جدة- ياسر بن يوسف – مكة المكرمة – أحمد الأحمدي
ألقت جائحة كورونا بظلالها على الاقتصاد العالمي والمملكة كجزء من هذا العالم تحملت نصيبها من تداعيات فترة توقف النشاط الاقتصادي ودفعت فاتورة باهظة التكاليف تمثلت في حزم التحفيز المالي والدعم الحكومي للقطاع الخاص نظير ما اتخذته من اجراءات احترازية حماية لمواطنيها والمقيمين على اراضيها رافعة شعار صحة الانسان اولا ، فضلا عن المليارات التي انفقتها اسهاما منها دعما للمجهود العالمي في مواجهة الجائحة والتقليل من آثارها المدمرة، ولكن رغم قتامة المشهد الاقتصادي العالمي بسبب تداعيات كورونا الا ان الاقتصاد السعودي بحسب اقتصاديين ومحللين ماليين تحدثوا (للبلاد) سيبدأ في التحسن التدريجى مع نهاية الربع الثالث على خلفية حزم التحفيز المالية وتمديد برامج الدعم لمدة 3 شهور اخرى ، منوهين بالنجاح الكبير الذي حققته المملكة ولا زالت تحققه في ادارة الازمة والتصدي لها بالعمل السريع والاجراءات المباشرة والتكيف مع الظروف الراهنة التي نقلت المملكة الى بر الامان.
استقطاب الاستثمارات
بداية يرى الدكتور عبد الله المغلوث الاقتصادي المعروف عضو الجمعية السعودية للاقتصاد ان الترشيحات تتزايد بتعافي الاقتصاد السعودي ونمو مؤشراته بدءا من نهاية الربع الثالث العام الجاري في أعقاب القيود الاحترازية المشددة التي فرضتها المملكة للوقاية من فيروس كورونا المستجد طوال اربعة شهور من المنع الكلي والجزئي للتجول في البلاد ما ألقى بتأثيراته على الحركة التجارية والاقتصادية في القطاع الخاص ، متوقعا ان يكون الربع الثالث الجاري موعدا لنمو المؤشرات من خلال عودة زخم النشاط الاقتصادي واستقطاب المزيد من الاستثمارات مع تنامي ثقة المستثمرين وزيادة معدلات السيولة في السوق المحلية ، متزامنا مع مؤشرات ارتفاع أسعار النفط ، واصفا فعالية حزم التحفيز والدعم الحكومية للقطاع الخاص خلال الفترة الحرجة الماضية والمستمرة حاليا ، بالخطوة المفصلية لأنه ستشهد نهاية الربع الثالث من العام الجاري قفزة نمو محتملة في الاقتصاد الوطني لمواكبة زيادة حركة الأسواق والتجارة وانخراط القطاع الخاص في أعماله بدوام كامل لا سيما بعد رفع التجول والسماح بمزاولة الأعمال مع التقيد بالاحترازات المطلوبة دون أن تؤثر سلبا في حركة الأنشطة التجارية والاقتصادية والاستثمارية.
