المحليات

تطور تقني سريع.. أبو هندل تحول لأقمار صناعية

مركز المعلومات – عبدالله صقر

ربما لا يتذكر أحد من الجيل الحالي ” أبوهندل” !! .. كان اسم الشهرة للهاتف المغناطيس، الذي لم يكن يتوفر منه في أربعينيات القرن الماضي سوى 854 جهازا موزعا بين الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة .. وإذا كان البحث عن ” أبوهندل ” يقتضي النبش في ذاكرة المتاحف، فإن لمعظم جيل الشباب الحالى ذكرياته مع هذه الطوابير الممتدة طويلا خارج السنترالات؛ لإجراء مكالمة خارجية مع زميل دراسة أو أستاذ جامعي في القاهرة أو عمان أو فلوريدا، إذ لم يمض على هذا المشهد سوى ما يقارب العشرين عامًا ..

وخلال هذه الفترة القصيرة من عمر الأمم حققت المملكة صدارة العالم في مجال الاتصالات .. وكرست هذه الصدارة بإطلاق أول قمر سعودي للاتصالات، حمل توقيع سمو ولي العهد، وعبارة ” فوق هام السحب “. إنها قصة إنجاز كبير في زمن قصير توجتها رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني.

حكاية ” أبوهندل “
البدايات شهدها تاريخ 8 و9 من جمادى الثاني للعام 1384 حيث كان التطور المفصلي في مسيرة النهضة التي شهدتها المملكة، بالتوقيع على مشروع عقد الهاتف الأتوماتيكي بصيغته القانونية والمتضمن 40 ألف خط في كل من مكة، والمدينة، والرياض، وجدة، والطائف، والدمام، والخبر، والهفوف. وحينما دخلت خدمة الهاتف إلى البلاد لأول مرة عام 1934م ، لم يكن عدد الخطوط الهاتفية اليدوية الموزعة على كل من الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والطائف، يتجاوز854 هاتفًا.
واستخدم خلال تلك الحقبة الهاتف المغناطيس، أو ما يعرف بـ (أبو هندل)، ويعمل بالبطاريات الجافة، ويخدم داخل الحي الواحد أو المدينة عن طريق مآمير يرابطون على مدار الساعة. وتم إجراء أول اتصال خارجي مع مصر وسوريا ولبنان والبحرين عام 1955م.

وفي بداية ثمانينيات القرن الهجري المنصرم، أدخلت المملكة المبرقات “التلكس” باللغة العربية لأول مرة، والذي ظل مهيمنا على الإتصالات وقتا طويلا إلى أن تطورت خدمات الهاتف.

وفي عام1975 أنشأت الدولة وزارة البرق والبريد والهاتف، وكان عدد الخطوط الهاتفية في ذلك الوقت لا يتجاوز 130 ألف خط. وتم تشغيل أول شبكة من الكوابل البصرية، وإنشاء مراكز ومجمعات اتصالات في جميع مناطق المملكة عام 1984م.

قمر سعودي أول للاتصالات
واليوم يشهد قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بالمملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، قفزة هائلة من التطور؛ حيث أعلنت المملكة العام المنصرم، ممثلة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، عن إطلاق القمر السعودي الأول للاتصالات (SGS-1)، بنجاح من مركز غويانا الفرنسي للفضاء على متن الصاروخ “أريان 5″، الذي حمل توقيع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – حفظه الله – على القطعة الأخيرة له بعبارة “فوق هام السحب”.

ويهدف القمر إلى تأمين اتصالات فضائية، ذات سرعات عالية على نطاق Ka-Band كخطة استراتيجية وطنية لتلبية احتياجات المملكة، وتقديم خدمات الاتصالات بمواصفات متطورة لاستخدامها من قبل القطاعات الحكومية، وبمواصفات تجارية لبقية مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا وأجزاء كبيرة من أفريقيا وآسيا الوسطى، كما يهدف إلى تطوير القدرات المحلية والموارد البشرية وخلق فرص عمل في مجال صناعة الفضاء.

