الدكتور إسماعيل محمد التركستاني
سادت في الآونة الأخيرة هواجس متباينة وشائكة حول لقاحات فيروس كورونا وذلك بعد أن فرضت هذه الجائحة العالمية نفسها على جميع أرجاء المعمورة وجعلت العالم أجمع يجلس على منصة القلق والحيرة حيث وجدت البشرية نفسها امام عدو غير مرئي، لا يمكن إيقافه إلا من خلال حل واحد فقط يتمثل في صناعة لقاح يستطيع إيقاف هجومه الشرس، حيث بدأت معامل الشركات الطبية تتسابق في ركض محموم من اجل إيجاد لقاح لهذا الوباء وذلك لأهداف قد يكون منها إنساني، وقد يكون السباق من اجل تحقيق الأرباح المادية والتي تقدر بمليارات الدولارات وخاصة في هذه المرحلة حيث يتطلع الجميع الى مثل هذا الحل السحري الذي تجد فيه الخلاص من هذا العدو الفتاك.
وفيما يتعلق باللقاحات فقد كانت لي تجربة سابقة في العمل ضمن فريق عمل صغير يعمل ضمن مجموعة كبيرة على مستوى القارة الاوروبية، وذلك خلال مرحلة دراسة الدكتوراة بجامعة جلاسكو الاسكتلندية، وسبقتها أيضا، مرحلة دراسة الماجستير في جامعة نوتنجهام الانجليزية، حيث انه وفي خلال تلك المرحلتين، كان جل عملي البحثي مركزا على دراسة اللقاحات سواء كانت على مرحلة مبكرة في التصنيع، أو مرحلة متقدمة مثل مرحلة كيفية تأثير تلك اللقاحات وتفاعلها مع الخلايا البشرية بكل انواعها داخل الجسد البشري. وعندما اتحدث الآن، سوف يكون حديثي مبنيا على خبرتي العلمية في هذا المجال.
نظرية المؤامرة
أقول بكل صدق إن اهم الاسباب التي دفعتني الى الكتابة عن هذا الموضوع، هو ما يدور حاليا من نقاش اعلامي على مستوى الشبكات الاعلامية العالمية، عن احتمالية وجود مؤامرة محاكة من قبل بعض رجال اعمال مؤثرين من دول امريكية واوروبية في السعي الخفي لصناعة ثروة مالية ضخمة عن طريق دفع حكومات الدول في البحث عن لقاح ناجع يخلص العالم من هذا الوباء الذي اثر على المجتمعات والاقتصاد العالمي.
صناعة اللقاحات
ولا شك أن هناك جانبا مشرقا للقاحات البشرية، حيث انها نجحت في التغلب على العديد من الكائنات الممرضة التي كانت سببا في العديد من الأوبئة التي فتكت بالبشربة، واسهمت في القضاء على مسببات تلك الأوبئة سواء كانت بكتيرية أو فيروسية. ومازال السباق قائما في هذا الشان وذلك للوصول إلى المزيد من اللقاحات التي يمكن من خلالها النجاح في إيقاف العديد من الأمراض الفتاكة مثل الإيدز. وكما ذكرت في بداية حديثي عن تجربتي في هذا الشان، فإن صناعة اللقاحات، بحاجة إلى مجموعات عمل كبيرة تتكاتف مع بعضها البعض في الوصول إلى افضل النتائج في صناعة اللقاحات، وليس العمل في هذا الشأن قائما على شخص واحد. وكما هو حال تفكير العديد من الباحثين الذين يتصورون أنهم فقط من يملكون الخلاص للعالم من هذه الجائحة وأن بيدهم افضل النتائج في صناعة اللقاحات وأنهم فقط من يستحقون الحصول على جائزة نوبل في هذا الشان، وهنا سوف اذكر لماذا هذا النوع من التفكير (الفردي) يعتبر تفكيرا فاشلا وغير مجدٍ.
الجانب المظلم
لن اتحدث هنا عن انواع اللقاحات سواء كانت بكتيرية او فيروسية او طرق صناعتها، فهذا جانب كبير جدا ويحتاج الى شرح قد لا يهتم به الكثير من القراء ولكن سوف اتطرق في حديثي الى ما شاهدته من قبل مجموعة العمل التي كنت من ضمنها وكانت تعمل جنب الى جنب مع مجموعات عمل اخرى تتوزع في العديد من الدول الاوروبية حيث كانت تلك المجموعات تعمل على تطوير لقاح ضد السعال الديكي، وهو مرض مرتبط بالجهاز التنفسي. ولم يكن ذلك العمل فرديا وإنما عمل تقوم به مجموعات، تتوزع فيما بينها العديد من المهام التي ترتبط فيما بينها ولها علاقة مباشرة وغير مباشرة في تطوير ذلك اللقاح. والحقيقة أن عمل المجموعات والأجندة الموزعة فيما بين افراد المجموعة الواحدة بسبب أن اي لقاح يراد إنتاجه، له أيضا جوانب سلبية مخيفة في تأثيرها على العديد من وظائف الخلايا البشرية المكونة للجهاز التنفسي والمرتبطة أيضا بالعديد من أجهزة الجسد البشري الاخررى. واذا اردت ان تنتج لقاحا يمكن استخدامه من قبل الجنس البشري، لابد أن تدرس تأثيرات اللقاح على كل خلايا الجسد البشري ووظائفها، ومثل تلك الدراسات في الإنتاج والتطوير تحتاج إلى مجموعات عمل كبيرة وميزانية مالية ضخمة وخبراء في هذا الجانب العلمي ووقت طويل من العمل الدؤوب والمستمر، حتى الوصول إلى نتائج شاملة لكل ماله علاقة وارتباط مع هذا المنتج وخلوه تماما من اية جوانب ضارة على وظائف أجهزة الجسد البشري. وعند الوصول إلى تلك المرحلة من الأمان في النتائج، سوف تسجل له شهادات الاعتراف بأنه منتج آمن ويمكن استخدامه على نطاق الجنس البشري.
