أبها – مرعي عسيري – مكة المكرمة – احمد الاحمدي – جدة – ياسر بن يوسف – رانيا الوجيه
التعليم الإلكتروني بعد أزمة كورونا ، كما يؤكد وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ ،لن يكون كما هو الحال قبلها ، فسوف تتغير أدوات ومعايير تخطيط التعليم ومؤسساته في المستقبل وستكون هناك أنماط مختلفة لما يسمّى بالتعليم عن بعد، ، منوها بدعم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد للتعليم في المملكة، خاصة في هذه المرحلة من تعليق الدراسة حضورياً، ما أثمر عن انسيابية واستمرار العملية التعليمية عن بُعد، ونجاحها رغم الصعوبات والعوائق التي واجهتها ،مشددا على أهمية جاهزية إدارات ومكاتب التعليم لاستقبال العام الدراسي الجديد، والتعامل مع الظروف الاستثنائية كافة، التي تضمن استمرار العملية التعليمية خلال المرحلة المقبلة، بما في ذلك رفع الجاهزية لعمليات التعليم عن بُعد في كل الأحوال، والاستعداد لاستقبال الهيئة التعليمية والإدارية ،داعيا إلى استكمال جميع أعمال الصيانة والتشغيل في المدارس والمرافق التعليمية، وتوفير أدوات النظافة والتعقيم. وبين جاهزية التعليم لاستقبال الطلاب مع انطلاق العام الدراسي الجديد وبين المخاوف من الاصابة بفيروس كورونا وانتقال العدوصى وسط الطلاب في الفصول الدراسية خاصة في المدارس المستاجرة وعدم تحقيق التباعد الاجتماعي ، يطرح السؤال نفسه عن ما اذا كان بمقدور التعليم عن بعد ان يحسم هذا الجدل.
هواجس ومخاوف
الى ذلك عبر عدد من التربويين والعاملين في قطاع التعليم ،عن تخوفهم من عدم نجاح التعليم عن بعد والذي من المتوقع ان تطبقه وزارة التعليم في مراحل التعليم العام والجامعات خلال العام الدراسي الجديد ،مشيرين في احاديثهم الى وجود اختلاف في الأداء بين المناطق التعليمية من منطقة لاخرى ، واختلاف في المستويات التعليمية لدى الطلاب والطالبات مع استحالة تطبيق التعليم عن بعد خاصة على طلاب الصفوف الاولية للمرحلة الابتدائية ، حيث يؤكد الدكتور صالح بن ناصر الحمادي -قائد مدرسة سابق وكاتب صحفي- ان تجربة التعليم عن بعد بالجامعات في الفترة الماضية كانت تجربة ناجحة ولكن وزارة التعليم لم توضح نجاح التجربة من عدمها في مراحل التعليم العام ذلك ان التعليم العام يحتاج فيه الطالب للحضور الى المدرسة للشرح ومناقشة الواجبات حتى يستوعب دروسه ومنها المواد العلمية واللغة الانجليزية وكل المنهج وليس في كل منزل من يستطيع مساعدة ابنائه وبناته في المواد التي لم يستوعبوها.
تجربة غير ملائمة
وفي هذا السياق يفترض سعد المطرفي – ماجستير قيادة التربوية واحد المستثمرين في قطاع التعليم- أن تكون المدارس أكثر جاهزية عن ذي قبل ذلك ان غياب الطلاب والطالبات عن فصل دراسي كامل ، جعل قادة المدارس على دراية كاملة بالآليات التي يجب أن تُنفذ لتكون البيئة المدرسية آمنة عندما يكون قرار الحضور المباشر مُؤَكَّداً، وهذا أحد الحلول المطروحة والمتوقعة خصوصا إذا أعتمد قرار العودة ، تقسيم الطلاب والطالبات إلى مجموعتين :أ و ب لتحقيق التباعد واستثمار الزمن والكوادر في تفعيل التعليم المباشر والمؤثر، في حين يرى من وجهة نظر شخصية ان تجربة التعليم عن بعد لتلاميذ المرحلة البنائية بنين وبنات من الصف الأول حتى الثالث غير ملائمة إطلاقا، ولن تكون ذات أثر معرفي مهما كان حجم التقنية المتوفرة والكم العلمي المقدم للتلاميذ عن بعد ، لأن النمو المعرفي في هذه المرحلة بحاجة إلى ممارسة مهارية وتجذير مباشر للمهارات والمعارف البنائية من كتابة وقراءة وعلوم ورياضيات، لافتا الى ان هذا التجذير الإيجابي بحاجة إلى معلمة ومعلم ممارس لتتبع اكتساب التلاميذ لتلك الحزمة من العلوم والمهارات والقيم داخل الصف وليس من خلال المنزل أو عن بعد.
