تحدثت في مقالي السابق عن أهمية ” الوعي المجتمعي” ودوره في مواجهة تحديات كورونا وكيفية تجنب التعرض لفيروسه الشرس الذي مازال يحصد ضحاياه إلى الآن في كل المجتمعات العالمية.
والواقع المؤلم أن يسهم غياب ” الوعي المجتمعي ” وعدم الشعور والإحساس بأدنى درجات المسؤولية لدى بعض الأفراد من المواطنين والمقيمين على حد سواء في العودة إلى الخلف وهدم كل الجهود المبذولة لتطويق كوفيد-١٩ ومحاصرته وعدم ترك أية ثغرة أو بيئة خصبة تمكّنه من التواجد في الحياة ، إذ عزت وزارة الصحة – في بياناتها الصحفية – خلال المؤتمر الصحفي الدوري تسجيل الإصابات بشكل مكثف خلال الفترة السابقة إلى سلوكيات البعض في عدم تطبيق الاشتراطات الصحية ومنها ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي مما ترتب عليه الكثير من المخاطر والمشاكل وأدى إلى إعادة النظر في كثير من الأمور وأهمها تطبيق فترات الحظر.
” نعود بحذر” هي قاعدة تجسد العودة إلى مناشط الحياة بالتزام المعايير الصحية وليس كسر قواعد التدابير الاحترازية ، فالعودة بحذر لا تعني رؤية البحر مع الأصدقاء بدون كمامة أو المصافحة باليد أو التعبير عن المحبة والاشتياق والغياب بالاحتضان ، فكل هذه السلوكيات الاجتماعية والإنسانية وإن كانت مسبوقة بحسن النية والعفوية إلا أنها قد تشكل مخاطر في اكتساب العدوى أو انتقالها إلى الآخرين ، فكما أوضحت في مقالي السابق أن الشخص الحامل للعدوى هو أخطر من ذلك الذي ظهرت عليه الأعراض ، فالأول قادر على نقل الفيروس بشتى الطرق ( العطس ، المصافحة ، الكلام المباشر ، سلام الاحتضان) إلى الآخرين ، أما الآخر الذي ظهرت عليه الأعراض فهو ملازم للسرير الأبيض وسط الدعوات بأن يشفيه الله ويرفع عنه البلاء.
وأؤكد أن قاعدة ” نعود بحذر” ساهمت في إعادة عجلة الحياة في معظم الدول التي بالفعل نجحت في السيطرة على كورونا ، والسبب عدم استهتارهم أو تساهلهم بالاشتراطات الصحية وتقيدهم بأبسط السلوكيات المجتمعية التي تمنع انتشار الفيروسات الممرضة بين أفراد المجتمع.
كما أن قاعدة ” نعود بحذر” أوجدت في سياقها معادلة التوازن بين مواجهة كورونا وبين تعزيز الأمور النفسية والشعور بالاطمئنان والاستقرار الذهني ، إذ أن كل ما تتطلبه هذه القاعدة هو الالتزام بأبسط الأبجديات الوقائية حفاظاً على سلامة الفرد والمحيطين به والمجتمع بأكمله ، فالمسؤولية في هذه المرحلة تغّيرت وتحولت بكل مفاهيمها ومعطياتها وسياقها وارتهنت على ” الوعي المجتمعي” لذا فأن العودة بحذر لابد أن يرافقها الوعي والإحساس بالمسؤولية حتى ننتصر على أشرس فيروس شغل العالم وتعود الحياة بأفضل مما كانت عليه بابتسامة مشرقة بروح الأمل والتفاؤل والإيمان بالله والدعاء بأن يرفع سبحانه وتعالى الوباء في أسرع وقت من كوكب الأرض ” إنه سميع مجيب”. وسلامة صحتكم.
shahm303@hotmail.com