وهناك حالة من التفاؤل تسود الرؤى التحليلية للاقتصاد السعودي مع رفع منع التجول والانفتاح الاقتصادي الكلي للمحلات التجارية مع تطبيق الإجراءات الاحترازية التي وضعتها وزارة الصحة بعد مدة إغلاق تخطت 90 يوما بسبب تفشي وباء كورونا، حيث أن السياسات الناجعة التي واجهت بها السلطات في المملكة تأثيرات الوباء ستلقى انعكاساتها جليا في الربع الثالث ، لافتا الى أن انتعاش الاقتصادي السعودي الشهور القليلة المقبلة تعززه حالة ثقة تحسن الوضع الصحي وزيادة أعداد التعافي، وهو ما أبدته وزارة الصحة من أهمية عودة الحياة الطبيعية إلى ما كانت عليه قبل حظر التجوال ،
فيما سيبدأ التعافي الاقتصادي تدريجيا ويتحسن الأداء المالي للشركات والمؤسسات الخاصة مع نهاية الربع الجاري مستغرقا مدة زمنية تمتد إلى ستة أشهر، حيث ستكسر حركة القطاع الخاص الجمود وبطء النمو الذي تسبب بها توقف العديد من الأعمال نتيجة القيود الاحترازية التي فرضتها الدولة لمحاصرة كورونا، وسوف تكون هناك زيادة في حركة الاستيراد والتصدير بنسبة لا تقل عن واحد في المائة قبل نهاية العام الجاري، لافتا الى ان من أسباب تعافي الاقتصاد السعودي بدءا من الربع الثالث من العام الجاري ، زخم عودة النشاط الاقتصادي بعد غياب طويل ومؤثر، والتوقعات باستقطاب المزيد من الاستثمارات، وارتفاع أسعار النفط. حيث أن هذه الأسباب مجتمعة سيكون لها تأثير إيجابي على بعض القطاعات الحيوية مثل نشاط التجزئة والطاقة والبتروكيماويات والبنوك والقطاع الصحي والمقاولات وصناعة السياحة ، بهدف تعويض فترات التوقف الكلي في الربع الأول على خلفية الإجراءات الاحترازية التي فرضتها جائحة كورونا.
حزم التحفيز والدعم
وهو ما يؤكده ايضا المهندس نصار السلمي عضو مجلس ادارة غرفة جدة الذي يرى ان المملكة كانت من اوائل الدول التى تفاعلت بايجابية مع فيروس كورونا مع حزم تحفيز بلغت اكثر من 200 مليار ريال وتمديد برامج الدعم لمدة 3 شهور اخرى وسط تركيز نوعى على دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة والاستقرار الوظيفى ، ما اسهم في تجنيب الاقتصاد الوطنى الدخول في مرحلة انكماش اقتصادى طويل المدى ، منوها بتمديد حفز التحفيز للمحافظة على معدلات جيدة من السيولة في السوق متوقعا المزيد من التحسن الاقتصادي مع تعافي اسعار النفط وفتح النشاط الاقتصادي على المستوى المحلى والدولى منوها بالحزم الذى ابدته المملكة من اجل تطبيق اتفاق خفض الانتاج لدعم الاسعار واستقرار السوق النفطية.
السياحة والنقل والطيران
ومن جانبه يؤكد الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة اهمية الاستمرار في حزم التحفيز الاقتصادي وتوحيد الجهود لضخ المزيد من السيولة في الاسواق وفتح مختلف الانشطة لمنع الدخول في مرحلة كساد اقتصادى ، واصفا التعاون الدولى في مواجهة الجائحة ، بانه كان جيدا ومبشرا ويمكن البناء عليه في الكثير من القضايا ، لافتا الى ان من ابرز القطاعات التى تاثرت بالسلب ، قطاع السياحة والنقل والطيران ، فيما يؤكد الكاتب والمحلل الا قتصادي عبد الرحمن بن احمد الجبيري ان المنظمات الدولية اصدرت تقارير ومؤشرات اقتصادية تشير الى تحسن الاقتصاد السعودي وتجاوزه بكفاءة عالية ، ما سيتيح فاعلية اكبر بعد عودة الحياة الاقتصادية لطبيعتها ، متوقعا ان ينتقل الاقتصاد العالمي من مرحلة الركود الاقتصادي الى مرحلة الانتعاش خلال الربع الاول من العام القادم حيث ستتعاظم وتيرة الانتاج العالمي ويزيد الطلب على الطاقة والمنتجات وتتحرك عجلة الاقتصاد العالمي لتعويض الفاقد خلال هذه المرحلة غير المسبوقة وغير القابلة للقياس لاختلاف المعايير والاسباب مقارنة بالازمات التاريخية الماضية.
