستند إلى وحدة الدولة، كما أن الخروج من الأزمة يتطلب محاربة الفساد.
وأكد المحامي انطونيو الهاشم، أن المطلوب بعد مضي عام على انتفاضة اللبنانيين في وجه الفساد حكومة مستقلة تعمل على معالجة الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق الحياد وتطبيق الدستور والاتفاقيات الدولية وقرارات مجلس الأمن وترسيخ العدالة والمساواة وتطبيق أحكام اتفاق الطائف، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
ولفت الخبير الاقتصادي البروفيسور بيار الخوري، إلى أن العقل الإقصائي عطل فرصة تاريخية للتغيير نحو الأفضل، وأتاح للقوى التقليدية إعادة الإمساك بوعي الناس وهذا أخطر ما حصل منذ سنة حتى اليوم، نفس الوجوه والقوى التي نبذها حراك 17 تشرين تعود اليوم للتفاوض وتفرض شروطها من جديد، لذلك لا يمكن للبنان أن يخطو إلى الأمام بدون قانون انتخابات جديد يسمح بسحب البساط من تحت الطبقة السياسية، ويدخل دماء وأفكار ورؤى جديدة لإدارة وحوكمة القطاع العام ويسمح لقوى الانتفاضة بالتعبير عن نفسها من خلال مواقع تمثيلية قادرة على التأثير في صناعة القرار السياسي ومستقبل لبنان.