أبها – مرعي عسيري مكة المكرمة – احمد الاحمدي – جدة – ياسر بن يوسف رانيا الوجيه
اعاقت كورونا الكثير من جوانب الحياة, كان التعليم جزءا رئيسيا منها ومن ضمن القطاعات الاكثر تأثرا بتداعياتها حيث علقت الدراسة وأغلقت المدارس والجامعات، الأمر الذي لجأت معه وزارة التعليم ، للتعليم الإلكتروني وتقنياته باعتباره الخيار الأمثل لاستئناف العملية التعليمية في ظل ازمة كورونا والمستجدات الأخيرة للجائحة خاصة في هذه المرحلة من تعليق الدراسة حضورياً، ما أثمر عن انسيابية واستمرار العملية التعليمية عن بُعد، ونجاحها رغم الصعوبات والعوائق التي واجهتها.
وما بين الجاهزية لانطلاق العام الدراسي الجديد، وحضور الطلاب ، يُطرح السؤال نفسه عن مدى نجاح تطبيق التعليم عن بعد في الجامعات، وما اذا كان بمقدور التعليم عن بعد أن يحسم جدل التعليم وهاجس كورونا.
وللإجابة عن هذا السؤال تابعت (البلاد) في الجزء الأول من هذا الاستطلاع اراء نخبة من أستاذة الجامعات السعودية الذين أكدوا على نجاح التجربة بعد تطبيقها على أرض الواقع. تجربة ليست جديدة
وهو الأمر الذي أكده ابتداءً الأستاذ ماجد الفيصل المحاضر في القانون بجامعة الملك عبدالعزيز، مشيرا الى ان منظومة التعلم الالكتروني والتعليم عن بعد في الجامعات السعودية تتمتع بالعديد من إيجابيات العملية التعليمية، بل ان العديد من الجامعات السعودية تتبع افضل الوسائل والبرامج المحلية والعالمية الداعمة لتوفير بيئة تعليمية عن بعد من شأنها تحقيق أفضل معايير جودة التعليم والاعتماد الاكاديمي، موضحا ان من ايجابيات هذه المنظومة ،تحقيق العديد من اهداف العملية التعليمية في تقديم المحاضرات وارسال واستلام الواجبات والبحوث الصفية وادارج الاختبارات والتصحيح الالكتروني لبعض انواع الاسئلة وتقديم العديد من المزايا التي تتيح للطلاب والأساتذة المشاركة التفاعلية خلال المحاضرات، وفي اقسام النقاش (المنتديات) وتيسير العديد من المزايا الأكاديمية المتعلقة بالأعمال الفردية والجماعية للطلاب، فضلا ان بعض تلك البرامج تقدم خدمات اضافية في رصد الدرجات واعلانها والعديد من المزايا التي من شأنها تحقيق نواتج التعلم التي تسعى المؤسسات التعليمية لتحقيقها،
لافتا الى ان بعض الطلاب او أعضاء هيئة التدريس قد يواجهون بعض الصعوبات في التعامل مع تلك البرامج ولكنها في حقيقة الامر صعوبات بسيطة ولا تكاد تذكر بحيث انها لا تشكل عائقا حقيقيا حيث تحرص اغلب المؤسسات التعليمية على تقديم العديد من البرامج التدريبية سواء بشكل مباشر من خلال الدورات والورش التدريبية او من خلال المواد المقروءة او المسجلة (المسموعة و المرئية) ، منوها بصفة خاصة هنا بجامعة الملك عبدالعزيز التي حققت على سبيل المثال انجازات كبيرة ومتقدمة في مجالات برامج التعليم عن بعد والمواد التدريبية المتاحة لها حيث يمكن للجميع الاستفادة من تلك المواد من خلال موقع عمادة التعلم الالكتروني والتعليم عن بعد ، فضلا عن ان أغلب الشركات التي تقدم هذه البرامج تقدم دائما مواد تدريبية وتعليمية لمستخدميها وهي متاحة ضمن تلك البرامج او من خلال مواقع تلك الشركات او المؤسسات التعليمية المستخدمة لها او من خلال العديد من المواقع على شبكة الانترنت ، كما كان لجودة خدمة الانترنت في المملكة ان اسهمت في انجاح التعامل مع برامج التعلم الالكتروني والتعليم عن بعد بشكل كبير، علما بان الاستفادة من برامج التعليم عن بعد ليست بجديدة على منظومة التعليم في المملكة حيث قطعت العديد من الجامعات مراحل متقدمة في السابق سواء في سياق التعليم عن بعد او الانتساب او التعليم المدمج، ولعل هذا الرصيد من الخبرات ساهم في إنجاح تنفيذ خطط وتوجيهات وزارة التعليم خلال الجائحة والتي اظهرت به الوزارة دورا كبيرا وفعالا في استمرار العملية التعليمية ونجاحها ، مؤكدا ان هناك فرصا واعدة وكبيرة للاستفادة من برامج التعلم الالكتروني والتعليم عن بعد ضمن منظومة التعليم في المملكة وتحقيق الجامعات المزيد من الإنجازات.
