البلاد – رضا سلامة
ظهر الاحتقان والتوتر المكتوم بين الجيش الإيراني والحرس الثوري إلى العلن، وسط تردد أجهزة الدولة في الانحياز إلى إحدى المؤسستين اللتين تتنافسان على النفوذ في البلاد، فبينما يسيطر الحرس على الأوضاع وينهب خيرات طهران لتغذية مليشياته المنتشرة في دول المنطقة ويعزز الإرهاب، تعالت أصوات داخل الجيش بعدم رضاها على سياسية “الثوري” الموالي للملالي.
وانتقد المساعد المنسق للجيش الإيراني، حبيب الله سياري، الأنشطة السياسية والاقتصادية للحرس الثوري، مشيرا إلى تجاهل أجهزة الإعلام الإيرانية للجيش، غير أن وكالة “إرنا” الرسمية حذفت انتقادات سياري للحرس بعد ساعات من نشرها، دون أي إيضاح، لكن بعض المواقع الإيرانية أعادت نشر نحو 14 دقيقة من الفيديو المحذوف، ما يشير إلى صراع عميق بين الجيش والحرس الثوري، ربما تؤدي إلى تفكك نظام الملالي.
وفي المقابلة المحذوفة، انتقد سياري الأنشطة السياسية والاقتصادية المتعاظمة للحرس الثوري، الذي يسيطر على اقتصاد إيران ويدين بالولاء للجناح المتشدد بزعامة المرشد خامنئي، مشددا على أن الجيش محروم من التدخل الأنشطة السياسية والاقتصادية، متسائلا: “هل يعني هذا أننا لا نفهم السياسة ؟ هذا ليس صحيحا. نحن نفهم السياسة جيدا”، کما انتقد القائد العسكري تجاهل أجهزة الإعلام الإيرانية للجيش، وضمن ذلك مؤسسة الإذاعة والتلفزيون والأفلام الخاصة، وقال إنه “بعد بث تصريحات خاطئة حول المياه الإقليمية لإيران وتقاعس الجيش، رفعتُ دعوى قضائية، وکتبت رسالة إلى رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، لكن لم يردّ أحد”. وأضاف “تُبين هذه الحالات أن شيئا ما وراء الكواليس، في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون نفسها”، في إشارة لتدخلات من قبل الحرس الثوري في التوجهات العامة للأجهزة الإعلامية.
ويتمتع الحرس الثوري بنفوذ أعلى من الجيش في إيران، ما ولد الصراعات بين الجانبين، إذ يسيطر الحرس على كافة الأنشطة السياسية والاقتصادية، ما خلق حالة من الاحتقان لدى قيادات وأفراد الجيش الذين يشعرون بالتمييز ضدهم في مواجهة الحرس الثوري، الذي يعد جهة فوق القانون في الداخل، كما أنها تدير الميليشيات العميلة للنظام في المنطقة، وتتطلع برسم سياسات وعلاقات الدولة مع الخارج.
وفي سياق خروقات إيران للعقوبات الأمريكية وامدادها بالنفط لنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الخاضع أيضا للعقوبات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، أمس، إن طهران مستعدة لإرسال سفن أخرى إذا طلبت كراكاس المزيد من الإمدادات من إيران.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي ترمب، حذرت الحكومات الأخرى والموانئ وشركات الشحن والتأمين من أنها قد تواجه عقوبات قاسية إذا ساعدت ناقلات تحمل وقودا إيرانيا إلى فنزويلا. وقال ممثل واشنطن الخاص بفنزويلا، إليوت أبرامز، إن “حملة الضغط التي تستهدف إيران وفنزويلا الخاضعتين للعقوبات الأمريكية تهدف إلى التأكد من إدراك الجميع أن تقديم المساعدة لهذه العملية ينطوي على مخاطر شديدة”، ما يؤشر إلى وقوع النظام الإيراني في مرمى مزيد من الضغوط تعمق أزمته الاقتصادية المتفاقمة وتحكم العزلة الدولية عليه، في ظل تصميم أمريكي على ردعه.