متابعات

شروخ نفسية وتصدعات اجتماعية على جدار كورونا

جدة – ياسر بن يوسف

هناك شبه اجماع واتفاق تام بين الدراسات النفسية والاجتماعية وبين العلماء والأطباء والكتاب على التاثيرات البالغة لجائحة كورونا في الحياة سواء على مستوى عام ، أو على صعيد حياتنا الشخصية بما تحدثه من عزلة وقلق واكتئاب واضطرابات نفسية حيث تشير الدراسات إلى تأثُّر البعض بالقلق والعزلة جرّاء فيروس كورونا والى زيادة ملحوظة في الخلافات الزوجية على صعيد على العلاقات الأسرية بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي وتوقف الأنشطة الترفيهية المعتادة، كالذهاب للمطاعم والملاعب الرياضية التي كانت تساعد في التغلب على الضغوط النفسية الناجمة عن ضغوط العزلة اثناء فترة الإغلاق والحجر المنزلي، فضلا عن الشروخ النفسية والاجتماعية للجائحة وتصدعاتها العميقة من عنف منزلي على الازواج والاطفال وارتفاع حالات الطلاق.

دراسة مسحية للآثار النفسية للجائحة
وربما لهذه التداعيات ،وقّع المجلس الصحي السعودي اتفاقية شراكة مع جمعية شارك للأبحاث الصحية والمجتمعية؛ لتنفيذ مشروع دراسة مسحية للآثار النفسية لجائحة كورونا على المجتمع السعودي، وبناء نظام لرصد مؤشرات الصحة النفسية خلال الجائحة بدعم من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.


والى ذلك أكد أمين عام المجلس الصحي السعودي الدكتور نهار العازمي أهمية تنفيذ مشروع الدراسة المسحية للآثار النفسية لجائحة كورونا، والعمل مع الجهات ذات العلاقة لتبني الدراسة وتحويلها لمرصد وطني للصحة النفسية، وتهيئة البنية التحتية لحفظ ومشاركة البيانات الناتجة عن المشروع وإتاحتها للباحثين حسب المعايير الأخلاقية المنظمة لذلك في مركز البحوث والدراسات الصحية الوطنية، إضافة إلى الإشراف على عملية النشر والتواصل المتعلقة بمخرجات المشروع، ووضع التوصيات والتواصل مع الجهات المعنية بخصوص نتائج المشروع بالتوافق مع جمعية شارك للأبحاث الصحية والمجتمعية، والاستفادة من الإمكانات التي تمتلكها في المجالات التي تشملها هذه الاتفاقية، ما يسهم في تطوير الخدمات الصحية المقدمة في المملكة.

ومن جانبها، أكدت نورا الثميري المدير التنفيذي لجمعية شارك للأبحاث الصحية والمجتمعية حرص الجمعية على بناء شراكة إستراتيجية مع المجلس الصحي السعودي للإسهام في دعم المشاريع المسحية الوطنية بالبيانات عالية الجودة التي تساعد على عملية اتخاذ القرارات، وتطوير مخرجات هذا المشروع وتحويلها لأنظمة وطنية مع الجهات ذات العلاقة، والسعي لخدمة الوطن عبر تنفيذ الأبحاث العلمية وبأعلى المعايير العالمية.

