جدة – ياسر بن يوسف
منذ انتشار جائحة كورونا وتطبيق العزل المنزلي بالتأكيد اختلفت العادات والسلوكيات الغذائية عند الأطفال، فخلال هذه الفترة بالطبع اكتسبوا بعض الكيلوجرامات الجديدة وخصوصاً مع غياب ابسط وسائل الرياضة التي تحتفظ على رشاقة الجسم.وكشف مختصون لـ” البلاد” أن ٧٠٪ من أوزان الأطفال قد زادت مع العزل المنزلي وعدم الاهتمام بصحة الجسم.
“البلاد” طرحت هذه القضية على طاولة المختصين في كيفية المحافظة على الوزن مع العزل المنزلي وكيفية التخلص من الكيلوجرامات الزائدة والمكتسبة من خلال السلوكيات الغذائية غير الصحية فأكدوا ضرورة الاعتماد على الاغذية الصحة والابتعاد عن السكريات والفطائر الدسمة. في البداية يقول أستاذ واستشاري الغدد الصماء وسكري الأطفال بكلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور عبدالمعين الأغا ، إن عادات أكل الطفل وكذلك نوعية الأغذية التي يتناولها تلعب دوراً في حدوث البدانة المفرطة على سبيل المثال أكله لكميات مفرطة من الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية بدلاً من الأطعمة الصحية والأكل أثناء مشاهدة التلفزيون، كما أن خدمة توصيل الأكلات السريعة للمنازل قد جعلت الأمر أسوأ لأن ذلك شجع الأطفال على تناول الأطعمة غير الصحية، بجانب الأكل غير المنتظم كماً ونوعاً أي استبدال الوجبات الثلاث بأخرى عديدة متفرقة خلال النهار والتي لا تحتوي على مكونات مغذية بقدر احتوائها على الدهون والسكر.
وأشار إلى أن أبرز التأثيرات الصحية الناتجة عن البدانة هي أمراض المرارة، أمراض الجهاز الهضمي، اضطرابات الدورة الشهرية، التشخير واختناق التنفس بالنوم، أمراض الشرايين وتصلب الشرايين، زيادة احتمال الإصابة ببعض أنواع السرطان، مرض السكري (النوع الثاني) غير المعتمد على الأنسولين، ارتفاع ضغط الدم، آلام المفاصل والأربطة.
ولفت إلى أن أبرز التأثيرات النفسية الناتجة عن البدانة هي الاكتئاب النفسي من نظرة الآخرين على أنه بدين، قد يؤدي إلى العداء والتصرفات غير المحببة، كما قد يؤدي إلى تأخر التحصيل العلمي، الإحساس بالنقص، اعتزال الزملاء والميل للوحدة، الإحباط، والخجل.
ونوه بأن علاج سمنة الأطفال يتم وفق خطط صحية تحت إشراف طبي تبدأ بالرياضة والحمية والعلاج السلوكي وإن احتاج الأمر وفق مرئيات الطبيب المعالج فقد يستوجب التدخل الدوائي والجراحي.
وحول الوقاية خلص إلى القول إنها تكون بطريقتين هما: اتباع البرنامج الغذائي الصحي والمتكامل الذي يعتمد على ضمان الحصول على جميع الاحتياجات الغذائية المهمة من جميع المجموعات الغذائية (الحبوب والفاكهة والخضروات واللحوم والحليب) في وجبات اليوم الكامل.
ثانياً: ممارسة التمارين الرياضية إذ تُعد دواء لكل داء، لأنها من أهم الطرق وأبسطها لحرق السعرات الحرارية، خصوصاً عند الأشخاص البدينين، ومن النصائح إجراء الرياضة لمدة 30 دقيقة يومياً، وخصوصاً مع العزل المنزلي في إطار المحاولة للحفاظ على الطاقة وخفض مخاطر الإصابة بالسمنة وتقليل تأثير الأمراض المرتبطة بها.
الرياضة البدنية
من جانبه يرى الدكتور خالد باواكد استشاري طب الأسرة والمجتمع ، أن بعض الأطفال بالتأكيد اكتسبوا بعض الزيادة في الاوزان خلال فترة العزل بسبب عدم ممارسة اي نشاط رياضي يمكّن الجسم التخلص من الدهون وحرق السعرات ، وبالتأكيد هذا مؤشر غير ايجابي لأنه يمهد لمضاعفات عديدة.
وأضاف ” المحافظة على الوزن المثالي لا بد أن تتوافق مع الطول عبر معادلة الطاقة المستهلكة أو المتناولة بالطاقة المصروفة أو المبذولة، وذلك يعد من أهم العوامل التي تقي الفرد من السمنة ومن بقية الأمراض المرتبطة بسوء التغذية، بجانب الانتظام في ممارسة الرياضة”.
وخلص باواكد الى القول “يتمتع الغذاء المتوازن بثلاث مواصفات أساسية، أن يشتمل على كافة العناصر الغذائية الأساسية كالبروتينات والكربوهيدرات والدهنيات والفيتامينات والمعادن والماء، ويتحقق ذلك بتنويع مصادر الغذاء مع التركيز على زيادة الكمية المستهلكة من الخضروات والفواكه، وأن يكون كافيا دون إفراط، أي أن تكون الكمية المستهلكة من الطعام موازية للطاقة التي يبذلها الجسم، أو على الأقل متناسبة معها، وأن يكون الغذاء نظيفا وصحياً “.