حقائق صادمة
وفيما يتعلق بلقاح كورونا أود أن أشير الى النتائج التي تم نشرها مؤخرا عن فشل لقاح كورونا الذي تم تصنيعه من قبل جامعة أكسفورد الشهيرة، حيث دلت النتائج الأولية على أن اللقاح فشل في حماية قرود التجارب من الإصابة بكورونا ونتيجة لمتابعتي للعديد من النقاشات الدولية حول هذا المنتج الذي تتسابق الدول مثل الصين وأميركا في إنتاجه، واذكر أن نتائج العديد من التجارب بشأن بعض الامراض الوبائية السابقة مثل (اتش1 إن1)، كشفت عن إمكانية الوصول إلى لقاح، ولكن متى؟ سوف نصل اليه، والإجابة عن هذا السؤال هو عندما يبدأ منحني الإصابات و الوفيات في الانحدار بمعنى، انخفاض معدلات الاصابة، واكتساب مناعة ذاتية من قبل كل فرد بالمجتمع وبالتالي اكتساب مناعة جماعية ضد فيروس كورونا ومن المعروف علميا، انه في حالة الوصول إلى تلك المرحلة، فذلك يعني، زوال تلك الجائحة وعدم قدرة الفيروس على إحداث أضرار فادحة كما كان في السابق. إذ أن استخدام اللقاحات الفعالة للقضاء على فيروس كورونا، سيكون متوفرا في وقت ليس له اية جدوى مؤثرة في إيقاف الفيروس غير انه سوف يكون مكلفا ماديا وانفاق أموال باهظة تثقل كاهل اقتصادات الدول وتزيد من ثروة أصحاب الشركات المنتجه للقاح.
السلالات الحية
عندما أعلن رئيس منشأة تعليمية عن نجاح مؤسسته التعليمية في عزل فيروس كورونا، أصابني الذهَول والخوف في نفس الوقت،لأن مثل هذا العمل أي (عزل الفيروس)، له اخطار محدقة وكبيرة جدا ومخيفة ايضا قد تنتج عنه، وخاصة إذا لم تكن هناك معايير جادة وخطوات عمل مدروسة بعناية فائقة من قبل مختصين وخبراء في هذا الشان حيث يحتاج مثل هذا العمل، التسجيل الدقيق والمتابعة المستمرة لكل خطوة من خطوات العمل وتسجيل اسم كل شخص قام او شارك فيه، وذلك لمتابعته مستقبلا حتى وان انتقل عمله الي مكان آخر فالقضية اكبر من نجاح عزل الفيروس، القضية قضية تمس الامن القومي والصحي محليا وعالميا، لا تهاون فيه ولا تفاخر لأن مثل هذا العمل بحاجة إلى تحقيق فوري وتدقيق من قبل الجهات المختصة وذلك للتأكد من سلامة العمل من اية اخطاء او اخطار محدقة في الحاضر او المستقبل.
خلاصة الأمر
على هذا الأساس أجد نفسي أقف امام هذه الحقائق التالية:
اولا: اي لقاح يخص جائحة كورونا ويكون إنتاجه خلال هذا العام، سوف توضع أمامه العديد من علامات الاستفهام وخاصة فيما يتعلق بطرق استخدامه الآمنة على صحة الفرد مستقبلا.
ثانيا: اي لقاح يخص جائحة كورونا، سوف يأتي الى العلن في فترة زمنية قد تكون فيها اعداد الإصابات والوفيات في انخفاض، وهذا يعني ان المجتمعات البشرية وصلت الى مرحلة المناعة الجماعية والتعافي من آثار الجائحة.
ثالثا : اي لقاح يخص جائحة كورونا، سوف يكون مكلف ماديا على خزينة الدول. ويكون مجرد لقاح لجائحة مرضية قد لا تعود مرة أخرى على نفس صورتها التي يمكن للقاح القضاء عليه.
استشاري العدوى والمناعة مستشفى مدينة الحجاج بالمدينة المنورة