ويحتوي القمر السعودي ، الذي تتم إدارته وتشغيله والتحكم به عبر كوادر وطنية، على حمولة متعددة الحزم توفر قدرة مرورية تتعدى 34 جيجا بت في الثانية، وكذلك ألواح شمسية عالية الكفاءة تقوم بتوليد الطاقة بقدرة إجمالية تتجاوز 20 كيلوواط، كما يحتوي القمر على وحدة معالجة تسمح بتغير إعدادات الإشارة الصاعدة والهابطة، ووحدة توزيع قادرة على تمرير الاتصالات بين المستخدمين دون عبور المحطات الأرضية. كما يحمل حمولة للاتصالات لنطاق Ku-band مخصصة لهلاسات، إحدى شركات عربسات.

صدارة عالمية
وكانت المحصلة أن حققت الرياض المركز العاشر عالميا في مؤشر التقنية الفرعي، كما احتلت المملكة المركز 27 عالمياً متقدمة 40 مركزاً في سلم الترتيب العالمي لمؤشر البنية التحتية الرقمية للاتصالات وتقنية المعلومات الذي تصدره الأمم المتحدة لقياس تطور الحكومة الإلكترونية، كما حصلت المملكة على المركز الثامن بين مجموعة دول العشرين في إصدار عام 2020. ويوثق التقرير الذي أصدره المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة ” أداء” الإنجاز الذي حققته
مدينة الرياض على صعيد الخدمات الإلكترونية على المستوى المحلي بحصولها على المرتبة 31 مع مدينة فيينا من بين 86 مدينة مسجلة المركز 10 عالمياً في مؤشر التقنية الفرعي، واعتبر التقرير إحراز مدينة الرياض هذه المرتبة إنجازاً مهماً في ظل تصاعد الطلب العالمي على الخدمات الإلكترونية، ومواكباً لترؤس المملكة هذا العام لأعمال مجموعة العشرين التي تعد حاضناً لصناعة القرارات الاقتصادية والتنموية عالمياً.

لغة الأرقام
ووفقاً لنتائج المسح الأخير الذي أجرته الهيئة العامة للإحصاء أواخر 2019، فقد بلغت نسبة الأسر السعودية التي لديها إمكانية النفاذ إلى الإنترنت 92.77%، وبلغت نسبة الأسر التي يتوفر لديها خط هاتف ثابت بالمسكن 27.07%، أما نسبة الأسر التي يتوفر لديها هاتف متنقل فبلغت 99.27%، وبلغت نسبة الأسر التي يتوفر لديهم جهاز حاسوب في المسكن 53.41% أما على صعيد الأفراد، فبلغت نسبة الأفراد من سن 15 سنة فأكثر الذين يستخدمون الإنترنت 88.60%، فيما بلغت نسبة الأفراد فى هذه المرحلة العمرية الذين يستخدمون الهاتف المتنقل 96.97%، وذلك من إجمالي سكان المملكة.

كما تضاعف أعداد المشتركين الجدد في خدمة الألياف الضوئية للمنازل، مقارنة بالفترة السابقة لجائحة كورونا، حيث تقدم شبكة الألياف الضوئية باقات إنترنت بسرعات عالية واعتمادية وموثوقية لمستخدمي الإنترنت، تتناسب مع متطلبات تطبيقات التعليم والصحة والعمل والترفيه المنزلي.

فيما أكدت الوزارة أن متوسط سرعات الإنترنت الثابت في المملكة تواصل ارتفاعها، حيث حققت سرعة عالية وصلت الى أكثر من 69.86 ميجا بت/الثانية نتيجة لزيادة الإقبال على خدمات الألياف الضوئية أثناء الجائحة. وأوضحت الوزارة أن وصول خدمات البنية الرقمية لأكثر من 3.5 ملايين منزل أسهم في زيادة الطلب العالي على سرعات الإنترنت واستهلاك البيانات من خلال تنفيذ مبادرات تحفيز الاستثمار في نشر البنية التحتية الرقمية التابعة لبرنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030، وعن طريق مشاركة القطاع الخاص وتحفيزه لتقديم أكثر من 15 مليار ريال، كما أن هذه الاستثمارات التي أسهمت فيها الدولة تعمل على تسريع التحول الرقمي في المملكة، وزيادة الاقتصاد الرقمي المعرفي لبناء مجتمع رقمي وحكومة رقمية واقتصاد رقمي مزدهر. يذكر أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات أطلقت اتفاقية فتح النطاق العريض لشبكات الاتصالات الثابتة بين جميع الشركات الست المقدمة للخدمة خلال عام 2020 التي تهدف إلى زيادة فاعلية استخدام البنية التحتية الرقمية للألياف الضوئية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *