انهيارات متواصلة لشعبين هُم إخوة في العروبة، تجمعهما أزمات اقتصادية عاشتها (سوريا ولبنان) بمشاكل مُتجذرة في عمق التاريخ، حتى في عُملتيهما (الليرة السورية واللبنانية)، فكانت الليرة العثمانية البغيضة في حقبتها وتداعياتها هي السائدة قبل الحرب العالمية الأولى.
ومع دحول الانتداب الفرنسي لبنان وسوريا عام 1920م، وتم طرح الليرة السورية في البلدين على حد سواء، لينفصلا بجلاء الفرنسيين عام 1946م عن لبنان التي تلقت ضربة لعملتها عام 1982 م جراء اجتياح الاحتلال الاسرائيلي لها، وتهوي الليرة طوال 14 عاماً أمام الدولار الأمريكي خلال الحرب الأهلية حتى عام 1993م. وبعد ذلك بفترة زمنية حلت عقوبات أمريكية على بعض رجال الأعمال والشركات والأحزاب بلبنان، وللآن وقف الشعب اللبناني في حالة من الذهول أمام هذا الانهيار، وبدأت الأصوات، مُتسائلة عن مصير كميات الذهب الضخمة في المراكز الأمريكية، والمُطالبة بالكشف عن الأرصدة البنكية المُتعلقة برؤساء الأحزاب ورجال الدولة ومحاسبة كل من قام بعمليات الاختلاس التي أوصلت الليرة اللبنانية إلى الهاوية.
وما الليرة السورية إلا مرآة مشابهة لليرة اللبنانية في ولادتها والتحكم بها من قبل الاستعمار الفرنسي، حتى استقلالها عبر مصرف سوريا المركزي الذي افتتح عام 1956م، لتنهار العملة عام 2011م لانتشار الفوضى في البلاد. وهروب الموارد السورية لتجار الحرب (إيران وتركيا) مما زاد من فساد النظام السياسي وعدم الاستقرار، ليُؤثر كل ذلك بالمقام الأول على الشعبين.
إنها الوقائع، وليس فقط «بيولوجية»، فقد تتشابه بتشابه الظروف المحيطة، وجمع بين اوجاع كل منهما وغالباً في مآلاتها ونتائجها، كانفجار مرفأ بيروت، وثورة 2019 عبر ثلاثة أحداث؛ أولها انخراط المؤسسة العسكرية – الأمنية اللبنانية، ثُم دخول ميليشيات «إيران» وقياداته على الخط بلبنان وجعل «حزب الله» أداة الولي الفقيه وراعي مصالح إيران قوة دفاع أساسية عن نظام الأسد، وراعياً ومدافعاً عن نظام ميشال عون، وأخيراً الكارثة الاقتصادية، وتدمير المقدرات كافة، ليدخل الوطنان سراديب الفقر والجوع والموت، فكلا النظامين لا أمل في إصلاحهما، فلا أمل في التغيير.