استثاء مواد بعينها
وفي تصوره ان الطريقة المثلى هي استثناء بعض المواد بشكل مؤقت كالفنية والتربية البدنية والأسرية لدى البنات رغم أهميتها واعتماد الحضور المباشر والآمن للمدرسة من خلال خفض زمن الحصص مع إبقاء المعدل الزمني لليوم الدراسي كما هو وتقسيم مقاعد الطلاب إلى مجموعتين مع ترقيمها بشكل فردي وزوجي عددياً لتأكيد التباعد الآمن داخل الصف بحيث يتم تمكين المجموعة الفردية من الحضور الساعة السابعة صباحا حتى العاشرة ثم تغادر، ومن ثم تبدأ المجموعة ذات الأرقام الزوجية بالحضور في مقاعدها المخصصة رقميا إلى نهاية الدوام بمعدل ثلاث ساعات مماثلة لكل مجموعة مع إلغاء الطابور الصباحي والوقت المخصص للفسح وترك مسافة زمنية لمغادرة ودخول كل مجموعة ايضا بمعدل عشرين دقيقة ، لان من شان التقسيم العددي ان يُمكّن الكل من الإستفادة من قرار الحضور حتى لو كانت طاقة الفصل تتجاوز الأربعين تلميذا ماقبل جائحة كورونا، حيث ستصبح سعة الفصل مع التقسيم عشرين تلميذا فقط أو أقل من ذلك لاعتقاده ان هذا معدل آمن جدا في المباني الحكومية ،وتخفيض عدد الطلاب في المباني المستأجرة إلى أقل من أحد عشر طالبا أو أقل لكل مجموعة،
ويمكن توجيه النقل المدرسي للعمل على دورتين لضمان وصول كل مجموعة في الموعد المحدد ،ويمكن كذلك للهيئة الإدارية الاستعانة بالكوادر التي تم استثناء موادها هذا الفصل في عمليتي الإشراف على قياس درجة حرارة عناصر كل مجموعة عند الدخول والمغادرة ، مشددا على أهمية الحضور المباشر كضرورة حتمية حتى تكون مخرجات التعليم ذات أثر إيجابي ،أما التعليم عن بعد فربما ينعكس ذلك سلباً على مستوى الكم المعرفي والمهاري لدى تلاميذ وتعثرهم لاحقاً عند انتهاء الجائحة وإن تعذر قرار الحضور المباشر فالتأجيل لمدة شهرين كإجازة مقدمة لعام دراسي لم يبدأ بعد ويعوض زمنيا بالأشهر المعتمدة كإجازة في التقويم الزمني لهذا العام لمصلحة الطلاب والطالبات، مؤكدا ملاءمة التعليم عن بعد للتعليم الجامعي حيث أثبت جودته نسبيا وأن كان بعض الجامعات لم تثق في نتائجه واعتمدت نسبة أقل مما يجب لنتائجه ضمن تحديد مسارات الطلاب والطالبات في بعض التخصصات مع نهاية السنة التحضيرية ، فيما يؤكد مدير تعليم عسير سعد الجوني جاهزية تعليم عسير الا انه يرى في الوقت عينه ان قرار وزارة التعليم بتطبيق نظام التعليم عن بعد يرتبط بعدة جهات اخرى منها وزارة الاتصالات والمعلومات ووزارة الصحه وتحديدها لواقع تفشي فيروس كورونا.
