إن تربية الأبناء على حب الوطن من القيم السامية التي تقع على عاتق الآباء والأمهات والتربويين، بل والمجتمع كله مسؤول عن زرعها في نفوس الصغار منذ مرحلة باكرة في حياتهم. ويظل معيار مستقبل مشاركة الأبناء في بناء وطنهم والانتماء والولاء له مرتبطاً بمدى تنشئتهم على حبهم لوطنهم.
إن المجتمع كله مسؤول في هذه المهمة الوطنية الكبيرة، وفي هذا الصدد فللأسرة دور مهم وحيوي في غرس حب الوطن وتربية أبنائها وتنشئتهم على حب الوطن منذ صغرهم، إذ تستطيع الأسرة من خلال السرد والقراءة المستمرة عن تاريخ وحضارة الوطن للأبناء الذين يتأثرون ويشبون على كل ما قدمه أبطال هذا الوطن وقادته وضحوا من أجله لتسعد به الأجيال اللاحقة، حيث يحفزهم هذا على حب وطنهم ويجعلهم قادرين على الإضافة والتميز في مسيرة بناء الوطن، بجانب تحبيب اولئك النشء على كتابة المواضيع المختلفة والأناشيد وأبيات الشعر التي تبين وتمجد عظمة الوطن ونشرها في الصحف والمواقع الإلكترونية المختلفة.
كما أن هنالك دوراً منوطاً بالمدرسة في هذا الجانب من خلال تعويد الطفل على حب العمل المشترك وتنمية روح الإنفاق على المحتاجين وحب التعاون والألفة والتكافل بين كافة فئات المجتمع . أما مراكز الاحياء فيقع عليها عبء تنظيم فعاليات احتفالية تراثية ليقف الأبناء على تراث الوطن الكبير. كما يمكن لوزارة التعليم إقرار منهج خدمة المجتمع بتخصيص ساعات تطوعية من أجل أن يتسنى للطلاب نيل الشهادة الثانوية على أن يتم التنسيق مع وزارة الموارد البشرية بشأن تلك الجهات التي تقبل التطوع، ويمكن أن يكون البرنامج موجهاً إلى شريحة الأيتام وكبار السن والمعاقين والجمعيات الخيرية، بحيث يتم تخصيص ساعات مقررة على كل طالب في خدمة المجتمع وبذا يمكنه الحصول على الشهادة الثانوية.
كذلك يمكن إدخال أنشطة خدمة المجتمع في المرحلتين المتوسطة والثانوية على شكل معارف ومعلومات عامة عن المملكة، وعلى سبيل المثال أن يعرف الطالب عن عمل الوزارات والمصالح والمحاكم وأسماء الوزراء والمسؤولين فيها وغيره، فكثير من الطلاب لا يعرفون حتى وزير تعليمهم ناهيك عن الوزارات الأخرى، ويجب أن تكون مثل هذه المعلومات متجددة ومحدثة سنوياً، وكذلك يمكن أن تقرر الجامعات على طلابها مواد خدمة المجتمع في سبيل تعزيز مفهوم حب الوطن في أفئدة طلابها.
إن الصغار عندما يترسخ في نفوسهم حب الوطن تخلق لديهم روح الاستعداد والمشاركة في بناء وتنمية وطنهم عندما يشبون عن الطوق ويصبحون رجالاً ونساء قادرين على الإسهام في بناء الوطن والحفاظ عليه، وإذا كان صحيحاً ان وطناً لا نحميه لا نستحق العيش فيه فإنه صحيح كذلك أن وطناً لا نحبه لن نستطيع بناءه والحفاظ عليه، لذا علينا جميعاً تأصيل حب الوطن والانتماء والولاء له في نفوس صغارنا باعتبارهم نواة مجتمعنا وثروته المستقبلية الحقيقية العاملة على تقدمته ورفعته.
باحثة وكاتبة سعودية
كلام سليم 100%
كلام سليم