جدة- عادل بابكير
كشف الدكتور فيصل الفاضل رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى لـ”البلاد” أن النظام الجديد لمكافحة التستر الذي أقره مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الماضي جاء ليضيف خطوة كبيرة ومهمة ضمن منظومة من المبادرات والمشروعات التي يعمل على تحقيقها البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري الذي تشرف عليه لجنة وزارية برئاسة وزير التجارة، وتقترح الحلول والمبادرات التي من شأنها مكافحة الظاهرة والقضاء عليها، كما تتولى اللجنة الإشراف على تنفيذ المبادرات ووضع مؤشرات قياس أداء جميع الجهات المعنية، مع متابعة التقيد بتنفيذ التوصيات الصادرة في الشأن ذاته.
وأوضح أن النظام يأتي في المقام الأول للحد من عمليات التستر والقضاء عليها بما ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني، وسيسهم بعد تطبيقه في الآثار المالية الإيجابية من خلال تقليل حجم الحوالات الخارجية وبالتالي تحسين ميزان المدفوعات، واستقرار القطاع المالي ومكافحة غسيل الأموال نتيجة تقييد الصلاحيات المصرفية، كما سيسهم في تعزيز النمو الاقتصادي من خلال تعزيز الاستثمارات الداخلية، والحد من المنافسة غير العادلة وتسهيل إيجاد الفرص الاستثمارية للمواطنين، والفرص الوظيفية.
كما أن النظام الجديد سيسهم في تحفيز المنشآت الصغيرة والمتوسطة وفي رفع جودة مستوى الخدمات والمنتجات التي تقدم للمستهلك ويحمي المستهلكين من الآثار السلبية للتستر، حيث إن الأعمال المتستر عليها بطبيعتها تسعى إلى الكسب السريع وتسهيل الأموال وتجنب الاستثمار في الأصول، وممارسة الغش التجاري الأمر الذي ينشأ عنه خطر على صحة أفراد المجتمع وأمنهم.
وأوضح الفاضل أن النظام اشتمل على السبل الكفيلة لتسهيل عملية الإبلاغ عن جرائم التستر بالشكل الذي يعزز حماية المبلغين، وتفعيل دور المواطن ليكون مساهما فعالا في مكافحة جرائم التستر التجاري، إذ أن النظام تضمن أحكاماً لحماية هوية وبيانات المبلغين عن قضايا التستر بعدم تضمينها في ملف القضية، ويكافئ المبلغين عن حالات التستر بنسبة تصل إلى 30% من الغرامة المحصلة بعد صدور الحكم واكتسابه الصفة النهائية.
وأضاف أن النظام نص على إجراءات استباقية لمنع وقوع الجريمة وهناك عقوبات من أهمها حجز ومصادرة الأموال غير المشروعة لمرتكبي الجريمة بعد صدور أحكام قضائية نهائية في حقهم كما مَكّن الجهات الحكومية ذات العلاقة من ضبط جرائم ومخالفات التستر إلى جانب وزارة التجارة ومنح الجهات صلاحية الاستعانة بالتقنية لإثبات جرائم ومخالفات التستّر التجاري عبر “الأدلة الإلكترونية” إضافة إلى طرق الإثبات الأخرى، كذلك تضمن النظام تغليظ العقوبة المفروضة على جريمة التستر بما يتناسب مع حجم العمل التجاري محل الجريمة، لافتا في حديثه لـ(البلاد) إلى أن العقوبات المقترحة تم تغليظها لتصل في حدها الأعلى إلى السجن لمدة خمس سنوات وغرامة تصل إلى خمسة ملايين ريال في النظام الجديد. واستحدث النظام مبدأ جواز تخفيف العقوبة أو الإعفاء منها لمن يبادر من مخالفي أحكام النظام بالتبليغ عنها وفقا لضوابط محددة، وتختص وزارة التجارة بالرقابة على المنشآت وتلقي البلاغات وضبط الجرائم والمخالفات المنصوص عليها في النظام.
وأشاد الفاضل بمبادرة مهلة تصحيح الأوضاع لمخالفي النظام المؤقتة والمحددة بمدة سنة التي تضمنها قرار مجلس الوزراء الذي قضى بأن تعد وزارتا التجارة والداخلية بالتنسيق مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ومن يريانه من الجهات المختصة الأخرى، لائحة تتضمن آلية لتصحيح أوضاع مخالفي النظام ويراعى فيها تحديد الخيارات المتاحة للتصحيح وإعفاء من يتقدم إلى وزارة التجارة بطلب تصحيح أوضاعه من العقوبات المقررة بموجب النظام، ومن دفع ضريبة الدخل بأثر رجعي، خلال سنة من سريان النظام الجديد على ألا يشمل الإعفاء من ضبطت مخالفة أو جريمة وقعت منه لنظام مكافحة التستر ومن أحيل إلى النيابة العامة أو المحكمة المختصة، كما يراعى في اللائحة آلية للتعامل مع من تم تصحيح أوضاعهم من الراغبين في مغادرة المملكة النهائية، على ألا تخل هذه الآلية بالحقوق الخاصة المترتبة على التعاملات التي أبرموها، وأن تصدر اللائحة بقرار من مجلس الوزراء.
وثمن الفاضل عالياً جهود وزارة التجارة المميزة والمستمرة في تطوير البيئة التشريعية التجارية لتفعيل رؤية المملكة ٢٠٣٠ وتواكب المستجدات في عالم التجارة والتطلعات، ومن أبرز الأنظمة التي صدرت خلال العامين الماضيين بإلإضافة الى هذا النظام نظام الإفلاس ونظام التجارة الالكترونية ونظام الامتياز التجاري ونظام الشركات المهنية الجديد ونظام ضمان الحقوق بالأموال المنقولة وتعديل نظام الرهن التجاري ونظام المقيمين المعتمدين والتي أسهمت في التقدم الكبير الذي حققته المملكة في تعزيز تنافسية المملكة وتسهيل ممارسة الأعمال، والتي تم تصنيفها العام الماضي من قبل البنك الدولي كأكثر الدول تقدماً والأولى إصلاحاً من بين (190) دولة في العالم.
ويهدف النظام إلى مكافحة التستر بفاعلية أكبر وآليات ناجعة لحماية الاقتصاد الوطني من الآثار السالبة من خلال تقرير السياسات الاقتصادية والمساهمة في مكافحة اقتصاديات الظل التي تؤثر على المؤشرات التي تبنى عليها تلك السياسات، كما يهدف إلى دعم وتحسين جودة قطاع التجزئة وتقرير نموه، وتوفير فرص الاستثمار والعمل للمواطنين وتوطين الخبرات والمعرفة، والتضييق على منابع التستر من خلال التصدي للمراحل التي تسبق جريمة التستر ومكافحة سلاسل الإمداد المرتبطة بظاهرة التستر من خلال تجريم الاشتراك في تعاملاته.
يذكر أن “البلاد” تميزت بالتغطية الاستباقية لمشروع التستر التجاري منذ بداية طرحه في مجلس الشورى وحتى اعتماده في مجلس الوزراء.