مخاطر السمنة
من جانبه يقول استشاري طب الأطفال الدكتور نصرالدين الشريف، أن نسبة ٧٠٪ من الأطفال بالتأكيد زادت أوزانهم خلال فترة العزل.
ولفت الى ان هناك اسبابا تجعل الأطفال يعانون من السمنة المفرطة وهي :أولاً : العوامل السلوكية على سبيل المثال، تناول الطعام بكميات كبيرة، وتناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية، وقضاء كثير من الوقت أمام الأجهزة الإلكترونية، وقلة ممارسة الأنشطة البدنية.
ثانياً العوامل البيئية ومنها سهولة الوصول إلى الوجبات السريعة، وقلة فرص ممارسة النشاط البدني.
ثالثاً: العوامل الوراثية إذ يكون الطفل أكثر عرضة لخطر السمنة عندما يكون أحد الوالدين على الأقل يعاني السمنة، ومع ذلك فإن الجينات لا تعني بالضرورة أن الطفل سوف يعاني زيادة الوزن، فهناك عدد من الخطوات التي يمكن للطفل اتخاذها لتقليل هذا الخطر.
رابعاً : الحالات الطبية: الحالات الهرمونية مثل: قصور الغدة الدرقية، زيادة إنتاج الجلوكوكورتيكويد كما في متلازمة كوشينغ، ونقص هرمون النمو، ومتلازمة تيرنر، ومتلازمة داون.
والمح الى ان السمنة تعد من أخطر أمراض العصر، وحذرت من مخاطرها تقارير طبية عديدة، وبالرغم من ذلك لا تزال من أكثر المشاكل الصحية انتشاراً في العالم.
ونوه الشريف أن هناك الكثير من المضاعفات التي تترتب عن السمنة على المدى البعيد وهي ارتفاع ضغط الدم ، اختلال مستويات الدهون في الدم ، متلازمة الأيض، وهي حالة من مقاومة الأنسولين المرتبطة بارتفاع ضغط الدم، ومستويات الدهون الثلاثية المرتفعة، والسمنة ، داء السكري من النوع الثاني ، الربو ، آلام في الركبة، والفخذ، والورك، ألم في الظهر.
وحذر الشريف من زحف انتشار السمنة بين الأطفال خلال هذه الفترة مع العزل المنزلي وفي ظل عدم ممارسة الرياضة لذا يجب على الوالدين توجيه أطفالهم بضرورة ممارسة الرياضة.
تعليمات غذائية
وحول كيفية وقاية الأطفال من السمنة خلال العزل تقول استشارية التغذية العلاجية الدكتورة رويدا ادريس: لابد من اتباع التعليمات الغذائية، وتشمل تغيير السلوك الغذائي للطفل ، تعويد الطفل على عادات غذائية صحية ، الابتعاد عن استخدام طريقة المكافأة والعقاب بالطعام ، تجنب المشروبات المُحلية، والمشروبات الغازية ، تقليص عدد الوجبات السريعة الغنية بالدهون والسعرات الحرارية ، تجنب تناول الوجبات الغذائية أمام التلفاز أو شاشات الألعاب الالكترونية ، لارتباطها باستهلاك كميات كبيرة من الطعام، وبنهم سريع ، تشجيع الطفل ومكافأته عند التزامه بالعادات الصحية.
وأشارت إلى أنه إذا كان الطفل من محبي الحلويات، فيمكن تعلم طرق لصنعها في المنزل تجعلها قليلة الدهون والسعرات الحرارية ، وضرورة نصح الأطفال بمزاولة النشاط البدني يوميًّا لمدة ٣٠ دقيقة، على أن يكون من النوع متوسط القوة مثل لعب كرة القدم، أو السباحة، وحث الطفل وتشجيعه على القيام به.
ونوهت أن علاج الطفل السمين وراثيًّا فيكون بثلاثة خيارات علاجية رئيسة لعلاج السمنة الوراثية وهي: التدخل في نمط الحياة، والعلاج الدوائي، والجراحة؛ حيث إن الهدف من هذه العلاجات هو إنقاص الوزن، والحفاظ على هذا الوزن على المدى الطويل.
وخلصت الى القول إنه ينبغي إلزام الطفل باتباع نظام غذائي لتخفيض وزنه من خلال طبيب تغذية علاجية فأن أفضل من حيث المتبعة والحصول على النتائج المرجوة.
التأثير النفسي
وعن التأثير النفسي للسمنة يقول إستشاري الطب النفسي الدكتور ابوبكر باناعمة: يتأثر الطفل نفسياً عندما يواجه انتقادات من الآخرين بأنه وزنه زاد واصبح سميناً وقد يواجه كلمات تجعله في حالة نفسية يرثى لها مثل يا دبه ، ويا تخين ، ويا مدرعة ، وغيرها من الكلمات التي تحبط معنوياته.
وأشار إلى أن دراسة دولية أوضحت أن الوزن الزائد الذي يتسبب بأمراض كثيرة لصاحبه، يرفع من احتمال إصابته بمرض الاكتئاب.