كتب جابريل جارسيا ماركيز عن الحب في زمن الكوليرا، في زمان كان الحب فيه أحد أكبر الغايات دنيويا، وفي هذا الزمان أصبحت عودة الحياة لملاعب كرة القدم هي الغاية الكبرى؛ كونها المتنفس، وباعتبارها الرياضة الأكثر شعبية في جميع أنحاء العالم حيث انتقلت من كونها رياضة الفقراء الى رياضة البشرية عامة، ومولدة لحظات مهمة داخل وخارج الملعب وآثارًا اجتماعية وثقافية ونفسية وسياسية وتجارية وجمالية للعالم أجمع، وتاريخا مليئا بالأحداث التي غيرت تنظيمات ومعاني.
مع عودة الدوري الألماني لم تعد كرة القدم فقط ، ولكن عادت ايضاً كرة القدم المالية ، فقد أصبحت اللعبة تجارة كما هي رياضة وطغى هذا الجانب على الجانب الرياضي جاعلاً عودتها حتمية حتى في ظل وجود جانحة مثل الكورونا ، فأصبحت حقوق البث تمثل 50% من مداخيلها ففي الدوري الإسباني تحدث خافيير تيباس بالفعل عن خسارة لا تقل عن 150 مليون يورو في 9 أبريل وأن نهاية الموسم في وقت مبكر يمكن أن يكلف” لاليجا” خسائر تصل إلى مليار يورو ، بما في ذلك حوالي 600 مليون يورو في أموال التلفزيون وأعلنت أندية عن تخفيض مؤقت لرواتبها ، وفي الدوري الإنجليزي إذا تم إنهاء الموسم فسيتم فقدان 1.25 مليار يورو ، 800 مليون يورو من أموال التلفزيون وفقا لرئيس الدوري الممتاز ريتشارد ماسترز خاصة أن مفاوضات الأندية مع لاعبيها حول تخفيض رواتبهم صعبة، وفي الدوري الفرنسي مع إنهاء الموسم، خسر الدوري الفرنسي حوالي 400 مليون يورو، كان نصفها سيأتي من إيرادات التلفزيون وفقا لتقارير وسائل الإعلام، وسيتم تهديد ما لا يقل عن ثلث الأندية بالإفلاس ، وربما يختلف الأمر لدينا مع الاعتماد على الدعم الحكومي للعبة، واختلاف ثقافة التعاطي مع التغيرات الخاصة باللعبة.
هل ستتجاوز اللعبة عالمياً تأثيرات هذه الجانحة؟ وهل ستعود اللعبة كما كانت ماليًا؟ وهل ستتأثر فنيًا كما تأثرت ماديًا؟ وهل يجب أن تلغى الدوريات لهذا الموسم أن تستمر ؟ وهل جميع التجارب متساوية ما بين الدول ؟ كل تلك أسئلة لايمكن لأي شخص الإجابة عليها حالياً ، ولكن الأمر المهم هو أن اللعبة كما تطورت من القرن 19 حتى اليوم ، سيشكل زمن الكورونا في القرن 21 منعطفاً مهماً للشكل الذي ستكون عليه اللعبة مستقبلاً.
بُعد آخر
مع متابعة مشاعر البشر في الكرة الأرضية قاطبة لعودة دوري لم يكن من أكثر الدوريات متابعة عالمياً، نتيقن أن كرة القدم اليوم أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى.
@MohammedAAmri
