لكل منا أحلامه وطموحاته التي يسعى بجميع الطرق إلى تحقيقها من أجل حياة أفضل، وأكثر هذه الأحلام التي تراود الفرد هي «الاستقرار المادي» الذي يفي بمتطلبات الحياة ومواجهة ظروفها القاسية، إذ اختلفت المعايير المعيشية وزادت التكاليف مع النمو الاقتصادي وتطور التنمية وزحف التمدن وهيمنة التكنولوجبا، ومع كل هذه المعطيات زادت حاجة الفرد إلى «المال».
من حق كل فرد أن يعيش حياة مستقرة من كل الجوانب إن كانت مالية أو اجتماعية أو نفسية أو صحية أو اقتصادية، ومن أجل ذلك فهو يسعى ويجتهد ويكدح حتى يتمتع بهذا الاستقرار في لقمة عيشه.
ولكن ماذا؟.. عندما يقع صاحب هذا الحلم البسيط في فخ الأوهام بكسب الأرباح من خلال الاستثمار بتحويشة العمر في شركات أجنبية تعمل إلكترونيًا ، إذ تزايد خلال الفترة الأخيرة قيام شركات أجنبية بالترويج بشكل واسع لخدماتها عبر الشبكة العنكبوتية أي «مواقع التواصل الاجتماعي « ، لجذب الأفراد للدخول في أسواق العملات “الفوركس”، وتقديم تسهيلات ائتمانية عالية وإغرائهم بتوسيع أرباحهم وتحصيل المزيد من العمولات، وعند الخسارة تقوم بتصفية مركز العميل دون الرجوع إليه، اعتماداً على اتفاقية المتاجرة بالعملات، التي تعطي الشركة الحق في حفظ حقوقها من خلال التصفية الفورية مما يؤدي بالمستثمرين الأفراد إلى هاوية الإفلاس.
ما دعاني إلى كتابة هذه المقالة هو تحذير لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية والتي أوضحت طرق اقتناص شركات الفوركس غير المرخصة لضحاياها، إذ أكدت لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية، في بيان لها، أن شركات الفوركس غير المرخصة تصل لضحاياها عبر العديد من مواقع التواصل الاجتماعي، مشددة على ضرورة أخذ الحيطة والحذر، وعدم التأثر بالأرباح التي يزعمونها.
وحذرت عدة جهات حكومية من التعامل مع المواقع الإلكترونية المشبوهة التي تسوق للاستثمار في الأوراق المالية دون حصولها على التراخيص المطلوبة من الجهات ذات الاختصاص، بما فيها نشاط “الفوركس” غير المرخصة.
والواقع أن الشركات الإلكترونية الوهمية في المواقع لا يمكن ملاحقتها كونها دون صفة تجارية أو قانونية، والأفضل على الأفراد اختيار استثمارات نظامية في المملكة لأنه في حال الاختلاف فإنه يمكن اللجوء إلى مؤسسة النقد أو سوق المال أو الجهات المختصة ، كما أن معظم شركات التداول على مواقع الإنترنت وهمية ومجهولة المنشأ والمصدر، وغير نظامية، ولاتخضع لقوانين مؤسسة النقد السعودي ، وأكثر هذه الشركات تتحايل عن طريق التحويل بأرقام البطاقات الائتمانية، ويتم البدء بتحويل مبالغ ضئيلة جدا في البداية ، كما أنه في حال التعرض للاحتيال فإن الشخص لا يستطيع أن يلجأ للقانون لحمايته.
كما لا يفوتني أن أستشهد بفتوى شرعية لمجمع الفقه الإسلامي حول التعامل مع تلك المعاملات المالية، إذ بين المجمع إن التجارة بالعملات في سوق الفوركس، تشتمل على محاذير شرعية عديدة، وعلاقة العميل مع الوسيط علاقة تكتنفها أيضاً محاذير كثيرة، ومن هذه المحاذير أن السمسار أو الوسيط في سوق الفوركس، يقرض العميل؛ إما بفائدة أو بشرط أن يتعامل في السوق عن طريقه، وهذا كله غير مشروع.
وأخيراً .. لا تهدروا أحلامكم في الاستثمارات الوهمية ، ووجهوا أموالكم في الاتجاه الصحيح الذي يضمن للفرد حقوقه المادية والقانونية ، فكم من شخص وقع ضحية وتعّرض لأزمة قلبية ، وكم من شخص أصبح صفر اليدين بعد أن خسر كل تحويشة عمره.
وسلامة صحتكم.
shahm303@hotmail.com