ازمة اقتصادية
وفي السياق يرى الدكتور هاشم بن عبدالله النمر الخبير الا قتصادي المعروف انه رغم هذه الظروف الاقتصادية ورغم تدني مستوى أسعار النفط بالتوازي مع الأزمة الاقتصادية لكورونا، إلا أن المملكة سخرت جميع الإمكانيات والمقومات الاقتصادية لرفع الضرر عن قطاع الاعمال السعودي وتعزيز صموده امام الجائحة العالمية وعلى المستوى العام فقد اتخذت الدولة بعض الإجراءات المؤلمة لكنها للصالح العام حتى يتعافى اقتصادنا تدريجيا وبصورة سريعة ، منوها بالحزم المالية التحفيزية التي أطلقتها الدولة لتخفيف العبء الاقتصادي والتي تقدر بقيمة 177 مليار ريال إضافة الى تعافي أسعار النفط التدريجي، معرباعن امله في ان تعيد كل هذه العوامل الوضع الاقتصادي المميز للمملكة بصورة أسرع وأقوى وتخطى هذه الازمة ومواجهة أي مخاطر اقتصادية مستقبلية ، لافتا الى هناك مؤشرات حديثة قد ظهرت بالفعل تؤكد توجه اقتصادنا المحلي للازدهار التدريجي منها تقرير وزارة الشؤون البلدية والقروية حول مؤشرات ازدهار المدن التي أكدت على تقدم مستوى الإنتاجية، البنية التحتية، الاندماج الاجتماعي وجودة الحياة في معظم مدن المملكة ، مضيفا انه بالرغم من أن قطاع السياحة في المملكة كان من أبرز المتضررين إلا أن نسبة معدلات إشغال الفنادق والوجهات السياحية منذ بداية رفع الحظر وبدء موسم الصيف ارتفع إلى 80 %.
كما ان المطلع على تقرير الهيئة العامة للإحصاء للربع الأول لعام 2020 ،يجد انخفاض البطالة للسعوديين الى 11.8 % ، لافتا الى ان لدى الحكومة تطلعات وخطط مستقبلية استثمارية جريئة سوف يكون لها أثر اقتصادي إيجابي على المدى القريب ، مما سيساعد على تخطي الازمة، فقيمة الاستثمارات التي اقتنصها صندوق الاستثمارات السيادي للملكة بقيمة 37 مليار ريال سعودي في 26 شركة عالمية في مجال الطاقة والتقنية ، تعتبر خطوة فعالة للتعافي السريع من الازمة الاقتصادية ويرى ان من المفيد في المرحلة القادمة تقديم الاستشارات وتوعية القطاع الخاص للاستفادة من برامج التحفيز التي أطلقتها الدولة وتسهيل فرص استثمار القطاع الخاص في المناقصات الحكومية ومشاريع التنمية للدولة، حتى يتمكن القطاع الخاص من التعافي السريع، وإعادة ترتيب اقتناص الفرص الاستثمارية الحالية ومراجعة نماذج الأعمال، وطرق الإدارة والتشغيل وتغيير المجالات والأنشطة.
تداعيات الجائحة
ومن وجهة نظر عقارية متخصصة يرى الدكتور عسكر الميموني الخبير الاقتصادي المعروف ان المجال العقاري بانواعه من اراض وعقارات قد تاثر بتداعيات الجائحة العالمية والملاحظ الان ان هناك انخفاضا كبيرا في الاراضي المملوكة في المخططات المعتمدة وفي اسعار الفلل والقصور وايجارات الشقق السكنية، منوها بتوجيهات سمو ولي العهد الامير محمد بن سلمان التي تقضي باهمية معالجة خلل تشوهات سوق العقار بانواعه ومكافحة الفساد والتستر العقاري. الا ان سعيد البسامي نائب رئيس اللجنة الوطنية للنقل ورئيس لجنة النقل البري في غرفة جدة، يعتقد انه كان لكورونا نتائج كارثية على الاقتصاد العالمي وذلك في مقارنة بالكساد العالمي في 1929 والازمة المالية العالمية في 2009، نتيجة طول فترة الاغلاق وتدهور اسعار النفط الى مستويات غير مسبوقة، مؤكدا ان ذلك يضر بالمستهلكين والمنتجين معا حيث ان الخسائر المتوقعة تتجاوز 9 ترليونات دولار مع انكماش اقتصادى تبلغ نسبته حوالى 5 % على اقل تقدير.