وفي السياق اعتبر الدكتور ابوبكر باناعمة استشاري الطب النفسي، المشروع بانه يمثل اهمية وطنية للباحثين والاطباء والمجتمع في معرفة الكثير من اسرار هذه الجائحة من الجانب النفسي ، لافتا الى أن الأطباء وعلماء النفس حذروا منذ انتشار الجائحة من آثارها على الصحة النفسية للأفراد، حاضرا ومستقبلا، ودعوا إلى مراقبة آنية للحالات النفسية لفئات مجتمعية بعينها ، كما قاموا بمقارنات للحالة النفسية لعدد من المجتمعات والأفراد ما قبل كورونا وما بعده، فاكتشفوا أن الوباء غيّر من خارطة الصحة النفسية في العالم، مشيرا الى ان تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان :“الإغلاق هو أكبر تجربة نفسية للعالم” ، كشف عن أن العالم اليوم يعيش أكبر اختبار نفسي على الإطلاق ، فيما أكد التقرير أن أزمة كورونا ستظهر تداعياتها النفسية على العديد من السكان بعد مرور ما يقارب الثلاثة إلى ستة أشهر من انتهاء فترة الحجر، وأن سكان العالم سيواجهون العديد من المشاكل النفسية المتعلقة بالغضب والقلق بسبب عزلهم في المنازل وأنه لا يمكن الخروج من هذه الحالة النفسية إلا من خلال اهتمام الحكومات بالدعم النفسي للسكان خلال الأزمات وليس الاكتفاء بمعالجتها بعد الكوارث ن لافتا إلى أن دول العالم تسعى اليوم إلى بناء المستشفيات لكنها لا تسارع إلى بناء وحدات الدعم النفسي لمعالجة الآثار الوخيمة للجائحة، الأمر الذي ينذر بكارثة نفسية بعد انتهاء فترة العزل.

آثار “عميقة” للجائحة على الصحة النفسية
ويجيء رأي الدكتور محمد اعجاز استشاري الطب النفسي متفقا مع رأي الدكتور باناعمة من حيث ان المشروع يأتي بعد أن حذر الأطباء وعلماء نفسانيون من آثار “عميقة” لوباء كورونا على الصحة النفسية في الوقت الحاضر ومستقبلا ، لافتا الى ان مثل هذه الدراسات النفسية تشكل اهمية كبرى في كل الجوانب سواء في جوانب الابحاث او تطور الخدمات الصحية او دراسة خصائص وطبيعة الآثار النفسية التي يسببها المرض لافراد المجتمع ، مشيرا الى ان كافة المعلومات الخاصة بفيروس كوفيد من ناحية إنتشاره وطرق علاجه وغيرها من المعلومات هي نتاج وحصيلة البحوث العديدة في كثيرمن دول العالم وخاصة في الصين (موطن الفيروس) وعليه تكمن أهمية إجراء الدراسات والبحوث في مواجهة الجائحة ، فيما يجيء رأي الاستشارية النفسية الدكتورة هويدا حسن ، متسقا مع الآراء السابقة لناحية أهمية مشروع الدراسة المسحية للآثار النفسية لجائحة كورونا على المجتمع السعودي، وبناء نظام لرصد مؤشرات الصحة النفسية خلال الجائحة ، إذ أن ذلك يعطي من وجهة نظرها مؤشرات قوية لمعرفة الآثار النفسية التي ترتبت على هذه الجائحة .

ومن منظور الدكتوره ولاء الصباح ان جائحة كورونا اثرت على كثير من العلاقات الانسانية داخل الاسرة الواحدة. وكانت النساء اكثر المتاثرات نفسيا لطبيعتهن الرقيقه فهناك من السيدات من تعاني من رهاب نفسي من رؤية البشر بسبب احساسها انها يمكن ان تنتقل اليها العدوي دون ظهور اعراض علي الطرف الاخر فحبست نفسها دون خروج او رؤية اي بشر ومنهن من اصابها وسواس النظافه فاصبحت تتعامل مع الكلور والمطهرات تعاملها مع الماء. وهناك من اصبن بدرجات مختلفة من الاكتئاب نتيجة الحبسة والتقيد في الحركة والاعباء الاقتصاديه التي ترتبت على حالة الركود والعزلة التي فرضت وحتى الان ورغم رفع المنع وعودة الحياة الي طبيعتها مازالت كثير من النساء يعانين ويخشين حتى من الذهاب الى المستشفى للبحث عن علاج خوفا من العدوي. المستشار القانوني ماجد الأحمري عضو مبادرة تكامل للمعونة القضائية، يرى أن مثل هذه الدراسات العلمية مفيدة لصحتنا النفسية لأهمية العامل النفسي في حياتن وضرورة السيطرة على النفس تحت أحلك الظروف وذلك لما شوهد في فترة الجائحة من ترويج لشائعات لا اساس لها من الصحة، متمنيا تطبيق هذه الدراسة على شرائح المجتمع المستهدفة وصولا للنتائج المرجوة منها ولتوخي الحذرمن تداعياتها مستقبلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *