سخرت الهيئة الملكية لمحافظة العلا التقنيات الرقمية لتوفير جولات في العالم الافتراضي للسياح في مختلف أنحاء العالم عبر الانترنت، لاستكشاف تلك الأماكن، والاستمتاع بمشاهدة ثراء إرث العلا، خلال فترة تواجدهم في المنازل، وذلك عبر المعارض الرقمية التي تستخدم تقنية ثلاثية الأبعاد.
ويأتي ذلك في إطار جهود الهيئة الملكية لمحافظة العلا، لإتاحة الأماكن الأثرية، والتعرف على التاريخ العريق لمحافظة العلا، ومع الظروف الحالية التي تفرضها جائحة “كورونا” في العالم، إذ أطلقت الهيئة في شهر ديسمبر 2018، برنامجاً للمسح الأثري والتراثي في محافظة العلا بالتعاون مع “مؤسسة فن جميل” لتعلّم كيفية استخدام أحدث تقنيات المسح الأثري، التي تسمح بإعادة إنشاء نسخ رقمية دقيقة ونماذج ثلاثية الأبعاد لتفاصيل التراث الصغيرة غير المنقولة مثل النقوش، وكذلك المعالم والمباني الكبيرة، من أجل بناء نماذج من المواقع التاريخية غير المفتوحة للزوار، والحفاظ على تراث العلا.
وبعد انتهاء عملية النسخ تأتي خطوة توفير تجربة افتراضية عبر موقع إلكتروني لـ “المتحف الحي” باستخدام العدسات الرقمية ومقاطع الفيديو 360، حيث سيتمكّن المتصفحون عبر الانترنت في كل أنحاء العالم من الاطلاع والاستمتاع بجولة في العالم الافتراضي لاستكشاف الأماكن الأثرية والتعرف على التاريخ العريق لمحافظة العلا، وذلك عبر المعارض الرقمية التي تستخدم تقنية ثلاثية الأبعاد. وهذا ما تعمل الهيئة الملكية لمحافظة العلا على تحقيقه في الفترة القادمة.
وفي العام 2018، استفاد من التدريب 15 شاباً وفتاة من أبناء العلا، حيث أتيحت لهم الفرصة لاكتساب مهارات رقمية جديدة في مجال المسح التصويري.
وفي المرحلة الثانية من برنامج التدريب التي عُقدت في العام 2019، استفاد الشابان عبد الرحيم صقير، وجوهرة البلوي من أسبوعين تدريب مكثف في إسبانيا لاكتساب أهم المهارات تمكّنهم من استخدام أحدث تقنيات القرن الواحد والعشرين في توثيق التراث، وهو المسح التصويري.
كما استفادا من من تجربة فريدة ومثيرة للغاية، حيث تعلّما أحدث أساليب المسح التصويري، وكيفية استخدام البرامج المخصصة لهذه التقنية الرائعة، وهذا ما أثار شغفهما في الاستمرار والتوسع في المجال من خلال تطبيق ما تعلموه في أرض الواقع، ومشاركة تجربتهم مع أبناء وبنات العلا، بالإضافة إلى المهارات التي اكتسبوها في المسح التصويري، وذلك من خلال تقديم برامج ودورات تعليمية لتوعيتهم بكيفية استخدام هذه التقنية بالطريقة الصحيحة.
ونوّهت رئيسة قطاع التراث والآثار بالهيئة الملكية لمحافظة العلا ريبيكا فوت بمجهودات الهيئة في الكشف عن التراث الثقافي الاستثنائي والمحافظة عليه وحمايته والاحتفال به مع العالم، عبر برامج المسح الأثري ليصبح تراث العلا متاحًا عالمياً، بتسليط الضوء على ثقافات وممالك العلا القديمة وأهميتها من خلال التبادل الثقافي الذي حدث على مدى آلاف السنين.
وستسهم هذه المبادرة في التنمية الاجتماعية ونمو الاقتصاد التراثي في العلا، حيث أنه من ضمن أهداف الهيئة إنشاء مركز للتميز في المنطقة لتدريب أبناء العلا ومساعدتهم لاكتساب الخبرة وتوظيفها في مجتمعهم لتنمية المعرفة وخلق فرص واعدة، بهدف تطوير ساكني العلا والارتقاء بجودة حياتهم، وتحقيق الازدهار في منطقتهم، من خلال تنمية المجتمع الذي هو أساس الازدهار وبداية التقدم، وهو ما تحرص الهيئة الملكية لمحافظة العلا على القيام به، تماشياً مع أهدافها الاستراتيجية الاثني عشر المعلَن عنها في ميثاق العلا والتي تضع مواطني ومقيمي العلا ضمن أهم المشاريع التطويرية في المحافظة.
وتركز الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وهي الجهة الحكومية التي تأسست بموجب مرسوم ملكي في يوليو 2017، في أولوياتها على حماية وإعادة تنشيط محافظة العلا، المدينة التي تقع على بعد 1100 كيلو متر من الرياض، في الشمال الغربي للمملكة العربية السعودية، وتتضمن مساحتها الشاسعة التي تغطي 23،301 كيلو متراً مربعاً، وادياً من الواحات الخضراء، وجبالاً شاهقة من الحجر الرملي، ومواقع ثقافية قديمة تعود إلى الحضارتين اللحيانية والنبطية خلال الألفية الأولى قبل الميلاد. وتُعدُّ العلا من أول مواقع المملكة المسجلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو.
ومن مهام الهيئة الملكية لمحافظة العلا كذلك تنفيذ عملية التجديد والتنمية المستدامة في المنطقة .
وضمن المراحل الأساسية الأولية لعملية التطوير، يأتي برنامج المسح الأثري والتراثي لمحافظة العلا ليدعم مهمة الهيئة في حماية وتطوير المواقع التراثية والتاريخية في المنطقة والحفاظ عليها، وذلك تحقيقاً للتحول المستدام وتمكين الزوار السعوديين والإقليميين والدوليين من التعرف على ثراء إرث العلا الثقافي والتاريخي والطبيعي، وعلى الحضارات العربية في العلا.
ومن ضمن مسؤوليات الهيئة مسؤولية إدارة مسيرة تحول طويلة المدى في العلا لتصبح منطقة اقتصادية نشطة، من خلال إنعاش الاقتصاد وإطلاق مشاريع جديدة لتنمية مختلف المجالات، كمجال الآثار والسياحة والثقافة والتعليم والفنون، بالإضافة إلى إنعاش القطاع الوظيفي لتوفير فرص عمل جديدة والارتقاء بجودة الحياة في العلا، تماشياً مع الالتزام الطموح بتنمية المجالات في المملكة على النحو المحدد في رؤية المملكة 2030.