جدة- البلاد
تخطو المملكة خطوات واثقة لتحقيق رؤيتها الطموحة والانطلاق إلى فضاء أرحب يعزز مكانتها الإقليميـة والدوليـة على كافة المستويات،خاصة في مجال التقنية الرقمية وحماية أنظمتها وبنيتها التحتية الحساسة، وتعزيز ثقة الجهات الوطنية والمستثمرين والأفراد في فضائها السيبراني وهذا ما أكد عليه مجلس الوزراء في جلسته مؤخراً بإقراره الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني.
إن مواكبة المملكة لثورة المعلومات والطفرة التقنية تأكيد لدورها الطليعي في قيادة التحول الرقمي حيث تعد من الدول السباقة في هذا المجال الذي يعتبر أحد الممكنات الأساسـية لتحقيق رؤية 2030، بهدف بناء حكومة رقمية، واقتصاد رقمي ذي صناعة مبنية على الثورة الصناعية الرابعة، ومجتمع رقمي لإيجاد بيئة عامرة واقتصاد مزدهر ومستقبل أفضل للمملكة.
وفي هذا السياق كان لابد من مواجهة التحديات العديدة التي تواجه العصر الرقمي المتمثلة في الجرائم السيبرانية التي باتت تشكل تحدياً كبيراً للأمن القومي والدولي، حيث اعتبر الفضاء السيبراني مجالاً خامساً في الحروب بعد البر والبحر والجو والفضاء، وهو ما استدعى ضرورة وجود ضمانات أمنية ضمن هذه البيئة الرقمية.
ويعد الأمن السيبراني مجموعة من الوسائل التقنية والتنظيمية والادارية التي يتم استخدامها لمنع الاستخدام غير المصرح به و سوء الاستغلال واستعادة المعلومات الالكترونية ونظم الاتصالات والمعلومات التي تحتويها وذلك بهدف ضمان توافر واستمرارية عمل نظم المعلومات وتعزيز حماية وسرية وخصوصية البيانات الشخصية ونظراً لخطورة التهديد السيبراني المتزايدة، أصبح من الضروري النظر إلى الأمن السيبراني كأداة مستديمة لتوفير الحماية والاكتشاف ولتقليل الهجمات على الأفراد والمؤسسات والوطن.
هيئة وطنية
وتعد الهيئة الوطنية للأمن السيبراني هي الجهة المختصة في المملكة بالأمن السيبراني، والمرجع الوطني في شؤونه، وتهدف إلى تعزيزه؛ حمايةً للمصالح الحيوية للدولة وأمنها الوطني والبنى التحتية الحساسة والقطاعات ذات الأولوية والخدمات والأنشطة الحكومية. ولا يخلي ذلك أي جهة عامة أو خاصة أو غيرها من مسؤوليتها تجاه أمنها السيبراني بما لا يتعارض مع اختصاصات ومهمات الهيئة الواردة في تنظيمها.
وقد بذلت الهيئة جهودا كبيرة لوضع السياسات والمعايير والضوابط والإرشادات المتعلقة بالأمن السيبراني في المملكة، ومتابعة الالتزام بها، وتحديثها.كما أصدرت وثيقة المعايير الوطنية للتشفير، لتعزيز حماية البيانات والأنظمة والشبكات لدى الجهات الوطنية، وتحديد الحد الأدنى من المتطلبات لتوفير درجة الحماية المطلوبة عند استخدام آليات التشفير للأغراض المدنية والتجارية، وبما يدعم الاستخدام الفعال للتشفير في حماية الفضاء السيبراني للمملكة.
كما يسعى الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز وهو مؤسسة وطنية تحت مظلة اللجنة الأولمبية السعودية، لبناء قدرات محلية واحترافية في مجال الأمن السيبراني وتطوير البرمجيات والدرونز بناءً على أفضل الممارسات والمعايير العالمية، للوصول بالمملكةإلى مصاف الدول المتقدمة في صناعة المعرفة التقنية الحديثة.
الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني
أصدر مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، حفظه الله، أمس الأول، قراراً بالموافقة على الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني؛ الذي يؤكد على ما توليه المملكة من أهمية كبرى للأمن السيبراني الوطني، ووفقاً لوزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة الوطنية للأمن السيبراني الدكتور مساعد بن محمد العيبان فإن الاسـتراتيجية سوف تؤسس لمرحلة جديدة في مسيرة الأمن السيبراني، وتسهم في ترسيخ منظومـة وطنيـة متكاملـة للأمـن السـيبراني تمكّن الجهـات الوطنية مـن رفـع مستوى أمنهـا السـيبراني وحمايـة شـبكاتها وأنظمتهـا وبياناتهـا الإلكترونيـة، وتساعد على تطويـر مبـادئ الأمـن السـيبراني، كما من شـأنها أن تحقـق مسـتوىً عاليًـا مـن النضـج والمهنيـة في الممارسـات.
وستطلق هذه الاستراتيجية مجموعة من المبادرات والمشاريع المحددة بخطط زمنية يمكن قياسها بمجموعة من مؤشرات الأداء الرئيسة، ووفق أهداف تتمثل في حوكمةٍ متكاملة للأمن السيبراني على المستوى الوطني، وإدارة فعّالة للمخاطر السيبرانية، وحماية الفضاء السيبراني، وتعزيز القدرات التقنية الوطنية في الدفاع ضد التهديدات السيبرانية، إضافة لتعزيز الشراكات والتعاون في هذا المجال، وبناء القدرات البشرية الوطنية وتطوير صناعة الأمن السيبراني في المملكة.
كما حددت الاستراتيجية ثلاثة مسارات متوازية لخطتها التنفيذية ستحقق آثارًا ملموسة على المدى البعيد ومكاسب سريعة على المدى القصير، من خلال العمل على مشاريع العائدات المرتفعة، وبرنامج دعم الجهات الوطنية، بالإضافة لتنفيذ عدد من المبادرات الوطنية على مدى خمس سنوات. وستعمل الهيئـة الوطنيـة للأمن السـيبراني عـلى ترجمة هـذه الاستراتيجية الوطنيـة إلى عمل مؤسسي بأسلوب تكاملي مع الجهات ذات العلاقة، للوصول إلى فضاء سـيبراني سـعودي آمن وموثوق يمكّن النمـو والازدهار.