ونحن في المرحلة الابتدائية درسنا كيف نستنبت بعض المزروعات مثل البصل والبطاطس والفول .. الخ .. ومنذ ذلك الزمن انقطعت صلتنا بالزراعة والاستزراع او حتى استنبات بعض الورود والخضروات او الفواكه الخ.. ؟!
واثناء رحلاتي وسفراتي لبلدان ومدن حول العالم كنت اشاهد الورود والزهور الملونة وبعض زراعات الزينة تجمل وتزين البلكونات والشرفات وشبابيك المنازل والشقق واشاهد الصغار والكبار يهتمون بتلك الشتلات ويتولون تنسيقها وسقايتها بالماء .. تماما كما كانت تفعل جدتي ووالدتي رحمة الله عليهما .. في زراعة ورود الياسمين الابيض وورود اخرى لونها احمر تسمي ورد الليل .. حيث تتفتح مساءً .. انها نشاطات وطقوس وواجبات يومية يؤديها جميع افراد العائلة ..
يقول آرتي شاهاني .. احد المتخصصين في الزراعة وعلاقتها بالصحة النفسية للصغار والكبار .. يقول انه من الضروري جدا ان يتعود الانسان بصرف النظر عن عمره علي زراعة أي شيء حتى لو كان رمزيا في كأس ماء صغير او علبة بلاستيك .. بحيث يري جهده وهو ينمو ويكبر ويزدهر .. ويرى كيف ان الرعاية والعناية تؤتي اكلها ويكون لها مردود مجزٍ على الصحة النفسية للانسان بل يعتبر ذلك حافزا ودروسا لبني البشر بان الرعاية والعناية الموجهة تدخل السعادة في نفوس الاخرين .. ناهيك عن الفوائد الفورية والعظيمة الاخرى التي يجنيها الانسان من زراعة اي شيء بصرف النظر عن الحجم والنوع والمكون.
هذا ويمكننا القول ان الزراعة تعني الاهتمام والارتباط النفسي والروحي والذهني بشيء ما .. وترى نتائج هذه العناية والرعاية وهي تنمو وتكبر وتؤثر ايجابا على الصحة بصفة عامة حيث الخروج والاستمتاع بالهواء الطلق والتعرض للشمس وأشعتها الضرورية لامداد الجسم بفيتامين د ..الى جانب الكسب المادي وفرا او بيعا وشراءً.
ولدينا الفرصة هذه الايام .. ونحن معتكفون في منازلنا بعيدين عن مزاولة نشاطاتنا الحيوية وطقوسنا اليومية .. حيث نعمل عن بعد .. ونتعلم من منازلنا .. ونتبضع عبر التطبيقات بل نجتمع ونتزاور عبر لقاءات الفيديو المرئية ويتبقى لنا الكثير من الوقت .. يجب ان نستثمره ونقضيه في امر يعود علينا بالنفع والتاثير النفسي الايجابي علي صحتنا .. ودون تردد اقول لكم ومنذ اللحظة .. انها الزراعة المنزلية .. ابحث عن اي مكان تمارس فيه هذا النشاط .. ويمكن ان يكون سطح المنزل .. او الفناء .. او الشرفة .. او حتى على حافة الشباك من الخارج .. الامر المهم هو مكان خارج الغرف وتسطع فيه الشمس ..
ولكن كيف نبدأ ؟! .. البداية من جوجل محرك البحث العملاق .. تجد فيه كل معلومة لبداية ناجحة من اختيار المكان وتوفير الاسلوب الامثل الملائم للزراعة التقليدية او المائية والمواد المغذية للنبات وطرق العناية بالتهوية والاضاءة واختيار البذور بعناية من اجل حصاد وفير ..الخ
وهنا يأتي دور الابوين في تحفيز افراد العائلة ليصبحوا اختصاصي فلاحة الشبابيك او مزارعين كل منهم له شتلة او غصن ورد .. وتنطلق المنافسة في عمل عائلي يدخل البهجة والحبور في قلوب الاسرة كلها .. ومن يدري لربما سيأتي اليوم الذي سيكون لك فيه حقل او مزرعة على سطح منزلك .. ومن هناك ستنطلق الى مزرعتك العملاقة التي تمون الحي الذي تسكن فيه او القرية او حتى المدينة التي تعيش فيها .. وستباهي الكون بانتاجك.