حضور الطلاب الحل الأمثل
ومن جهته يرى عبدالله بن دحيم الدهاس – مستشار تربوي وتعليمي- أن فترة الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع التي تسبق عودة الطلاب والطالبات الى مقاعد الدراسة غير كافية لاستكمال جاهزية المدراس واضعين في عين الاعتبار ان المدراس لها أكثر من خمسة أشهر مغلقة منذ بدء الجائحة، لافتا إلى أن الإشكالية التي قد تواجه وزارة التعليم هي المباني المستأجرة وصيانتها.
ومن ناحية ثانية يرى الدهاس ان تجربة التعليم عن بعد التي طبقتها الوزارة عندما تم إيقاف الدراسة ، كانت غير مجدية ولم نلمس أن هناك جدية من خلال تعامل أبنائنا مع هذا النوع من التعليم ،مشيرا إلى أن التعليم عن بعد قد يعوّد الطالب على الاتكالية واللامبالاة وعدم الجدية في التعليم، فضلا عن كونه لا يحقق الأهداف التربوية والتعليمية والتوجيهية والتواصل الحسي والمعنوي بين الطالب ومعلمه خاصة في الصفوف الأولية وبقية الصفوف بالمرحلة الابتدائية ، مشددا على أن الدراسة الحضورية هي الحل الأمثل لانطلاق العام الدراسي الجديد.
المباني المستأجرة
ويتفق معه في هذا الاتجاه رأي نايف بن عون شرف البركاتي -مدير مدرسة متقاعد- الذي يرى ان المدارس تحتاج للكثير من العمل خصوصا في ظل المباني المستأجرة وعدم أهليتها فضلا عن ان مكونها الاساسي ليس مكونا مدرسيا وفي رأيه ان التجربة السابقة كانت حلا أمثل لإكمال العام الدراسي وفيما لو استمرت الجائحة يجب ان نستفيد من سلبياتها خاصة ان لدى وزارة التعليم كوادر مميزة يمكنها من عمل استبيان لمنسوبيها في الميدان تستطيع من خلاله تقييم التجربة وتحسينها سيما ان هناك مقررات دراسية لابد من إعداد اختبارات تحريرية لها لانها ذات بعد وعمق تعليمي مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء واللغة الانجليزية لما تتطلبه المرحلة الجامعية مستقبلا.
إرجاء الدراسة الى بداية العام
وفي سياق ذلك يؤكد حماد بن حامد السالمي التربوي والتعليمي السابق بالادارة العامة للتعليم بمحافظة الطائف أن إدارات التعليم استفادت من الفترة الطويلة التي مرت فأخذت كامل جاهزيتها في المدارس من حيث التعقيم والنظافة والصيانة وكذلك الإعداد البشري للموظفين والإداريين والمعلمين والمعلمات بينما هي تتطلع لعودة التلاميذ والتلميذات ولعل الأشهر القادمة تسمح بالعودة التدريجية للتعليم المباشر، فيما يقترح حسين ابو شارب ان من الافضل ان تكون الدراسة عن بعد العام القادم تجنبا لاحتمالات العدوي ، مفضلا تأخير الدراسة الى بداية العام الميلادي المقبل مراعاة لخوف الآباء والامهات واولياء الامور علي ابنائهم وبناتهم وفلذات اكبادهم خاصة في ظل عدم التوصل للقاح ناجع للجائحة.
لايوافق صغار التلاميذ
وللآباء وأولياء الأمور رأيهم في المسألة ، حيث يرى خالد احمد آل خالد ان التعليم عن بعد يصلح للطلاب الناضجين وخاصة في المرحلة الجامعية اما الطلاب في مراحل التعليم العام فلا يظن ان بمقدور الأب او الأم التفرغ لمتابعة ابنائهم وبناتهم فالمدرسة خير معين وهم يشجعونهم على الذهاب الى المدرسة ومخالطة أقرانهم حتى ولو كانت الدراسة على فترتين الى ان تنجلي هذه الجائحة، فيما يرى محمد ظافر الشهري ان الطلاب المستجدين بالصف الأول الابتدائي والصفوف الأولية لايجدي معهم الا الحضور الى المدرسة والتعود والانسجام مع جو المدرسه والطلاب والشرح التدريجي حتى ان المدارس لاتختار للصفوف الأولية الا المعلمين المميزين الذين يستطيعون التعامل مع هذه الشريحة الغضة والتي لا يستطيع الاب ولا الأم تعليمهم في المنزل.