جاهزية الجامعات
وفي هذا الاطار يأتي رأي الدكتور سعد بن حسين بن عثمان استاذ الدراسات العليا بجامعة الملك خالد ليؤكد أن هذه الجائحه برغم ما اكتنفها من اشكاليات ،الا انها اتاحت تفعيل التعليم عن بعد وتحقيق النجاح في الفصل الثاني والصيفي حتى انها كانت فرصة للطلاب في الفصل الدراسي الثاني حيث سجل في جامعة الملك خالد ما يقارب الثلاثين الف طالب في الفصل الدراسي ، مؤكدا ان الجامعات جاهزة لاستتقبال العام الدراسي الجديد لانها في مبان مهيأة اضافة لامكانية تقليص عدد المحاضرات.
لا غنى عن الحضور
وعلى النقيض من هذا الرأي يرى الدكتور عبد المحسن الداؤود الأستاذ بجامعة الأمام محمد بن سعود والكاتب الصحفي المعروف انه لا غنى عن الحضور الى المدرسه ذلك ان المدرسة ليست للتعليم فحسب بل هي تعليم وتوجيه ومشاركة في الأنشطة وبناء شخصية وتأثير وتأثر ولكن لابد من دراسة الوضع حتى لو كان الحضور على فترتين من السابعة صباحاً وحتى العاشرة صباحاً ومن العاشرة حتى الواحدة ظهراً ويمكن الاستغناء عن حصص الرياضة والنشاط.
حل مثالي
من جانب آخر نوه الدكتور فهد بن عتيق المالكي عضو هيئة التدريس بجامعة ام القرى بمكة المكرمة بالقرار الملكي الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الرامي لتحويل التعليم من حضوري إلى تعليم عن بعد، مقدما -حفظه الله- صحة أبنائه وبناته الطلاب في جميع المراحل فوق كل اعتبار , ومن ذلك الحين وجه – حفظه الله – وزارة التعليم لاتخاذ كافة التدابير اللازمة لسير العملية التعليمية وربط الطلاب بأساتذتهم في فصول افتراضية , كما وضعت وزارة التعليم كافة الاحتمالات امامها لتجاوز هذه الأزمة العالمية , بتوفير قنوات تواصل بين كل الأطراف ذات العلاقة في الميدان التربوي لإيصال رسالة التعليم لكل الطلبة ، معتبرا تجربه التعليم عن بعد في التعليم الحل المثالي لاستمرارية العملية التعليمية في ظل جائحة كورونا.
تجربة عقيمة
ومن خلال تجربة التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا، توضح الدكتورة نادية باعشن عميدة جامعة جدة ان هناك سلبيات ملموسة وبالتحديد على مستوى الطلاب تمثلت في عدم توفر الاجواء الصفية للطلاب وهذه لا تقدر بثمن ذلك ان تواجد الطالب أو الطالبة مع المعلم أو المعلمة وتعاطيهما مع المعلمين بشكل مباشر لا يوازيها أية تجربة أخرى، وبالرغم من اعتماد الطلاب على أنفسهم أو بمساعدة والديهم، الا ان تجربة التفاعل والاحتكاك مع الطلاب ومع زملائهم تعتبر تجربة عقيمة وكذلك الاحتكاك المباشر مع المعلم من خلال فقدان عنصر الشرح ووضع الأمثلة أمام الطالب مما يساعد على ترسيخ المعلومات لدى الطلاب بدلا من قراءة الكلام أو مشاهدة مقاطع مسجلة دون حدوث أخذ وعطاء بينهم وبين المعلم، كونها أجواء محفزة وإيجابية تجعل الطالب اكثر حضورا ذهنيا لتلقي المعلومة.
من جانب آخر تعلق دكتوره باعشن على أن أغلب السلبيات التي واجهت التعليم عن بعد كانت لاتصب في صالح الطلاب في الصفوف الابتدائية أو المتوسطة حيث لا يوجد لديهم الجدية الكافية للالتزام بالمكوث أمام الشاشة ومتابعة دروسهم فيشعرون أنهم مجبرون على ذلك وغير قادرين على متابعة الدروس ومن ناحية الطلاب الجامعيين فنحن نعول على أنهم أكبر سنا وأكثر نضجا من غيرهم من الطلاب الآخرين، وأكثر مسؤولية لذلك ينجح معهم الحضور الى الجامعة وتحقيق التباعد الإجتماعي بتطبيق الإجراءات الاحترازية.