اليوم نحن نعيش .. حاضرا جديدا .. وجلب معه عيدا جديدا .. عيدا مختلفا عن اعيادنا التي تعودنا عليها .. عيدا بلا احضان .. ولا قبلات .. ولا تزاور .. ولا رؤية للاحباب والمعارف والخلان .. عيد طعمه جديد .. لا نقبله ولا نملك ان نرفضه .. لم نمارس عاداتنا في الاستعداد لاستقباله .. لم نتسوق لشراء الملابس والحلويات .. وحتي المفاجأة غابت في رؤية هلاله ـ صدفة ـ لاكتمال شهر رمضانه.
ومن قبله كان شهر رمضان مختلفا وجديدا .. لم نمارس طقوس لياليه في الصلاة والقيام في المساجد .. ولم نتذوق بليلة الشارع .. وكبدة البسطات ..
وفي ليلة العيد .. ادركت وتأكدت ان الانسان كائن بشري خارق القوي .. منحه المولي عز وجل قدرات وطاقات هائلة تجعله سريع التأقلم والمواءمة والمعايشة في كل الظروف والاحوال .. يمارس طقوس حياته ويكيف بيئته ومحيطه .. ويصنع سعادته بعقله ووعيه وارادته وادواته .. ولن يكون هناك عائق يمنعه من الاحتفال بالعيد ـ بسبب التباعد الاجتماعي او الحجر الصحي ـ
نحن جيل اكتشف الفانوس واللمبة واكتوي بلهيبهما .. وكان لرائحة الجاز طعم في وجداننا وخلجاتنا .. ولكن استطعنا ان نوظف التكنولوجيا ووسائط التواصل الانساني لاحتفالاتنا بالعيد .. بعد ان كان البعض يمقتها لسوء استخدامها الا ان التكنولوجيا مكنتنا من ان نتعايش ونتزاور وندردش بالصوت والصورة مع احبابنا واصدقائنا وانهالت التهاني الهاتفية علينا .. ورسائل العيد الالكترونية تعبر عن دفء مشاعرنا .. بل اصبحت كلمات وصور واغاني وموسيقي وابتهالات ورسوم والوان بديلا للتزاور والزيارات .. وامتدت المعايشات علي مدار الساعة ..
هذا وبالرغم من ان الاحتفال عن بعد .. حرم اطفالنا واحفادنا من اللبس الجديد .. وحلوى العيد ونقود العيدية لشراء دجاجة بلاستيكية تبيض كما كان يفعل جيلنا .. الا انني اغبطهم لانه لديهم شاشة علاء الدين السحرية يستحضرون احلامهم وامانيهم واحتياجاتهم .. وبلمسة اصبع يشترون الديك الذي يبيض ذهبا. فهل هم اكثر سعادة لانهم يملكون الكون بين اصابع ايديهم .. ؟!
واخيرا .. فان جيلنا ادرك واجاد اللعب مع تحديات اليوم من خلال الشاشة السحرية .. وتعامل وتفاعل بمهارة واصرار مع الحاضر الجديد واستطاع ان يصنع عيدا جديدا مختلفا عن كل الاعياد ..
وكل عام وعيدكم جديد .. مع فجر مشرق جديد.