الدواء مطلب المريض للتعافي مما نزل به من ألم المرض. والطبيب المعالج يكون هدفة الأول ايضا هو الوصول إلى العلاج الذي به يمكنه التخفيف على المريض من ألم المرض والتعافي منه بإذن الله. نعم، الهدف الرئيسي من الرعاية الصحية، هو الوصول بالمريض الي حالة استقرار صحي وتلافي اية مشاكل صحية تواجهه حاضرا او مستقبلا، ويكون ذلك باستخدام الدواء المناسب لعلاج تلك العلة المرضية.
وأحب الاستشهاد هنا بما جاء في صحيح البخاري من حديث ابي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) انه قال: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً. وفي صحيح مسلم من حديث جابر قال: ان رسول الله قال: لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أَصَابَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ. وفي مسند الإمام احمد من حديث اسامة بن شريك عن النبي (صلى الله عليه وسلم) انه قال: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ (انتهى).
ونحن في خضم معركتنا الكونية ضد هذا الكائن غير المرئي والمسمى بفيروس كورونا المستجد، وجد العالم نفسه امام معضلة قوية متمثلة في كيفية معالجة الأعراض الشديدة التي تظهر على المصابين بالعدوى والمتمثلة في صعوبة التنفس ومن ثم تدهور حالته الصحية التي قد تؤدي إلى الوفاة! ونتيجة لذلك، بدأ البحث عن الترياق السحري الذي من خلاله يمكن التخفيف من اعراض الإصابة. فهناك من اقترح هذا الدواء وهناك من اقترح علاج اخر يجده افضل، ومع تلك الآراء المختلفة وأحيانا المتضاربة، نرى منظمة الصحة العالمية في حيرة من أمرها، فأحيانا توافق وأحيانا تسحب موافقتها.
وفي المقابل، تأتي شركات صناعة اللقاح، لكي تقول ان لديها الحل الفعال في إيقاف جائحة العدوى. في النهاية، نجد ان منظمة الصحة العالمية تعتمد دواء ديكساميثازون للتخفيف من اعراض جائحة كورونا لدي الإنسان (كانت تستخدم كحقن علاجيه للابل وغيرها من الانعام)! ..
صناعة الدواء تعتبر احيانا صناعة (نسخ ولصق)، بمعنى، تقوم المصانع الدوائية الشهيرة بإرسال التركيبات الدوائية في حاويات الشحن إلى مصانع أصغر وغير مشهورة، حيث يتم خلط المكونات حسب التعليمات المرفقة وتعبئتها في قوارير او علب كرتونية وتوزيعها في سوق الدواء، فتجد دواءً زهيد السعر واخر غالي الثمن، رغم أنهما يحتويان على نفس المركب الفعال و يستخدمان للتخفيف من اعراض نفس الداء! لماذا هذا الفرق في السعر؟ طبعا، هناك اسباب، اترك ذكرها للمختصين.
باختصار، من تجربتي المهنية في الرعاية الصحية، اجد ان سوق الدواء هي من الأسواق الرابحة جدا والتي تدر على اصحابها أرباحا طائلة. وهي أيضا، اكبر مشكلة تواجهها المؤسسات الصحية التي تقدم خدماتها في الرعاية الصحية، حيث أن تجارة الدواء تستنزف اكبر ما يمكن من مصروفات الميزانية المالية المخصصة للرعاية الصحية!
استشاري العدوى والمناعة
مستشفى مدينة الحجاج بالمدينة المنورة
drimat2006@hotmail.com