فرضت جائحة كورونا على جميع الدول البحث عن طرقٍ جديدة ومبتكرة لمواصلة العملية التعليمية خوفاً من انتشار فيروس (كوفيد – 19) بين الطلاب، ومن ثمَّ نقل العدوى إلى بيوتهم وعائلاتهم، وبالتالي تفشي الجائحة بين معظم أفراد المجتمع!! وكان الخيار الأنسب والأمثل خلال الفصل الدراسي الثاني هو استكمال العام الدراسي عبر نظام التعليم عن بعد؛ حتى لا يضيع عام من حياة الطلاب دون مسوغ!
والآن ومع استمرار أزمة جائحة كورونا تُطرح أسئلةٌ كثيرة من قبيل: ما مدى نجاح تجربة التعليم عن بُعد خلال الفصل الدراسي الماضي؟ وما العقبات والتحديات التي واجهتها؟ وما جدوى العملية التعليمية وفق هذه الطريقة؟ وهل تم تدريس المناهج الدراسية المقررة للطلاب بشكل فعَّال؟ وهل فهم كل الطلاب محتوى ومضمون هذه المناهج؟! وهل يمكن تطبيق نفس التجربة خلال العام الدراسي القادم في حال استمرار الجائحة؟ وما مدى جاهزية أنظمتنا التعليمية لذلك؟! وهناك من يوسع دائرة البحث ويتساءل: هل يمكن أن يصبح التعليم عن بُعد، أو التعليم الإلكتروني وتقنياته خيارًا مستقبليًّا، وليس مجرد بديل نلجأ إليه في الحالات الاستثنائية الطارئة؟!!
في الواقع يؤكد كثير من الخبراء والمتخصصين أن العالم بعد أزمة كورونا لن يكون كما كان قبلها، وهذا الكلام ينسحب ولا شك على التعليم، وبدهي أنه لا يمكننا الاستغناء عن التعليم بشكله التقليدي وحضور التلاميذ والطلاب إلى المدارس ومقابلاتهم مع معلميهم وأقرانهم، وقيامهم بكافة الأنشطة التربوية الصفيَّة واللاصفيَّة، ولكن أوضاع التعليم في الظروف الاضطرارية لابد أن تتغير، ولابد أن يُستفاد من التقدم التقني وثورة الاتصالات التي تعيشها البشرية في مواصلة سير العملية التعليمية عن بعد في حال أعاقها أمرٌ ما مثل جائحة كورونا.
لكن أمر التعليم عن بُعد ليس بهذه السهولة ولا بهذه البساطة التي يتخيلها البعض، ففي الوقع فإن العملية التعليمية عملية مركَّبة، ولا تقتصر فقط على تلقي المعلومات، بل كي يتكامل نمو مختلف جوانب شخصية الطالب لابد من الاهتمام بها بشكل متوازن، وألا يقتصر الأمر على تلقين المعلومات فقط، والسؤال هنا: هل تتكامل العملية التربوية عن طريق التعليم عن بُعد؟ أم أن هناك قصورًا ما في ذلك؟ ورغم أن المسألة لا تقتصر فقط على الجوانب التقنيَّة وتوافر اتصال سريع بالإنترنت لجميع الطلاب إلا أن هذا السؤال مهمٌّ وحيوي:
فهل تتهيأ لكل طالب فرصة الاتصال السريع الآمن بالإنترنت في معظم الأوقات؟ وهل يتجاوب الطلاب في مختلف المراحل الدراسية مع عملية التعليم عن بُعد؟ هل بالفعل يحضر الطلاب إلى الفصول الافتراضية ويتابعون دروسهم وواجباتهم المدرسية بانتظام؟ وهل يقوم المعلمون بدورهم التربوي والتعليمي على أكمل وجه خلال التعليم عن بُعد؟ وماذا عن تدريس وتعليم المواد العملية التي تحتاج لممارسة فعلية كتجارب العلوم ومواد الكمياء والأحياء والفيزياء؟ وماذا أيضًا عن حصص التربية الفنية والرياضية وغيرها؟ هل يُكتفى فيها بالعالم الافتراضي؟ ومن يضمن محاكاة الطلاب لما يجدونه في هذا العالم لتتم العملية التعليمة بشكلٍ جيد؟!! والسؤال الأخطر والأهم ماذا لو استمرت جائحة كورونا؟! هل من المنطقي أن نخاطر بأرواح ملايين الطلاب؟!
Osailanim@yahoo.com